خاص العهد
موز لبنان إلى سوريا في زمن الحصار.. والحمضيات قريبًا؟
سامر الحاج علي
في زمن الحصار الاقتصادي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد لبنان وشعبه المقاوم، وفي الوقت الذي تحاول قوى الهيمنة فيه عزل سوريا وتجويع شعبها، تفتح الشقيقة الصامدة في زمن الركوع ذراعيها للمحاصيل الزراعية اللبنانية التي تفوق كميات إنتاجها قدرة استيعاب أسواقه وعلى رأسها الموز الذي بدأت قوافله تعبر الحدود الدولية نحو الأسواق السورية بعد أن أعطت السلطات المعنية فيها الضوء الأخضر لدخولها.
الضوء الأخضر السوري شكل صافرة لانطلاقة عمل المشاغل والمعامل المخصصة لتوضيب وتحضير الموز في المنطقة الجنوبية بعد أن ينقل من السهول في عملية طويلة تجعله ذا مواصفات تخوله المنافسة في أسواق سينقل إليها، خاصة وأن أنواعًا عدة منه تزرع في لبنان ومحمياته المخصصة لهكذا أنواع من الزراعة والتي أنشئت خلال السنوات الأخيرة وفق ما يشير المزارع محمد حيدر في حديث لموقع "العهد" الإخباري.
ويلفت حيدر إلى أن الكميات التي تنتج في سهول المنطقة الساحلية من جنوب لبنان - أكبر مناطق إنتاج الموز فيه - تزيد عن مئة وخمسين ألف طن وهي كمية تفوق قدرة الأسواق اللبنانية على تصريفها، ما يعني أننا وعند انطلاقة كل موسم نكون أمام خيارين إما تصريف إنتاجنا داخل لبنان حصرًا وبأسعار متدنية لارتفاع كمية العرض أمام الطلب، أو الاتجاه نحو الأسواق الخارجية برًا انطلاقًا من بوابة سوريا وأسواقها في ظل ارتفاع كلفة التصدير عبر البحر.
وعن اجراءات التوضيب وعملياته، يؤكد أن المرحلة الحالية تشهد عملًا كبيرًا في المشاغل المخصصة لهذه الغاية في الجنوب، فالمزارعون ينقلون انتاجهم إلى هذه المعامل ليمر بعدة مراحل من الاستقبال والوزن إلى التقطيع والغسل والتعقيم ثم التوضيب في الحاويات المخصصة للتخزين فنقلها إلى الأسواق الخارجية عبر حافلات مبرّدة ومخصصة، مشددًا على أهمية الاتفاق الذي أبرم هذا العام والذي منح المزارعين هامشاً أكبر من العام الماضي لناحية تصريف إنتاجهم في ظل ما عانوه هذا العام من ارتفاع للكلفة نتيجة للتقلب المستمر في سعر الدولار مقابل العملة الوطنية.
وبالعودة إلى الاتفاق الذي أدى إلى فتح الطريق أمام الموز اللبناني للدخول إلى الأسواق السورية، فقد كانت جمعية مؤسسة جهاد البناء الإنمائية زارت في منتصف أيلول الماضي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري محمد الخليل ووقعت معه اتفاقًا لاستيراد 50 ألف طن من الموز اللبناني وفق ما يؤكد مدير الجمعية في الجنوب المهندس قاسم حسن لموقع "العهد" الإخباري، مشيرًا إلى أن الخطوة جاءت ضمن خطة تسويق المنتجات الزراعية اللبنانية ومنها الموز كمنتج أساسي على الساحل الجنوبي.
الكمية التي سيتم تصديرها ووفق دراسات أعدها خبراء من المؤسسة ستحافظ على التوازن بين العرض والطلب في السوقين اللبناني والسوري وبالتالي التوازن في الأسعار ما سيُخرج المزارع من دائرة الخسارة وسيمنحه هامشاً من الربح المعقول الذي يغطي تكاليف إنتاجه في ظل ارتفاع أسعار الأدوية الزراعية والأسمدة التي تأثرت أسعارها بالتراجع المستمر للعملة الوطنية مقابل الدولار.
وكشف حسن لموقع "العهد" الإخباري عن أن دراسات تعد حاليًا للنظر في إمكانية زيادة كمية التصدير بعد انتهاء السقف المتفق عليه والذي ينتهي في نيسان المقبل، في حين
خطوة المؤسسة التي تأتي في إطار جهوزيتها الدائمة لمساندة المزارع اللبناني لاقتها اليد السورية التي كانت على الدوام متكاتفة ومتضامنة معه رغم ممارسات بعض أهل الحكم والسياسة في لبنان منذ اندلاع الأزمة فيها، وهنا يوجه رئيس نقابة مزارعي الموز والحمضيات في جنوب لبنان المهندس سليم مراد عبر "العهد" الشكر للقيادة السورية ممثلة بالرئيس الأسد وحكومته ولكتلة الوفاء للمقاومة ومؤسسة جهاد البناء ووزارة الزراعة اللبنانية على كل جهد بُذل للوصول بهذا الملف إلى نهاية تشكل بارقة أمل للمزارع عندنا في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها.
ويرى مراد أن ثمة فرصة حقيقية أمام المزارع الآن - في ظل توقعات تصدير الانتاج الزراعي - لمواكبة مرحلة الجهاد الزراعي من خلال إعادة تفعيل عمله ونشاطه في هذا الحقل الإنتاجي مع إدخال الأساليب العلمية للتخفيف من كلفة الإنتاج، الأمر الذي سيشكل رافدًا وعاملًا أساسيًا لدعم الاقتصاد الوطني وزيادة نسبة التصدير الذي بدأ ينشط اليوم على مستوى أصناف الفواكه الاستوائية وشبه الاستوائية كالأفوكادو والقشطة التي تصدر كميات منها إلى مختلف الدول الأوروبية وكذا بالنسبة لزيت الزيتون الذي اتخذ طرقًا عدة نحو بلاد يوجد فيها المغترب اللبناني.
الأمر لا يقف عند الموز إذًا ولا يمكن أن يُحصر بزراعةٍ ما دون غيرها، فكل إنتاج لبنان يمكن أن يكون سفيرًا له على موائد العالم وفي أسواق دوله. ولا يقف أيضًا عند أسواق سوريا أو العراق أو حتى أوروبا، فكل مكان يمكن أن يصل إليه إنتاج لبناني يجب أن يسعى من يعنيهم الأمر باتجاهه كي لا يبقى في هذه البلاد فقير أو جائع، أو حتى متكئٌ كما أرباب السياسة الخدماتية على جيوب وأوهام الطامعين والاستغلاليين لخيرات الشعوب وثرواتها.