خاص العهد
جماهير ونخب المغرب العربي ترفض التطبيع: لتوحيد الجهود
تونس - روعة قاسم
بعد وصول قطار التطبيع الى منطقة المغرب العربي وذلك مع اتفاق المملكة المغربية على تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، تزايدت المخاوف من ارتدادات هذه الخطوة على الساحة المغاربية وكذلك على مستقبل القضية الفلسطينية. اذ ارتفعت الأصوات في تونس وبلدان المغرب العربي مطالبة بالرد على هذه الخطوات التطبيعية مع الكيان الصهيوني، وذلك بتوحيد كل الجهود والتنسيق بين منظمات المجتمع المدني والأحزاب التقدمية للتصدي لهذا الخطر القادم.
واليوم تتجه الأنظار الى باقي دول المنطقة مثل تونس والجزائر وموريتانيا وليبيا وسط تساؤلات تُطرح حول مدى جهوزية هذه المجتمعات للتعامل مع هذا الخطر الداهم الذي يهدد الأمن القومي العربي.
الاتحاد العام التونسي للشغل سد منيع ضد التطبيع
ويُعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل في تونس احدى أهم المنظمات الوطنية العريقة والتي لها تاريخ عريق في النضال من أجل القضايا القومية والعروبية وفي مقدمتها قضية فلسطين. ويعوّل الكثيرون على دورها الريادي من أجل مقاومة خطر التطبيع وتشكيل جبهة وطنية قوية تمانع وتقف سدًا منيعًا ضد كل الاختراقات الصهيونية. فهي تملك تأثيرًا كبيرًا على الطبقة السياسية في تونس التي تحسب لها حسابًا قبل اتخاذ أية قرارات مصيرية. و
الوحدة في وجه المد التطبيعي
من جهته أكد أنيس الخليفي مدير مؤسسة لقاء للثقافة والفنون العربية في تونس وعضو التنسيقية التونسية للتصدي لمنظومة التطبيع لـ "العهد" أن نجاح الصهاينة في استقطاب المغرب بعد البحرين والامارات وبعد هذا التطبيع المخزي للحكام العرب، لا بد من التحرك وبالسرعة القصوى للرد على هذه الخطوات التطبيعية، مضيفًا "ليس هناك من حل سوى بتوحيد كل الجهود والتنسيق بين منظمات المجتمع المدني والأحزاب العروبية والمنظمات الوطنية للتصدي لخطر التطبيع. اذ لا يمكن مواجهة هذا المدّ التطبيعي في المنطقة خاصة في المغرب العربي الا بتكاتف كل الجهود".
وتابع محدثنا: "أعتقد أن خطر التطبيع صار على تخوم بلداننا لذلك لا بد من صحوة كبيرة والعمل الجدي المتواصل وبكامل الطرق المتاحة لمواجهة المد التطبيعي. وحان الوقت لتكوين جبهة ولا مجال للعمل الفردي والمرتجل، بل يجب تكاتف الجهود ورصّ الصفوف ومواجهة هذا الخطر بشكل جماعي وبطريقة منظّمة. فالمغرب الذي فشل في دعم وانجاح مسار وحدة المغرب العربي، يهرول الآن للتطبيع مع الصهاينة في خطوة يعتقد أنها ستحلّ مشاكله الاقتصادية ولكن وبالها على المنطقة أكبر بكثير من فوائدها إن وُجدت".
أما صبري الثابتي المحامي والناشط الحقوقي والباحث في المركز المغاربي للدراسات والبحوث فأعرب لـ "العهد" عن أسفه لما وصلت اليه الأمة العربية والإسلامية من انحطاط اخلاقي بعد أن باتت أنظمتها تهرول وتسارع الخطى باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني. وأضاف "التطبيع يحاصرنا في كل مكان، لقد كان في منطقة الشرق الأوسط ثم انتقل الى الخليج العربي والآن هو في المغرب العربي، وعلينا أن نستعد للمعركة القادمة لأن تونس لن تكون بمنأى عن هذه التحركات".
ونوه الى انه "رغم أن الخضراء ليس فيها نظام ممانعة بكل ما للكلمة من معنى ولا تمتلك ثروات كبرى وبحاجة للدعم المالي من الصناديق الدولية، الا انها قادرة على الصمود في وجه هذا التطبيع بمجتمعها المدني القوي الذي لديه تأثير كبير على الدولة وقادر على التحرك لردع الحكومة على السير قدما والهرولة نحو التطبيع. كما أن الشعب التونسي شعب مناضل ومقاوم لكل مشاريع الهيمنة والامبريالية العالمية ولا يقبل بالذلّة والمهانة بأي حال من الأحوال واذا اقترب قطار التطبيع من تونس، فالأكيد أن الشارع التونسي سينتفض على أية حكومة أو أي طرف سيفكّر بالتطبيع مع الكيان الصهيوني".
فاليوم تواجه دول المنطقة معركة حقيقية بامتياز في هذه الفترة المصيرية الأضعف وتبدو فيها تونس والجزائر وليبيا وموريتانيا بحاجة الى تحصين جبهتها الداخلية من أجل عدم اضعافها واخضاعها واركاعها اقتصاديا حتى تقبل بالتطبيع والمهانة.