ابناؤك الاشداء

خاص العهد

 كيف تبدو استعدادات المدارس للتعليم المدمج؟
11/09/2020

 كيف تبدو استعدادات المدارس للتعليم المدمج؟

فاطمة سلامة

لا تُشبه التحضيرات للسنة الدراسية الجديدة هذا العام ما سبقها من أعوام. المشهد يبدو مختلفاً نظراً للظروف التي فرضها فيروس "كورونا". اليوم الأول في المدرسة والذي غالباً ما يكون محفورًا في ذاكرة الطلاب يبدو أنه لن يكون كسابقاته. الظروف اختلفت والوباء المستجد فرض تحديات جمّة تبدّلت معها بعض التفاصيل. لدى سؤال الأهل عن المعنويات على أبواب المدارس ومع احتمالية تطبيق جزء من التعليم الحضوري، لا يخفي هؤلاء أنّ ثمّة مخاوف تعتريهم من إرسال أولادهم الى المدارس. ولدى سؤال الجهات التعليمية يؤكّد المعنيون أننا أمام تحد لا شك أنه ليس هينا لكن مصلحة التلميذ تفرض مراعاة الجانبين الصحي والتعليمي معاً، اللهم إلا اذا تفاقمت أزمة "كورونا"، عندها لا حل سوى بالتعليم عن بعد. 

ورغم إعلان وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب خيار الذهاب نحو التعليم المدمج، لا يخفى على أحد أنّ الظروف القادمة قد تُبدّل الوجهة. الأمر رهينة الفيروس الخبيث ومسار تطوره، إلا أنّ الاستعداد لكل السيناريوهات يبقى واجباً على كل مؤسسة تعليمية وتربوية. فكيف تبدو استعدادات المدارس للتعليم المدمج؟. 

العلي: سنعتمد ثلاثة أيام تعليم حضوري في المدرسة ويومين عن بعد

مدير مديريّة الإشراف التربوي في المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم مدارس المهدي(ع) الدكتور غالب العلي يوضح أن المؤسسة أنهت كافة التحضيرات المتعلّقة بمنهجية التعليم لهذا العام. وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري يستعرض آلية التعليم المدمج التي سيتم اعتمادها، وهي آلية تقوم على اعتماد ثلاثة أيام حضور في المدرسة ويومين تعليم عن بعد. وفيما يتعلق بأعداد التلامذة داخل الصفوف، يوضح العلي أنّ عدد التلامذة سيتراوح داخل الشعبة الواحدة ما بين الـ15 الى 18 تلميذا كحد أقصى في الوقت الذي كان يصل فيه العدد الى 30. أما فيما يتعلق بالمواد التعليمية، فيؤكّد العلي أننا سنعمد الى تدريس كافة المواد التعليمية حتى الإجرائية، فالبرنامج الذي سنعتمد عليه يلحظ كافة المواد التعليمية سواء كان التعليم حضورياً أو عن بعد. على سبيل المثال، سنقدم مادة التربية الرياضية سواء بطريقة مباشرة للتلامذة أو غير مباشرة لتشجيعهم على ممارستها في المنزل. 

للروضات خصوصية 

هل ستكون هناك خصوصية لصفوف الروضات كون التلامذة في عمر لا يساعدهم على الالتزام بالإجراءات الوقائية كما يجب؟ يجيب العلي عن السؤال بالتأكيد أنّ لصفوف الروضات خصوصية حيث سيقتصر حضورهم على يومين فقط في الأسبوع وثلاثة أيام عن بعد، فيما سيتراوح عدد الأطفال في المجموعة بين 10 و12 تلميذا فقط. 

 كيف تبدو استعدادات المدارس للتعليم المدمج؟

علينا مراعاة مصلحة التلميذ الصحية والتربوية 

وفي سياق حديثه عن تجربة التعليم عن بعد، يؤكّد العلي أنه وفي مرحلة التعليم العام ما قبل الجامعي لم يكن مطروحاً سابقاً منهج التعليم عن بعد، ولكن النظام التربوي لجأ الى هذا الخيار لضرورات المشكلة الصحية التي نواجهها والمتمثلة بـ"كورونا". النظام التعليمي في الأصل يقوم على التعليم الحضوري، والتعليم عن بعد هو خيار الضرورة الذي فُرض علينا. لكن وفق العلي، علينا مراعاة مصلحة التلميذ التي تتمحور حول عدة جوانب جزء منها يتعلّق بالجانب الصحي، وجزء آخر يتعلّق بمصلحة التلميذ من الناحية التعليمية. تلك المصلحة تحتّم علينا إكسابه الأهداف والكفايات الضرورية لإكمال تعلمه بطريقة انسيابية وسليمة. وسط هذا الواقع أصبحنا بين حدين -يقول العلي- حد مراعاة الوضع الصحي، وحد مراعاة مصلحة التلميذ تربوياً، وبهذه الحالة طرحت السيناريوهات ومن ضمنها التعليم عن بعد بشكل كامل أو المدمج. الأخير بات خيار الضرورة لأنه عندما لا تكتمل عناصر التعليم عن بعد بشكله الكامل لناحية الانترنت والكهرباء والأجهزة اللوحية غير المتوفرة لدى الجميع يصبح هناك خطورة كبيرة على المستوى المعرفي للتلميذ، ويصبح التعليم المدمج هو الحل، رغم أن تجربتنا في التعليم عن بعد أعطت ثماراً من خلال تجربتنا ولكن ليست كما الثمار التي يعطيها التعليم الحضوري. 

بروتوكول صحي صارم 

وفيما يتعلق بالإجراءات الوقائية، يلفت العلي الى أنّ هناك بروتوكولا صحيا صارما يلحظ كافة الإجراءات منذ لحظة خروج التلميذ من منزله والصعود الى الباص المدرسي حتى لحظة الدخول الى المدرسة والصف ومن ثم العودة الى المنزل. وفق العلي، بالإضافة الى  الركائز الأساسية للإجراءات الصحية "ارتداء الكمامة، التباعد الاجتماعي، وتعقيم اليدين"، هناك بروتوكول واضح يحدّد تفاصيل كل محطة من هذه المحطات ويستعرض الإجراءات التفصيلية والسلوكيات الواجب اتباعها لناحية سلوك التلميذ وتعاطي الكادر التعليمي مع هذه القضايا.  

وفي الختام، يلفت العلي الى أنّ العملية التعليمية ستنطلق في مدراسنا عن بعد في 21 أيلول، وبطبيعة الحال فإنّ الوضع الصحي سيكون خاضعا على الدوام للتقييم، وبناء على آخر التقييمات التي ستقدم سيتخذ القرار بالتحول الى التعليم المدمج، مع الإشارة الى أننا جاهزون بعدة سيناريوهات وبطريقة مرنة، فنموذج التعليم الذي تبنيناه يخوّلنا الانتقال من سيناريو الى آخر بلا أي عوائق. 

عازار: علينا إيصال الرسالة التعليمية بأي وسيلة كانت

في حديث لموقع "العهد" الإخباري ورداً على سؤال ما اذا كان العام الدراسي الجديد سيُشكّل تحدياً وسط أزمة كورونا، يقول أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار "لا شك أن هناك تحديا كبيرا نظراً لظروف "كورونا" والأزمات التي تلاحق لبنان من اقتصادية واجتماعية وغيرها". لكنّ عازار ينطلق من السؤال التالي: ما دور المدارس اليوم؟ ليشدد على أنّ دورها الأساسي يكمن في التعليم وإيصال الرسالة التعليمية بأي وسيلة كانت. بنظره، هناك العديد من الطرق للتعليم، ويبرز التعليم عن بعد الى الواجهة. برأي عازار، نستفيد من الحالة التي نمر بها لنؤمّن عاماً دراسياً مهما كان، ولكن هذا ليس معناه أن يصبح التعليم عن بعد هو القاعدة التي ستتبع دائماً، لأن لا غنى عن اللقاء المباشر والعلاقات الاجتماعية وهذا بحد ذاته مجال للتربية والتعليم. 

 كيف تبدو استعدادات المدارس للتعليم المدمج؟

لكل مدرسة سيناريو يختلف باختلاف ظروفها 

وحول السيناريو التعليمي الذي ستتبعه المدارس الكاثوليكية، يلفت عازار الى أن أكثرية المدارس ستتّجه نحو التعليم المدمج، لكن سيكون هناك خصوصية لكل مدرسة من المدارس حسب ظروفها، فبعض المدارس قد تلتزم بالحضور المباشر يومياً اذا كان لديها عدد قليل من التلاميذ، وبعض المدارس قد تختار أياماً محددة، ومدارس أخرى سيكون لديها دوامان قبل الظهر وبعده. بحسب عازار، هناك عدة سيناريوهات تختلف باختلاف كل مدرسة، وقد ترك  وزير التربية حرية التصرف للمدارس الخاصة شرط الالتزام الكامل بالبروتوكول الصحي. 

ويوضح عازار أننا استفدنا من تجربة الأيام الماضية لناحية القيام بتدريبات التعليم عن بعد وتدريب الأهالي والتلامذة على هذا النموذج التعليمي، ونحن نتابع حتى اللحظة التدريبات كي يستعد الأساتذة أكثر. وفي هذا السياق، يوجه عازار التحية للمعلمين الذين بذلوا جهوداً كبيرة فمسألة التعليم عن بعد ليست بالأمر السهل، ورغم ذلك قدّم بعض الأساتذة الإبداعات في هذا المجال، وأعتقد أن هذا العام سيكون الأداء أفضل بكثير من سابقه، يقول عازار الذي يتمنى على المجتمع المدني والاعلامي والاهلي مساندة إدارات المدارس لا شن الحملات عليها.  

ذهاب سنة من عمر التلميذ ليس بالأمر الهيّن 

ويرى عازار أن "كورونا" يضعنا أمام مأزق بحيث يمنع الاختلاط ويسبب الهلع والخوف والإرهاب ربما، ولكن في الوقت نفسه لا نستطيع الدفع باتجاه التلامذة للذهاب الى الجهل. وفق حسابات عازار، فإنّ ضياع سنة من عمر التلميذ ليس بالأمر السهل رغم أن البعض يستسهل هذا الموضوع قائلاً: "لا مانع من ذهاب سنة من عمر التلميذ". هذا الكلام غير منطقي -برأي عازار- الذي يوضح أن التلميذ قد ينسى التعليم في هذه السنة، وعليه تتولد لديه الرغبة بعدم التعلم، أو قد يذهب في هذه السنة الى خيارات أخرى تنسيه قضية التعلم. حينها نتحمّل نحن والأهل والمجتمع مسؤولية ضياع مستقبله. لهذا السبب يؤكّد عازار أن التعليم يشكّل تحدياً اليوم ولكن الى جانب هذا التحدي ثمّة خضوع لكافة التدابير الوقائية لحماية التلامذة والأسرة التربوية بأكملها.

جباوي: الجهوزية متفاوتة

رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي الأستاذ نزيه جباوي يرى أن جهوزية الثانويات الرسمية تتفاوت بحسب كل مدرسة وأعداد الطلاب في الثانويات، وعليه لا نستطيع القول إن الجهوزية مئة بالمئة. برأي جباوي، نحن أمام فترة تجربة، فالثانويات التي تضم أعداداً قليلة من الممكن ضبطها، أما ذات الأعداد الكبيرة فعملية الضبط لا شك أنها صعبة.

 كيف تبدو استعدادات المدارس للتعليم المدمج؟

كما يضيء جباوي على الضائقة المادية التي تعاني منها المدارس الرسمية والتي تؤثر حتماً على التدابير الوقائية، فبسبب الصناديق الفارغة لن نتمكن من شراء المعقمات اللازمة والتي باتت أسعارها خيالية. هذا على الصعيد الصحي، فما بالك بأسعار القرطاسية والكتب وغيرها؟ يسأل جباوي. 

وفيما يلفت الى أنّنا أمام تحد كبير وحدين؛ من جهة نريد تأمين تعليم كما يجب للطلاب خاصة أن التعليم عن بعد يحتوي على ثغرات ومشكلات لجهة الانترنت والتدريب والكهرباء، ومن ناحية أخرى حريصون على سلامتهم، يؤكّد جباوي أنّ مسار التعليم المدمج مرتبط بوضع كورونا فإذا لا سمح الله بدأ التعليم الحضوري في المدراس وكان هناك إصابات بالتأكيد لن نكمل لعدم إدخال الطلاب في الخطر.

إقرأ المزيد في: خاص العهد