خاص العهد
فلسطين في مناهج التعليم اللبنانية: قرار ظرفي أم تعميم دائم؟
مهدي قشمر
بينما تتسابق الدول العربية لشرعنة علاقاتها مع الاحتلال، اختار وزير التربية والتعليم في لبنان طارق المجذوب التغريد خارج السرب، فأصدر تعميمًا لكافة الثانويات والمدارس بتخصيص حصة تُركّز على شرح القضية الفلسطينية وأهمية مقاومة التطبيع.
ادريس: تعميم وزير التربية يجب أن يكون ثابتًا
رأى رئيسُ تحرير مجلة الآداب والعضوُ المؤسِّس لحملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان الدكتور سماح إدريس أنّ قرار وزير التربية اللبنانيّ، طارق المجذوب، تخصيصَ حصّة دراسيّة عن مقاومة التطبيع والقضيّة الفلسطينيّة ضروريّ، ويجب أن يكون أمرًا ثابتًا، وليس نتيجةً لـ"مناسبة" بالضرورة أو من قبيل "التضامن" مع الشعب الفلسطينيّ. فالقضيّة الفلسطينيّة لا تحتاج إلى "مناسبات" لدعمها، كما يقول، ولبنان ينبغي ألّا يكون محضَ "متضامنٍ" معها (كما جاء في صيغة قرار وزير التربية) لأنّ الصهيونية عدوّ أصيلٌ للبنان والوطن العربيّ والإنسانيّة جمعاء، لا عدوُّ فلسطين وحدها.
وإذ نوّه إدريس بخطوة الوزير على الرغم من أنّها أتت ناقصة، فقد أضاف: "مع تقديري لمعالي الوزير، فإنّني أسأل: لماذا أتت هذه الخطوةُ متأخّرةً؟ ولماذا جاءت والحكومةُ الحاليّةُ على باب قوسين أو أدنى من الرحيل؟"، لافتًا إلى أنّه من غير المعلوم إنْ كان الوزيرُ القادم سيُطبّق هذا القرارَ أو يمنعه أو يُغفله أو يؤجّله!
وعمّا اذا كانت هذه الخطوة تؤسّس لمرحلةٍ جديدةٍ في منهج التعليم اللبنانيّ، أشار إدريس إلى أنّ هذه الخطوة تحتاج إلى أن تُستكمَل بالتواصل الوثيق مع المدارس وكافّة أطراف العمليّة التعليميّة/التعلّميّة. وشكّك في ألّا تخضع، شأنَ أيّ خطوةٍ أخرى تتعلّق بالمقاومة والمقاطعة وفلسطين، لتجاذبات المؤسّسات الطائفيّة.
وطالب بوجود إجراءاتٍ أكثر صرامةً في المدارس لمقاومة التطبيع من نوع: عدم السماح بوجود أطالس أجنبيّة تورِد خارطةَ فلسطين على أنّها "إسرائيل"، أو وجود كتبٍ تتعاطف مع ضحايا النازيّة من دون الإشارة إلى أنّ بعضَ أبناء هؤلاء الضحايا وأحفادهم استَخدموا الهولوكوست النازيّة لكسب التعاطف مع احتلال فلسطين وتهجير شعبها.
وعند سؤال إدريس عن موقفه من إدخال عيد المقاومة والتحرير في مناهج التعليم اللبنانيّة، أكّد أنّ ذلك ينبغي أن يكون "أضعفَ الإيمان" احترامًا لتضحيات شعبنا وشهدائه ومهجّريه من جرّاء الاحتلال الصهيونيّ، وترسيخًا في الأذهان لعدوانيّته الدائمة. غير أنّه شكّك، من جديد، في إمكانيّة حصول ذلك لأنّ الوضع السياسيّ القائم في لبنان يفرض "إرضاءَ" جميع أطراف المنظومة السياسيّة-التربويّة-الطائفيّة الحاكمة. وهذا ما سيشكّل مادّةً إضافيّةً للخلاف بين هذه الأطراف، ما يؤدّي في المحصّلة إلى صرف النظر عنها. والنتيجة أنّ غالبية طلاب لبنان ستَجْهل تاريخَ الصراع مع العدوّ الإسرائيلي!
سكرية : كنّا نواجه تطبيعًا تربويًا في بعض المدارس الخاصة
من جانبه، قال رئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع الدكتور عبد الملك سكرية لـ"العهد": "إننا نطالب منذ سنوات طويلة بإدراج الخطر الصهيوني في المناهج التربوية اللبنانية".
ولفت إلى أنه أمام هذه المطالبات "وجدنا آذانًا صمّاء، خاصة أننا كنّا نواجه تطبيعًا تربويًا في بعض المدارس الخاصة، مع وجود كتب تتضمّن بوضوح خرائط اسرائيلية ومعلومات مُسيئة للمقاومة.
ووصف سكرية خطوة الوزير بـ"الإيجابية والممتازة"، معتبرًا أن ساعة دراسية واحدة عن فلسطين لا تكفي، آملًا أن يُؤسّس هذا الإجراء لمرحلة جديدة فيصبح لدينا منهجًا متكاملًا عن الصراع مع العدو الصهيوني.
وأضاف أن "بعض الداخل هم أعداء للبنان، نظرًا لأنهم بعتبرون أمريكا دولة صديقة، وهذا البعض لن يسمح بإدخال مفاهيم المقاومة الى المناهج التعليمية".
وشدد على أنه يجب تحصين الأجيال الصاعدة، متمنيًا أن تتطوّر لفتة الوزير وتنسحب الى الوزراء اللاحقين.
سماح ادريسوزارة التربية والتعليم العالي في لبنانحملة مقاطعة داعمي اسرائيلالجمعية الوطنية لمقاومة التطبيععبد الملك سكرية