خاص العهد
مفردات الاحياء العاشورائي
الشيخ علي خازم
قد يكون التعبير بـ"المراسم الحسينية" أقرب الى الواقع لجهة ما يوحيه عنوان "الاحياء العاشورائي" من ارتباط زمني بالعاشر من محرم فيما تتجاوزه عملية الاحياء فتقع اضافة اليه قبله وبعده على امتداد السنة حيث صارت قراءة شيء من السيرة الحسينية ومجالس الابكاء سنَّة في احياء ذكرى أي ميت شيعي فضلاً عن المسنون شرعاً والخاص ببعض الايام والليالي المباركة.
وكذلك فإن الاحياء أعم من الزماني فيشمل ما يتعلق بالمكان كما في شأن تعظيم وتكريم تربة كربلاء وماء الفرات، وما يتعلق بالشهداء الحسينيين من أهل البيت والصحابة الكرام.
وعلى الرغم من الثبات النسبي في عدد من مفردات الاحياء إلا ان الواقع الشيعي يشهد تغيراً في التفاصيل أو بعضها يرتبط بالخصوصية الثقافية لكل شعب وإن كان تطور عالم الاتصالات ومن قبله التطور في وسائل ووسائط النقل أسهما في تشكيل صورة شبه موحدة للاحياء إضافة الى التوجيه الشرعي من علماء الشيعة ومراجعهم كما في دعوة ولي أمر المسلمين السيد القائد الخامنئي الى إقامة صلاتي الظهر والعصر يوم العاشر جماعة في نهاية المسيرة العاشورائية.
وأهم مفردات الاحياء العاشورائي:
1ـ الزيارة والدعاء والاعمال الخاصة بالايام والليالي ، وتكريم تربة كربلاء وماء الفرات.
2ـ مجلس العزاء والبكاء المتضمن للرثاء وذكر المصيبة نثراً وشعراً بالفصحى والعامية وما يضاف إليه من لطميات ومجالس وعظ وارشاد.
3ـ تشكيل الهيئات والمواكب: مواكب العزاء واللطم والسلاسل والتطبير والشبيه.
4ـ تأسيس التكايا والحسينيات والاستفادة من الاماكن العامة (ساحات، طرق، مدارس، مساجد... الخ).
5ـ التعزية أو تمثيل الواقعة أو التشابيه.
6ـ التفرغ للاحياء يومي العاشر والأربعين والثامن من ربيع الاول وما يتعلق بالتفرغ عن تعطيل رسمي.
7ـ تأليف وتوزيع المقاتل والمجموعات الشعرية الخاصة بالرثاء والنوح واللطم.
8ـ الإطعام وتقديم الضيافة وبعض الرسوم والعادات الخاصة وعموم مظاهر الحزن في عاشوراء.
ويندرج تحت كل عنوان من هذه العناوين مفردات ومصطلحات.
في المفردة الاولى
1 ـ الزيارة والدعاء والاعمال الخاصة بالأيام وتكريم تربة كربلاء وماء الفرات:
"الزيارة" مصطلح إسلامي أعم من الاستخدام الشيعي، وهو يعني السفر الى أحد الاضرحة المقدسة ونفس صيغة السلام والزيارة، وقد استعمله المسلمون عامة وأساسه زيارة قبر النبي(ص) وقبور الشهداء من الصحابة، وكان شائعاً ولا يزال في أوساط اخواننا السنَّة، لكن الحركة الوهَّابية وتداعياتها السلفية العربية أثرت في مدى شيوع المصطلح، لكن العمل يبرزه بين عامة المسلمين خصوصاً أيام الحج. وتعرف كتب السنَّة نصوصاً خاصة لزيارة النبي (ص)، واتباع الفرق الصوفية تعرف المصطلح وتؤدي الزيارة إلى أضرحة الأولياء ومشايخ الطرق.
وتعبر زيارة الامام الحسين ومقامه في كربلاء واحدة من مفردات الاحياء في العراق والعالم الشيعي وفد أثرت الحرب العراقية على الجمهورية الاسلامية وعوامل أخرى على توقيف الزيارة فترة من الزمن ، لكنها والحمد لله قد عادت ، فينبغي التوقف عند ما يتعلق بها من مظاهر ترسمها لدى الزوار أنفسهم ومن يتعلق بهم.
وإذا رجعنا الى الروايات عن المعصومين عليهم السلام فإننا نلاحظ أنها تؤسس حركة احيائية من عدة جهات، فهي:
أولاً: تشجع على الزيارة وترّغب فيها وتربطها بأنواع من الاجر وبالشفاعة المخصوصة.
ثانياً: تربط بعض المناسبات الاسلامية العامة والواقعة في غير شهر محرم في الحديث كما في استحباب الزيارة المخصوصة بالاربعين الواقع في العشرين من شهر صفر، والاول من رجب والنصف منه والثالث من شعبان" مولد الامام الحسين" والنصف منه وأول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف والليلة الاخيرة منه وكذلك ليالي القدر وليلة عرفة ويومها وفي العيدين وغيرها من الايام والليالي الباركة.
ثالثاً: تعطي الزوار شكلاً خاصاً من حيث طريقة السفر ونوع الثياب والزاد وعلاقة الزوار ببعضهم وما ينبغي لهم أن يفعلوه في كربلاء.
رابعاً: تشكّل "الزيارة" كنص لغوي والادعية الخاصة من الائمة للزوار وخصوصاً دعاء الامام الصادق عليه السلام مادَّة مؤثرة في تحريك العقول والعواطف، وأهم ما ينبغي التأكيد عليه في هذا المقام فرصة الزيارة عن بُعد والزيارة الخاصة يوم الاثنين والمضامين العقائدية والعرفانية وغيرها.
خامساً: تكريم ماء الفرات بالتأكيد على الوضوء والاغتسال منه والذكر الخاص عند بلوغه فانها بنفسها توجد حركة شعبية عند ضفة النهر.
سادساً: تكريم تربة كربلاء باستحباب اتخاذ السجدة والسبحة منها واستحباب ملاقاة الزوار قبل ان ينفضوا غبار سفرهم.
وبملاحظة الواقع الاجتماعي فإن "الزيارة" كنص مقروء أو مكتوب أو مسجل في لوحة فنية أصبح مادة من مواد إحياء ذكرى عاشوراء ومع تعاظم النفوذ الاجتماعي والسياسي يصبح جزءً من المادة الاعلامية في الراديو والتلفزيون فينبغي أن تكون الاستفادة منها على أعظم وجه أداءً وشرحاً وتوجيهاً.
وكذلك في ما يتعلق بتأكيد استحباب حمل السجدة واتخاذ السبحة من تربة الامام الحسين، وقد لاحظنا أثر ترك التقية فيهما باتضاح مرادنا من السجود على التربة عند إخواننا السنة حتى في الحدود السعودية عند السفر للحج وان السجود عليها يعطي فرصة للشيعي يذكر فيها لغيره قصة إستشهاد الامام الحسين وإبلاغ الحجة.
وفي خصوص الاستفادة من "الزيارة" كنص مقروء في الاذاعة أو التلفزيون أرجو أن يحرص القيمون على إفصاح الكلمات ليفهمها الشيعي وغير الشيعي مع الاداء المؤثر عاطفياً. ومما ينبغي لفت الانظار اليه النهي الصادر عن الامام الصادق عليه السلام من ترك الزيارة خوفاً وهو يشمل الزيارة عن بعد وعليه يتأكد الاهتمام بقراءة الزيارة في كل مناسبة يتم فيها احياء مراسم عاشورائية.
.. وللحديث صلة