معركة أولي البأس

خاص العهد

مشرفية لـ
10/09/2020

مشرفية لـ"العهد": المجتمع الدولي يفرّغ الدولة لصالح الجمعيات..

فاطمة سلامة

 كثيرةٌ هي الشبهات التي تحوم اليوم حول عمل المنظمات غير الحكومية في منطقة مرفأ بيروت. الجمعيات التي انتشرت بسرعة البرق في محيط الانفجار تُرسم حيال عملها الكثير من علامات الاستفهام. فظاهرة "تفريخ" الجمعيات التي شهدناها عقب نكبة بيروت توحي بما لا يقبل الشك أنّ ثمّة أهدافا غير معلنة تُغلّف عمل هذه الجمعيات، التي لا شكّ أن بعضها يعمل بدافع إنساني. كما أنّ اشتراط المجتمع الدولي تسليم المساعدات لهذه المنظمات بعيداً عن مؤسسات الدولة هو اشتراط مرهون بأهداف سياسية لا إنسانية، أهداف تسعى للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ودورها لاستغلال ذلك بأشكال مختلفة. 

وزارة الشؤون الاجتماعية كانت على رأس مؤسسات الدولة التي كان من المفترض أن تكون صلة الوصل بين الشعب والمساعدات، لكن جرى إبعادها بتوقيع من المجتمع الدولي. وفي هذا الصدد، يبدي وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة الدكتور رمزي مشرفية العديد من الملاحظات حيال عمل بعض الجمعيات المنضوية تحت مسمى "المنظمات غير الحكومية". لدى سؤاله عن دور دور وزارة الشؤون الاجتماعية على "الأرض" عقب انفجار مرفأ بيروت، يوضح أنه وعندما أعلنت بيروت مدينة منكوبة تسلّم الجيش المنطقة، وعليه أصبح كل شيء من خلال الجيش، حتى أننا كوزارة شؤون عندما توجهنا الى المنطقة لإنجاز مشاهداتنا طلبنا الإذن من المؤسسة العسكرية. لكن في المقابل، يتطرّق مشرفية الى "الفلتان" الذي شهدته المنطقة جراء تواجد الأشخاص الذين عملوا تحت جناح المنظمات غير الحكومية بطلب من المجتمع الدولي. الأخير أراد أن يُظهر الدولة بمظهر الفاشلة وهي لا تملك من العمر سوى ستة أشهر بينما الفشل يمتد على مدى ثلاثين عاماً. وفق مشرفية، بدأ الصوت اليوم يعلو في وجه المنظمات غير الحكومية بعدما تبيّن أن هناك جمعيات تسلب وتسرق الأموال والمساعدات، لكن للأسف هذا هو فلتان المجتمع الدولي، يضيف وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة. 

المجتمع الدولي عمل على تفريغ مؤسسات الدولة من مضمونها

وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يرى مشرفية أنه عندما يشترط المجتمع الدولي إعطاء المساعدات للجمعيات وليس للدولة اللبنانية فهذا معناه أنه يعمل على "تفريغ" مؤسسات الدولة من مضمونها ودورها، وقد بات واضحاً أن المساعدات التي قدّمت -مع شكر أصحابها- آنية وتتعلق بمواد غذائية، لكن الانفجار يحتاج الى مساعدات طويلة الأمد، ولا أحد يستطيع القيام بها سوى مؤسسات الدولة. 

هل لهذه المنظمات أجندات سياسية برأيك؟ يجيب مشرفية عن هذا السؤال بالإشارة الى أنه لا يريد رمي التهم جزافاً ولكنّ طريقة التصرف تدل على أن كل جهة من هذه المنظمات موصولة بمكان محدّد. 

وحول ظاهرة "تفريخ" الجمعيات عقب الانفجار، يوضح مشرفية أننا كوزارة شؤون اجتماعية ولكي تحصل أي جمعية على ترخيص من قبلنا لممارسة العمل الاجتماعي هناك عدة شروط منها أن تكون حاصلة على علم وخبر وأن تمتلك تجربة عملية على الأرض لمدة ثلاث سنوات للقبول بها كجمعية تتابع العمل الاجتماعي. أما فيما يخص ظاهرة الجمعيات التي نراها اليوم فجلهم لا يملك الأهلية يقول مشرفية- الذي يوضح أنه لو قدّمت هذه الجمعيات طلباً لدى وزارة الشؤون الاجتماعية فإن من سيحصل منها على الرخصة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. 

تحميل دياب مسؤولية انفجار المرفأ فيه الكثير من الافتراء

وفي سياق متّصل، يبدو مشرفية مستاء جداً للظلم الذي لحق بحكومة الرئيس دياب عقب تفجير المرفأ. الحديث معه يُبيّن حجم الاستغراب الذي يبديه حيال كافة الافتراءات التي تحمّل الرئيس حسان دياب مسؤولية انفجار المرفأ. لا أعرف كيف يستطيع أي إنسان طبيعي استيعاب مسألة تحميل قضية عمرها سبع سنوات لشخص علِم بها قبل حدوثها بسبعة أيام! يقول مشرفية مستغرباً. برأيه هناك مسؤولية تقع على عاتق الأشخاص الذين عرفوا بهذه القضية ولم يتصرفوا، فأحد رؤساء الحكومات زار المرفأ قبل عام برفقة وزير الأشغال ما يدفعنا الى السؤال: لماذا لم يتصرّف حينها؟".

ويسأل مشرفية عن تحرك الأجهزة الأمنية التي كانت تعي بالقضية. لماذا لم تعرض المسألة في الجلسات التي عقدها مجلس الدفاع الأعلى؟. وفق مشرفية، فإنّ الحديث عن خطورة أي أمر يجب أن يأتي من الجهاز الأمني الذي يُطلع بدوره المعنيين صراحةً على تفاصيل القضايا، لأنّ من يجلس وراء مكتبه من رئيس حكومة أو وزير لا يعلم بحدوث حادثة هنا أو عمل إرهابي هناك، بل إن الجهاز الأمني هو من يُخبر عن هكذا أحداث ويرفق أخباره بمعلومات موثقة. وعليه، هل ألقي باللوم على رئيس الحكومة أم على الجهاز الأمني الذي من المفترض أن يخبر رئيس الحكومة؟ يسأل مشرفية الذي يشير الى أنّ زيارة دياب للمرفأ أجلت لأن المعلومات التي أعطيت له وقتها أشارت الى أنّ هذه المواد تستخدم للسماد الكيميائي وليس فيها خطورة. ويُشدّد مشرفية على أنّ رئيس الحكومة لم يتم وضعه بالصورة كما يجب وما يظهر في الإعلام اليوم حول هذا الموضوع غير صحيح، فعندما وردت المعلومات لدياب عن وجود مشكلة أحال الملف الى وزيرة العدل ووزير الأشغال لمتابعة الملف. 
 
وفي السياق، يوضح مشرفية أنّ أحداً لم يطرح القضية خلال الجلسة التي عقدها مجلس الدفاع الأعلى في 28 تموز الماضي أي قبل أيام من الانفجار، وعليه فإن تحميل شخص بنظافة كف الرئيس دياب وعمله المضني فيه الكثير من الافتراء، فإلباس التهمة لرجل كدياب غير مقبول شرعاً، وهو الذي أقام ما يشبه "خلية النحل" في السراي الحكومي حيث كان يعمل منذ السابعة صباحا حتى الثانية عشرة ليلاً. برأي مشرفية من الظلم تحميل هذه الحكومة المسؤولية وهي التي عمل أعضاؤها من الفجر حتى النجر، لكن مشرفية يستطرد بالقول "يحاولون إسقاط الفشل الأمني والاقتصادي وكل ما في هذه الدولة من أزمات بهذه الحكومة، وذلك كي يتم إرجاع الطاقم نفسه على كرسي الحكم بصورة المنقذ". 

دياب أصر على إحالة القضية الى المجلس العدلي 

ويتحدّث مشرفية عن حجم الضرر الهائل الذي ولّده إنفجار بيروت، لافتاً الى الإصرار الذي أبداه الرئيس دياب حينها لجهة إحالة القضية الى المجلس العدلي، وبناء على هذا الإصرار اتخذ القرار في مجلس الوزراء بضرورة إجراء تحقيق على مستويين؛ الأول: التحقيق الإداري والذي تكون مهمته رفع تقرير إلى مجلس الوزراء خلال مهلة أقصاها خمسة أيام لتحديد من المسؤول، والثاني: التحقيق القضائي الذي لا علاقة لنا فيه فعندما يحال الى المجلس العدلي تتولاه الجهات المعنية. وهنا يلفت مشرفية الى أننا طلبنا في التحقيق الإداري وضع كل شخص له علاقة بالتخزين والحراسة والتمحيص بالملف تحت الإقامة الجبرية لحين يبدأ القضاء عمله.

الحكومة عملت على 320 مشروعا ًإصلاحياً 

وعلى صعيد العمل الحكومي، يلفت مشرفية الى أنّ الجهد الذي بذلته مختلف الوزارات هو جهد جبار، فنحن تسلّمنا الحكومة وصرخة الناس كانت موجودة والفساد بكل مستويات الدولة كان موجوداً، لكننا عملنا على 320 مشروعا إصلاحيا 90 منها أنجز خلال ستة أشهر مدة تولينا الحكم، وقد تقدمنا بمشاريع عديدة مهمة كالتدقيق الجنائي وإقرار خطة العودة للنازحين السوريين الذين يشكّلون ثلث الناس على الأراضي اللبنانية.

ورشة عمل كبيرة في وزارة الشؤون الاجتماعية 

وفي معرض حديثه عن خطط وزارة الشؤون الاجتماعية، يلفت مشرفية الى أنّ 25 بالمئة من اللبنانيين باتوا تحت خط الفقر المدقع أي أن حوالى مليون وخمسين ألف شخص يتقاضون أقل من دولار واحد في اليوم. ولدينا حوالي ٦٠ بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر أي أنّ دخلهم بالكاد يكفيهم لتأمين متطلبات الحياة الاساسية. وهنا يشير مشرفية الى أنّ الأعداد تزداد مع الوقت خصوصاً أنّ القدرة الشرائية للفرد انخفضت كثيراً، والبطالة بلغت أعداداً كبيرة، بعدما تلقت القطاعات الفاعلة الضربات كالقطاع السياحي وغيره. وفي هذا الإطار، يشير مشرفية الى أنّنا عملنا على تحصيل الاعفاءات من الضرائب والرسوم للقطاع السياحي، بموازاة علمنا على تنشيط السياحة الداخلية. وعلى الصعيد الاجتماعي، اقترحت وزارة الشؤون الاجتماعية إصدار بطاقة دعم لكل لبناني محتاج كبديل عن الدعم الشامل الذي يُقدّم للمواد الأساسية والذي تستفيد منه شرائح ليست لبنانية، لكنّ مشرفية يأسف لأننا في بلد لا يمتلك قاعدة بيانات وهذا يحتاج وقتاً لبنائه. 

وفيما يتعلّق بالجهود التي بذلت لأجل الفئات الفقيرة والمحتاجة، يلفت مشرفية الى أننا نعمل على رفع عدد العائلات التي يجري تقديم بطاقة غذائية لها من 15 ألف عائلة الى 55 ألف عائلة، كما أطلقنا البرنامج الوطني للتكافل الاجتماعي. حيث يقوم الجيش بتوزيع 400 ألف ليرة على 200 الف عائلة شهريا. كما طلبنا من كل من يشعر أنه بحاجة لمساعدة تقديم الطلب من خلال منصة IMPACT وكان أن طلبت 468 ألف عائلة المساعدة، وهي أرقام كبيرة جداً -يقول مشرفية- الذي يوضح أننا بدأنا بوضع الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية والتي أصبحت على نهايتها في سابقة بتاريخ لبنان.
 
مجموعة المشاريع التي عملت عليها الوزارة

ويورد مشرفية مجموعة المشاريع التي عملت عليها وزارة الشؤون الاجتماعية:  

-اقتراح تخفيض الفوائد على القروض السكنية بالاضافة إلى تقديم مشروع قانون حول السياسة العامة للاسكان إلى مجلس الوزراء. 
- إبرام اتفاقية القرض مع الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع الاسكان (165 مليون د.أ) واستكمال التفاوض لتأمين قرض جديد.
- دمج المشاريع المنبثقة (وفر 4 مليارات سنويًا)، فمن خلال دمج المشاريع استطاع الموظفون أن يتقاضوا رواتبهم بعد رفض ديوان المحاسبة صرف مخصصاتهم لنحو ١٢ شهر. 
- إعداد خطة لعودة النازحين السوريين واقرارها من قبل مجلس الوزراء.
- تمديد العمل بخطة لبنان للاستجابة للأزمة وإدراج شروط جديدك حول استجابة متوازنة بين النازحين السوريين والمواطنين اللبنانيين. 
-تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للبنانيين من خلال العمل على زيادة العائلات المستفيدة من البرنامج الوطني لدعم الاسر الاكثر فقرًا (بالتعاون مع البنك الدولي والجهات المانحة).
- برنامج شبكة الأمان الاجتماعي الطارئة وتفعيل المفاوضات مع البنك الدولي والجهات المانحة لتمويل المشروع. 
- إطلاق ورشة العمل لوضع الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية.
- إطلاق استراتيجية وزارة الشؤون الاجتماعية لحماية المرأة والطفل بالتعاون مع منظمة اليونيسف.
- البدء بوضع معايير عامة لتقييم الجمعيات تماشيًا مع الـ ISO ٢٦ ألف.
- متابعة المسائل المالية العالقة والتابعة للموظفين والجمعيات وحلّها لتمكينهم من الاستحصال على مستحقاتهم (موظفي المشاريع الكبرى، والمشاريع المشتركة، وموظفي المراكز).
- إعادة إحياء اللجنة الوزارية للشأن الاجتماعي.
- إصدار قرار يقضي بتخفيض إيجارات مراكز الخدمات الإنمائية الى النصف بعد إشراك البلديات المعنية بتلك المراكز.
- تقديم مشروع قانون لتقسيط الأموال التي علّقت مهل إيفائها بموجب القانون 160.
- وضع خطّة لتحفيز الحرفيين.
- البدء بإجراء تقييم ومسح شامل لحاملي بطاقة المعوق.
- البدء بأتمتة وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع ال UNDP
- العمل مع UNHCR ومنظمات دولية أخرى على توزيع أكثر من 200 ألف حصة من لوازم النظافة الصحية في تجمعات النازحين.
- التخطيط لتشييد مركز وطني للأحداث والحصول على قطعة أرض هبه لوزارة الشؤون الاجتماعية للبدء في عملية البناء. 
- العمل على تعزيز دور وزارة الشؤون لتكون وزارة للتنمية الاجتماعية في المستقبل.

وفي الختام، يأمل مشرفية من الحكومة القادمة أن تكمل الطريق ذاته لأنه إذا لم يأت من يسير بذات النهج الإصلاحي وسط كمية الفساد الموجودة فعلى الدنيا السلام.

حسان ديابرمزي مشرفية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة