خاص العهد
الإحتياطي ينفَد و"ترشيد" الدّعم يبدأ..السلّة المدعومة تتقلّص وهذه اللائحة الجديدة
فاطمة سلامة
باتت مقولة "رفع الدّعم" هاجساً يُلاحق اللبنانيين في يومياتهم. إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أشهر عن احتمال رفع الدّعم جرّاء نفاد احتياطي البنك المركزي من الدولارات شيئاً فشيئاً لم يَمر مرور الكرام. صحيح أنّ سياسة الدّعم الموجودة تخترقها الكثير من العِلل، إلّا أنّ رفعها دون وضع خُطّة بديلة يعني "إعدام" المواطن اللّبناني بكلّ ما تحمِل هذه الكلمة من معنى. ذلك المواطن الذي دفع ثمن السّياسات النّقدية "العوجاء" والهندسات المالية التي أجراها البنك المركزي، سيَجد نفسه أمام واقع "سوريالي" يبلغ فيه سعر صفيحة البنزين من 3 الى 4 أضعاف، وسعر ربطة الخبز ما يُقارب العشرة آلاف ليرة، وثمن علبة الدّواء –إن وجدت- أضعافاً مضاعفة، وأسعار السلع الغذائية فالتة من عِقالها، وكل ذلك وسط غياب نظام الحماية الإجتماعية.
بموازاة ذلك، يكثر الحديث هذه الأيّام عن "ترشيد" الدّعم، وسط عدم وضوح الرؤية حتى السّاعة في ما يتعلّق بالمواد الأساسية المدعومة (المحروقات، القمح، والدواء)، فيما بدأ ترشيد دعم السّلع الغذائية والحاجات الإستهلاكية الأساسية حيث جرى تقليص السلّة المدعومة لتقتصر على الأساسيات. وفي هذا الصّدد، يتحدّث مدير عام وزارة الإقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر لموقع "العهد" الإخباري، فيلفت بَدايةً إلى أنّ أموال المصرف المركزي باتت محدودة على "قدنا"، لذلك عملنا على ترشيد الدّعم أي تسليط الدّعم نحو الحاجات الأساسية. وفق أبو حيدر، جرى تخفيض اللائحة المدعومة حيث استبعدت بعض السّلع غير الضرورية كالنسكافيه (2 in 1) والكاجو وغيرها من المواد. وهنا يلفت أبو حيدر إلى أنّ مصرف لبنان كان قد فرز مبلغ ٢١٠ مليون دولار شهرياً لدَعم السّلع، اليوم باتت التكلفة بعد غربلة السّلع ٨٠ مليون دولار شهرياً، وبهذه الحالة بدل أن يكفي المبلغ المرصود للدّعم شهرين يستمر إلى أربعة أو خمسة أشهر.
خفّضنا لائحة السّلع بحدود الـ٦٠ بالمئة
ويشدّد أبو حيدر على أنّ التّرشيد يعني بأن تذهب الأموال للمكان الصّحيح وبالطّريقة الصّحيحة، موضحاً أنّنا خفّضنا لائحة السّلع بحدود الـ٦٠ بالمئة، لكنّ المتحدّث يشير إلى أنّه لم يتمّ استبعاد السّلع اعتباطياً بل بناء على دراسة أُجريت بلغة الأرقام لناحية البضائع المستوردة في أعوام ٢٠١٧، ٢٠١٨، ٢٠١٩ وقد زاد استيرادها أكثر عام ٢٠٢٠ حتى أصبح السوق مشبعاً بها، ما يمكّننا من إيقاف دعمها. تماماً كما أنّ هناك بعض المواد الأولية ببعض الصناعات الغذائيّة كان يتمّ دعمها دون انخفاض سعرها ما اضطّرنا لوقف الدّعم عنها.
سياسة الدّعم الحالية خالية من العدالة
ورداً على سؤال، لا يخفي أبو حيدر انتقاده لسياسة الدّعم المتّبعة، مشجّعاً الذهاب نحو دعم يطال المواطن مباشرة، ولكن هذا الأمر يتطلّب وجود حكومة تتّفق على آلية محددة مع مصرف لبنان. من وجهة نظر مدير عام وزارة الإقتصاد فإنّ هذا الأمر لا بد منه، فأي عدالة تقول اليوم أنّ شخصاً ميسوراً مادياً ولديه موكب من السّيارات يستفيد من الدّعم على المحروقات شأنه شأن سائق السيارة العموميّة؟ يسأل أبو حيدر الذي يشدّد على أنّ سياسة الدّعم الحالية خالية من العدالة ما يُحتّم ضرورة الذّهاب نحو دعم الفِئات الفقيرة مباشرة، لكن أبو حيدر يتحدّث صراحةً بأنّنا في الوقت الحالي ليس بمَقدورنا إيقاف سياسة الدّعم الحالية دون وجود آلية للدّعم المباشر. وفق أبو حيدر، في هذا الوضع الإستثنائي لا يُمكن رفع الدّعم، فماذا سيفعل سائق التكسي إن أصبحت صفيحة البنزين بـ ٧٠ الفا في الوقت الذي قد لا يتمكن فيه من إصلاح دولاب السيارة إن تعطّل.
من غير المقبول أن ترتفع الأسعار لمجرّد رفع الدّعم عنها
وفيما يتعلّق بأسعار السلع التي سيرفع عنها الدّعم، يشدّد أبو حيدر على أنّه من غير المقبول أن ترتفع الأسعار لمجرّد رفع الدّعم عنها، فهناك مخزون من السّلع المستورَدة يمتد لثلاثة وأربعة أشهر، ومن غير المنطقي رفع أسعارها قبل نفاد الموجود. وهنا يلفت أبو حيدر إلى أنّنا سنُراقب هذا الأمر، ولن نتركه.
وحول السّلع المتبقيّة في الأسواق، لا يُنكر أبو حيدر أنّ أسعارها غير جيدة لكنّه يعتبر أنّها لم ترتفع كالسّابق، فهناك تجار يشكلون ما نسبته ٧٠ بالمئة من السوق لا تزال أسعار السلع لديهم وفق سعر صرف دولار ٧٠٠٠ ليرة.
لدعم يميّز بين الفقير والميسور
وفي الختام، يوضح مدير عام وزارة الإقتصاد أنّ مَبدأ الدّعم يجب أن يكون مبنياً وفق قاعدة العدالة الإجتماعية، تلك القاعدة الصلبة التي تنصّ على التّمييز بين الفقير المُحتاج والغني القادر. وفق حسابات أبو حيدر، ولكي نبدأ العمل بالطّريقة الصّحيحة يجب أن نتوجّه نحو العائلات التي تستحق الدّعم ونلغي العائلات الميسورة. هكذا نكون قد بَدأنا بسياسة دعم صحيحة، يَختم أبو حيدر.
وفيما يلي اللائحة الجديدة للسلع المدعومة