خاص العهد
تونس تتحدى الإرهاب
تونس - روعة قاسم
مرة جديدة يضرب الإرهاب التكفيري تونس في عملية نفذتها خلية إرهابية في مدينة سوسة الساحلية في شرق البلاد وأودت بحياة عناصر من الحرس الوطني وتبناها تنظيم "داعش" الإرهابي. فبعد مرور أسبوع على تسلم حكومة هشام المشيشي السلطة، جاءت هذه العملية الإرهابية لتؤكد مجددًا أن ملف الإرهاب التكفيري يظل التحدي الأكبر أمام كل الحكومات التونسية المتعاقبة. وللإشارة، فإن حكومة الفخفاخ السابقة أيضًا وجدت نفسها بعد أيام من نيلها ثقة البرلمان أمام عملية إرهابية جبانة في 6 مارس/آذار الماضي، حين فجّر آنذاك انتحاريان نفسيهما قرب دورية أمنية بمحيط السفارة الأمريكية في منطقة البحيرة بالعاصمة.
ويرى العديد من الخبراء والمتخصصين الأمنيين، أن توقيت هذه العمليات الإرهابية يدل على أنها بمثابة صندوق بريد ورسائل متفجرة، تود من خلالها هذه الجماعات الارهابية ومن وراءها، نشر الخوف والهلع لتبرهن أنها لا تزال قادرة على الفعل والتخريب والقتل.
فبعد الهزائم التي مني بها "داعش" الإرهابي في سوريا والعراق وتراجعه أمام ضربات الجيش العربي السوري والجيش العراقي، تحولت استراتيجية هذه الجماعات من تنفيذ العمليات الإرهابية الكبيرة الى استعمال ما يسمى بالذئاب المنفردة لتنفيذ أجنداتها التخريبية ولكن بعمليات فردية.
في تونس، ورغم أن الإرهاب التكفيري ظل الهاجس الأكبر للتونسيين الا أنه تراجع أمام العمليات الاستباقية النوعية التي حققتها قوات الأمن التونسي. فمنذ الثورة واجهت تونس صعود هذه الحركات الإرهابية وشهدت هجمات دامية في العام 2015 حينما أسفر هجوم على متحف باردو الشهير في العاصمة عن مقتل 22 شخصاً بينهم 21 سائحاً أجنبياً وشرطي تونسي. وفي سنة 2015، أيضا استهدف هجوم تبناه تنظيم "داعش" الارهابي فندقاً قرب سوسة أدى إلى مقتل 38 شخصاً، اضافة الى العديد من العمليات الإرهابية الأخرى.
لكن رغم كل هذه المخاطر، بقيت تونس صامدة تواجه الإرهاب. ويرى المحلل السياسي والباحث هشام الحاجي في تصريح لموقع "العهد" الاخباري أن توقيت هذه العملية يؤكد وجود مخطط لاستهداف مسار تونس الديمقراطي، مشيراً الى أن "هذا الخطر ليس تونسياً فحسب مما يستدعي تعاون وتكاتف جميع الدول في المنطقة".
وعن رؤيته لكيفية مجابهة الإرهاب، قال الحاجي إن "إعادة العلاقات مع سوريا هو أمر أكثر من ضرورة لكلا البلدين من أجل إعادة التنسيق والتعاون الأمني الفعّال بين البلدين فيما يتعلق بملف الارهاب"، ويتابع "جلّ من ينفذون العمليات الإرهابية كانوا قد شاركوا في العدوان الإرهابي على سوريا عبر شبكات تسفير الإرهابيين التي تورطت بها أجهزة استخبارات غربية ولا يستبعد بأن تكون مرتبطة بالصهيونية العالمية لتفكيك سوريا وتدميرها وتفكيك المنطقة أيضا".
ويشدد محدثنا أيضًا على أن الملف الليبي الذي بقي دون حل طيلة السنوات الماضية، ساهم أيضاً في ايجاد ملاذ آمن وبيئة هشّة تساعد في انتشار هذه الجماعات الإرهابية.
وتجدر الإشارة الى أن تقارير تتحدث عن دور تركي في نقل هؤلاء المقاتلين الإرهابيين من سوريا الى ليبيا، مما أثار حفيظة دول المنطقة ومخاوفها من أن يتمّ تحضير هؤلاء لعمليات إرهابية تستهدف المنطقة برمتها.
لكن أبناء تونس من المؤسسة الأمنية والعسكرية سيظلون سداً منيعاً أمام الإرهاب، وكل النجاحات الأمنية الباهرة التي حققتها البلاد طيلة الأعوام الماضية تؤكد أنه لا مكان للإرهاب التكفيري في تونس. ويحتاج ذلك -إضافة الى الجهود الأمنية- الى تكاتف سياسي ووحدة وطنية واستراتيجية متكاملة إقليمية تساهم في نزع فتيل هذا الإرهاب الذي يهدد بلدان المنطقة.