معركة أولي البأس

خاص العهد

أمين اللجنة العالمية للصحوة الاسلامية لـ
18/08/2020

أمين اللجنة العالمية للصحوة الاسلامية لـ "العهد": في تموز 2006 برزت إرادة الله الى جانب المقاومة

مختار حداد- طهران

بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة عشرة لانتصار المقاومة الاسلامية في حرب تموز 2006 التقى موقع "العهد" الإخباري نائب رئيس وأمين اللجنة العالمية للصحوة الاسلامية الدكتور حسين أكبري، وكان الحوار عن ذكريات حرب الـ33 يومًا ودور الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني في لبنان وكذلك أيام حرب البوسنة كونه كان يعمل دبلوماسياً في تلك الأيام بالبوسنة والهرسك.

وفيما يلي نص المقابلة:

* بداية ونحن على اعتاب ذكرى النصر الالهي في تموز 2006، ماذا تتذكرون من تلك الأيام؟

- عام 2006 عندما بدأت الحرب التي دامت 33 يومًا، أذكر أنني كنت مسؤولًا عن مركز الدراسات الاستراتيجية، وبالطبع كان من المهم جدًا بالنسبة لنا أن نعرف ما كان يحدث في الحرب.

هذه الحرب كانت غير متكافئة، لأن "اسرائيل" كانت لديها امكانيات مادية ولوجستية وترسانة عسكرية ومعدات كبيرة، مقابل امكانيات حزب الله. برأيي كان هذا حدثًا تاريخيًا مهمًا من عدة جوانب، وهو درس تاريخي للبشرية جمعاء: أولاً، لأن الدول العربية قبلت الهزيمة عدة مرات في الحروب العربية - الإسرائيلية، وهذا طرح أسئلة في العالم الاسلامي حول مكامن المشكلة. وسئل كيف يمكن لـ 4 ملايين صهيوني هزيمة مليار مسلم؟ هزمت الدول العربية في حروب أعوام 1948 و 1967 و 1973، والأهم من ذلك في حرب عام 1982 التي أدت إلى احتلال نصف لبنان. لذلك، من وجهة النظر هذه، كان انتصار حزب الله يستحق النظر والاهتمام البالغ.

ثانيا، بعد الحرب العالمية الثانية، أنشأ الأمريكيون والبريطانيون "إسرائيل" في غرب آسيا لتمثيلهم من أجل تحقيق مصالحهم ومواردهم في المنطقة، وكانت "إسرائيل" تحاول أيضًا احتلال غرب آسيا بشكل ما، من النيل إلى الفرات تكون تحت سيطرتهم. من ثم ادعوا أنهم يمكنهم احتلال المنطقة، وقالوا "إذا رغبنا، سنحتل غزة في ساعتين"، واحتلوا لبنان عام 1982 في بضع ساعات، وأوصلوا الفلسطينيين والعالم الإسلامي الى استنتاج مفاده أن الحرب مع "إسرائيل" لا طائل منها، ويجب وقف النضال، والذهاب إلى المفاوضات.

وعندما لم تكن لدى العالم الاسلامي قوة تهدد، تبين أن المفاوضات كانت تتحول إلى لعبة تمثيلية تؤدي في نهاية المطاف الى طرد الفلسطينيين والسيطرة على المنطقة.

برأيي، في تموز 2006 برزت إرادة الله الى جانب حزب الله الذي حقق النصر. وبرهن حزب الله أنه لو كان المسلمون جادين، لكانوا قد انتصروا. في حالة حزب الله، عدد قليل من الأشخاص، بدون جيش كلاسيكي ومعدات عسكرية، حققوا النصر الإلهي وأجبروا "إسرائيل" على قبول شروط حزب الله. حسنًا، لقد أظهر حزب الله قوة الله.

حزب الله، بسبب الصدق والأمانة والإخلاص الذي كان بداخل أفراده وإيمانهم والتزامهم بولاية الفقيه وعاشوراء استطاع تغيير المعادلات العالمية.

الأمريكيون احتلوا العراق في عام 2003 بعد احتلال أفغانستان، وكانوا يسعون إلى السيطرة المطلقة على العالم. وبعد انهيار النظام السوفييتي، اعتبر الأمريكيون العالم ضمن غنائمهم، وكانوا يبحثون عن نظام عالمي جديد، ويريدون جر العالم الاسلامي الى رؤية وفكر الديمقراطية الليبرالية. لكن الشعب العراقي قاومهم ومنعهم من تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير، وكان لإيران دور محوري وأساسي في الدفاع عن مقاومة الشعب العراقي ومناهضة الهيمنة والاحتلال.

وبعد فشلهم في تحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير جاؤوا بالمشروع البديل وغيروا استراتيجيتهم. كانت لديهم بعض المشاكل في تنفيذ هذا المشروع، وإحدى مشاكلهم هي إيران، وثانيًا، ماذا سيحدث إذا أرادوا تنفيذ هذا المشروع وتعرضت "إسرائيل" للتهديد؟ لقد كان أمن "إسرائيل" مهمًا للأميركيين ويريدون الحفاظ عليه بأي شكل من الأشكال.

لذلك توصلوا إلى استنتاج مفاده أن العراق وأفغانستان تحت سيطرتهم، ويستطيعون من خلال برنامج تجزئة باقي الدول، وبعد تجزئتها وجعلها 200 دولة، لن تعود هناك قوة وطنية قادرة على الوقوف ضد أمريكا، لذلك يمكن لأمريكا بسهولة ممارسة هيمنتها على العالم وإخضاع روسيا والصين لها وتحقيق حلمها التاريخي القديم المتمثل في السيطرة المطلقة على العالم، لكن إرادة الله عز وجل هي أكبر منهم.

أراد الأميركيون مهاجمة ايران مع ظنهم أن العديد من الدول العربية في الخليج الفارسي ستكون الى جانبهم، اضافة الى الأمم المتحدة والناتو والبنك الدولي والنظام الاقتصادي وأوبك والنفط الذين يرون أنهم تحت تصرفهم، لكنهم تحسّبوا لامكانية أن يمطر حزب الله الكيان الاسرائيلي بالصواريخ في حال مهاجمة ايران، فذهبوا لمهاجمة حزب الله ولبنان، وكانت نيتهم إعلان خطة جديدة للشرق الأوسط .

ونتذكر جيدًا في هذا الاطار تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس حينها عن "مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد". لذلك، إذا أردنا أن نتحدث بشكل علمي، فإن حزب الله أنقذ البشرية خلال حرب الـ33 يومًا ومنع أمريكا من أن تسيطر على البشرية وتنفذ مخططها الخطير.

حزب الله أصبح الخط الأمامي لإنقاذ البشرية من أسر أمريكا، لأنه لو انتصرت أمريكا و"اسرائيل"، كانت ستتغير المعادلة، ويتحقق حلمهم الذي طال أمده. لكن إرادة الله عز وجل وإخلاص أبناء حزب الله، والنوايا الخالصة والتقوى ودماء الشهداء وآثار دماء الشهداء حققت هذا النصر وهزمت هذا المخطط، والحمد لله، تمكن حزب الله من كسب حرب غير متكافئة ضد جميع النظريات العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية في العالم. أي نظرية عسكرية وسياسية في العالم لم تستطع أن تتنبأ بذلك، الله أبرز قوته من خلال يد حزب الله.
وعندما ذاقت "إسرائيل" الطعم المرير لهذه الهزيمة التاريخية، تهيأت الأرضية لحركات المقاومة الفلسطينية كحركة "حماس" و"الجهاد" لكسر أسطورة الجيش الذي لا يهزم، وهذه القوة الزائفة الورقية.

* كان لكم حضور الى جانب القادة الشهداء، بماذا تميز كل واحد منهم؟

ج: لم أكن في لبنان أثناء الحرب، لكن بعد الحرب ذهبت وشاهدت الدمار. عندما يحلل الانسان جبهة الحق ويغوص في عمقها يرى آيات الله بدلاً من البشر. في بعض الأحيان، في جبهة الحرب العادية، قد ترى بعض رموز القوة، مثل الكاريزما البشرية وبعض الأمور الأخرى، ولكن عندما تتعمق، ترى آيات الله ورموزه، وأحيانًا يظهر الله عظمته من خلال بعض الناس، على سبيل المثال، ترى أن الحاج عماد مغنية كانت تتم متابعته من جميع الأجهزة الأمنية في عالم الكفر وكانوا يخافون منه كشبح، وأعتقد أنه من آيات الله.

أو، على سبيل المثال، سماحة السيد حسن نصر الله، قدرته، اقتداره، صدقه، عظمته، هي على سبيل المثال آية من قوة الله. لا يريد الله إخفاء نفسه في هذه الخليقة، بل يظهر نفسه في بعض الأماكن.

في رأيي الحاج عماد مغنية، السيد عباس الموسوي، السيد ذو الفقار برد الدين، والعديد من الشهداء الآخرين الذين لم يكونوا معروفين، هم نموذج الفناء في الله، وعندما يفنى الشخص في الله، مثل الحاج قاسم سليماني، ينتهي الجود المادي على الإطلاق.

كان للحاج قاسم حتى الأمس القريب وجود جسدي، وكان الجميع يسأل عن مكان تواجده. كان يشبه زجاجة العطر، ترى العطر بداخلها ولكن عندما تنكسر تفوح رائحة العطر في جغرافيا كبيرة، الحاج قاسم الآن مثل هذا العطر الذي يشم الجميع رائحة وجوده بعد الشهادة، هو موجود الان في كل مكان والجميع يشعر بوجوده.

* بماذا تميز الحاج قاسم في حضوره حرب 2006؟

- حضر الحاج قاسم منذ اليوم الأول في الخط الأمامي للجبهة وكان في مكان الحدث، وأوقف كل عمله وحياته وكان حاضًرا في الساحة. ذهاب الحاج قاسم الى هناك كان يدل على تمسك الجمهورية الإسلامية بالمقاومة من الجانب النفسي والعاطفي والعسكري والعقيدة، وكان ذهاب الحاج قاسم دليلًا على أنه لا يوجد شيء أكثر أهمية من هذا الموضوع اليوم. أما الجغرافيا فلا معنى لها على الإطلاق بنظر الحاج قاسم، هنا كان الموضوع مواجهة بين الحق والباطل، وهذا كان على أساس القيم القرآنية.

الأمر نفسه تكرر بالنسبة للعراق، عندما جاءت "داعش" الإرهابية وذهب الى هناك. كما كان الحاج قاسم في سوريا، كان في العراق كذلك، وفي أفغانستان.. لم يكن همّه الهوية الدينية أو المذهبية لحزب الله، بل كان همه وحضوره في كل مكان كان المظلوم والمستضعفون يحتاجون فيه للمساعدة.

* الحاج قاسم رفيق سلاح من ايام الدفاع عن مسلمي البوسنة ماذا تخبرني عن تلك المرحلة؟

- بدأت القضية البوسنية تقريباً عام 1992، لكن الحاج قاسم جاء إلى قوة القدس عام 1997، وزار البوسنة تقريبًا عام 1998.
بعد الحرب العالمية الأولى، وانهيار الإمبراطورية العثمانية وخطة سايكس بيكو، تم تقسيم كل شيء. فقد العالم الإسلامي خاصيته، لذلك نرى تمت السيطرة على العالم الاسلامي لفترة 70 عامًا.

كانت لدينا مشكلتان في العالم الإسلامي، إحداهما اليأس الذي عاد إلى الشعب، وقد عانينا منه في الحروب العربية - الإسرائيلية، والثانية أن بعض قادة الدول الإسلامية أصبحوا عملاء لنظام الهيمنة.

لذلك لم يكن العالم الإسلامي موجودًا بمعنى القوة! حسنًا، تعرض هؤلاء المسلمون للاضطهاد عام 1992، ورابع أكبر جيش أوروبي يعني الصرب، غزا البوسنة. لقد كتبت كتابين في هذا المجال، أحدهما عن تاريخ البوسنة بعنوان البوسنة على مر الزمن  والآخر كتاب أمريكا من الحقيقة إلى الواقع! المؤامرات التي لم يتمكن الأوروبيون من تنفيذها ضد المسلمين نفذها الأمريكيون، والمسلمون الذين لم يكن لديهم الكثير من القوة هناك كانوا ممنوعين في النظام اليوغوسلافي من أن يقولوا إنهم مسلمون، حتى أن التحية في تلك الديكتاتورية الشيوعية المطلقة كانت جريمة.

كان المسلمون أيضًا أقلية منسية تمامًا ولا علاقة لهم بالعالم على الإطلاق، ففي جغرافيا صغيرة في إحدى جمهوريات يوغوسلافيا الست السابقة عندما اندلعت الحرب، بدأت هذه الجمهوريات باعلان الاستقلال بعد الاتحاد السوفييتي. وقالت جمهورية البوسنة والهرسك أيضًا إنها تريد أن تكون مستقلة، وهي كانت مزيجًا من الصرب والمسلمين والكروات. 44٪ من المسلمين 33٪ من الصرب و 17٪ من الكروات.

هاجم الصرب وقالوا إننا سوف ندمر المسلمين وإن هذه الجمهورية ستنتمي أيضًا إلى يوغسلافيا، من ناحية أخرى قال الكروات إن هذه الجمهورية ملك لنا، ولوقت طويل قتل الصرب والكروات المسلمين، وكانت جميع حدودها مقتصرة على صربيا وكرواتيا، ولم يكن لدى مسلمي البوسنة مخرج.

كان هدف الصرب إما قتل المسلمين أو إجبارهم على الهجرة، وكانوا يريدون تدمير أمة. وهذا كان يحدث في أواخر القرن العشرين في أوروبا. ولتدمير هؤلاء المسلمين، ارتكبوا جرائم ، وأضرموا النار في الأطفال، وقطعوا رؤوس الأطفال أمام أهاليهم، وقطعوا رؤوس الآباء أمام الأطفال، وعلقوا الجثث، وألقوا بهم في النهر. لقد جعلوا كل من رآهم يهرب، ولكن لم يكن لديهم مكان يذهبون إليه.

العالم الإسلامي أيضًا ليس لديه إمكانية للدفاع حتى عن بلدانه. على سبيل المثال، ماذا كان الأردن ليفعل لهم؟ أو على سبيل المثال أيضًا، ماذا كان ليفعل النظام السعودي العميل هناك؟ حتى الدول الكبرى التي تدعي، مثل تركيا وماليزيا، وما إلى ذلك، جاءت في شكل قوات "آي فور" لتنفيذ معاهدات الأمم المتحدة وليس للدفاع عن المسلمين.

ولكن الوحيد الذي أعلن وقوفه إلى جانب الشعب البوسني المظلوم كان قائد الثورة الاسلامية. وهذا القرار كان في فترة حساسة جدا. قبل ذلك كان يقال إن للإمام صفات شخصية، وجاذبية، وقائد قادر، وكان البعض يعتقدون أن الثورة ستتباطأ حركتها بعد رحيل الإمام الخميني(رض)، بينما كانت البوسنة على بعد 4000 كيلومتر من ايران، وكان من الصعب للغاية دخول البوسنة. لكن جمهورية إيران الإسلامية تحركت بتدبير من الإمام الخامنئي، وذلك بشعار حماية المسلمين من الذين سعوا إلى تدمير الشعب البوسني المسلم. الايرانيون سعوا من أجل بقاء الشعب البوسني وقالوا يجب أن نلبي هذه الدعوة كفريضة اسلامية و دينية من أجل مساعدة المسلمين.

ذهب الى هناك عدد من الإخوة للمساعدة، وأذكر ما ذكره مبعوث بيل كلينتون الخاص إلى البلقان ريتشارد هولبروك في كتابه، وكذلك الكاتب حسنين هيكل، حيث قالا إنه لو لم تكن الاجراءات الايرانية في عام 1994، لما بقي مسلم يعيش في البوسنة.

نحن ماذا فعلنا هناك؟ ذهب الإخوة وقالوا لهم ماذا تحتاجون؟ قالوا إننا بحاجة إلى الخبز، ونحتاج مساعدات. لأن الجيش البوسني كان يواجه عقوبات شديدة، وعلى الرغم من أنه لم يكن لديهم جيش بمعنى الكلمة، إلا أنه حتى ذلك الجيش البوسني كان لا يستطيع الحصول على الطعام بسبب العقوبات، أي أن الأمم المتحدة قد اجتمعت معاً للضغط وشد الخناق على البوسنيين. في الكلام كانوا يدعون أنهم فرضوا عقوبات على الجميع لمنع دخول الأسلحة، ولكن الصرب والكروات وبسهولة كانوا يقومون باستيراد الأسلحة، وفي الواقع كان البوسنيون فقط هم الذين تعرضوا لعقوبات وحصار شديد.

جاءت الجمهورية الإسلامية وقامت ببناء نفق تحت مدرج مطار سراييفو تمكنت من خلاله من كسر الحصار على العاصمة سراييفو. خلال سنوات الحرب كان يتم ارسال المواد الغذائية ونقل الجرحى والوقود واحتياجات الناس من خلال هذا النفق.
كان النفق هو بطول 750 متراً وكان على المرء أن ينحني ليمر منه بصعوبة. ولكن حدث ذلك وتم تأسيس طريق التواصل مع العاصمة.

* هل قدمتم شهداء في البوسنة؟

نعم، لقد قدمنا أربعة شهداء، الشهيد رسول حيدري وشهيد حسين نواب، وهو صحفي، والشهيد بهنام نيكنام دبلوماسي من وزارة الخارجية والشهيد عبدالله كلاشك وهو حضر للبوسنة من أجل الإمداد الطبي للمسلمين.

لكن هناك بعض النقاط المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار في القضية البوسنية: الأولى هي أننا كنا نسعى إلى الحفاظ على حقوق الإنسان من أجل بقاء المسلمين، وكان هؤلاء يعارضون حقوق الإنسان من أجل تدمير حقوق المسلمين.
نقطة أخرى هي أن قائد الثورة الاسلامية قال أيضًا اذهبوا الى هناك وانظروا ماذا يريدون وما يحتاجونه وساعدوهم على بقائهم، لكن بعض الدول الإسلامية ذهبت الى هناك وكانت تقوم بالدعاية من أجل تحويلهم إلى تكفيريين ومتطرفين وكانوا يصرفون الأموال لتغيير أفكارهم، في حين أن مهمتنا لم تكن للقيام بذلك على الإطلاق.

وقد أحضر الأمريكيون العديد من التكفيريين وسمح لهم الأوروبيون بالدخول الى هناك في ظل ذلك الحصار. وكان الاوروبيون يهدفون من خلال هذا المخطط الى القول إن هؤلاء تكفيريون ويجب قمعهم. وهذا ما يفعله الأمريكيون في العراق وسوريا بجلب مثل هؤلاء الناس الى هناك لاستخدام هذه الأداة لضرب المسلمين. إيران وحدها هي التي ذهبت بقدراتها الخاصة وساعدت الناس هناك.

الإيمان والاعتماد على الله هو الذي جعل المسلمين في هذه الجغرافيا في نهاية المعركة غير المتكافئة يؤسسون جيشًا من 60 ألف شخص ويذهبون لكسر حصار سراييفو، لقد تحولوا من لا شيء إلى 60.000 جندي، ووحدات قتالية، وعدة فيالق وألوية، فخاف الغربيون من أخذهم مناطق الكروات والصرب، ودخل الأمريكيون، وانتهت المهمة الأوروبية، وجاؤوا بمشروع دايتون.
إذا كان من بلد ما في تاريخ البشرية سيحصل على جائزة حقوق الإنسان على أساس ضمير البشر، فهي الجمهورية الاسلامية وليس أي بلد أو شخص آخر.

نحن ذهبنا الى البوسنة على أساس واجبنا الاسلامي والانساني وأنقذنا شعبًا مظلومًا من القتل والدمار. نحن مسلمون، نتصرف وفق تعاليم القرآن الكريم، ونخضع لثقافة أهل البيت عليهم السلام، نساعد المستضعفين في العالم، هذه فلسفتنا حول العالم.    

أمين اللجنة العالمية للصحوة الاسلامية لـ "العهد": في تموز 2006 برزت إرادة الله الى جانب المقاومة

* في مثل هذه الأيام كانت مجزرة سربرينيتشا، ماذا تقولون عنها وما هي رسالتكم للمسلمين؟

- عندما تم التوقيع على معاهدة السلام، والتي كانت تسمى خطة دايتون، تقرر أن تذهب في المرحلة الأولى قوات "الآي فور"، ومن ثم قوات الـ "إس فور" لتحقيق الاستقرار.
 
كان بعض المسلمين في جغرافية الصرب، وكانت سربينيستا واحدا من هذه الأماكن في جغرافية الصرب وكانت تحت الحصار التام خلال هذه الحرب. لكن الناس قاوموا، على سبيل المثال، في بيرشكو، في ستلاكس، وكانت هناك العديد من المدن الأخرى التي كانت تحت الحصار الكامل من بداية الحرب حتى نهايتها، و كان يتم نقل الجرحى  وجلب الطعام عبر الجبال. أكثر من مرة أنا ذهبت الى منطقة غراجده وكانت تستغرق الرحلة بالفعل ثلاثة أو أربعة أيام للوصول إلى هناك.

وفي ظل هذا الحصار والطريق الصعب كان يجب نقل الجرحى وايصال الغذاء، فكيف يعيش الناس؟ كانوا يأكلون جذور الأشجار وكان هناك حصار كامل من الصرب. كما كانت سربينيستا تحت الحصار الكامل من قبل الصرب.

عندما كانت الأمم المتحدة متمركزة هناك، كان الهولنديون في تلك المنطقة، جاؤوا إلى المسلمين وأخبروهم بأن يلقوا أسلحتهم، على أن يوفروا لهم الأمن وزعموا عدم نيتهم القتال لأن هذه القوة (الهولندية) كانت قوات حائلة بين الجانبين. بعد أن ألقى البوسنيون سلاحهم، سمح الهولنديون بسهولة للصرب بالقدوم، وجاء الصرب وأخذوهم جميعاً، وفي ملعب رياضي، قتلوا عدة آلاف منهم في يوم واحد، وذلك أمام أنظار الاوروبيين والأمريكيين، وهذه وصمة عار عليهم في تاريخ البشرية. ارتكب الصرب والأوروبيون هذه الجريمة ضد المسلمين بالتنسيق والتخطيط، وتم ارتكاب العديد من هذه الجرائم خلال الحرب، ولكن هذه الجريمة تمت بتنسيق كامل مع الأوروبيين وهي ستبقى وصمة عار على جبين الغرب.

أمين اللجنة العالمية للصحوة الاسلامية لـ "العهد": في تموز 2006 برزت إرادة الله الى جانب المقاومة
الحاج علاء البوسنة ( الحاج علي فياض)

* المجاهدون اللبنانيون في جبهة البوسنة كيف كان أداؤهم؟

- نعم، كانت لديهم مجموعة جاءت إلى البوسنة للمساعدة، لقد طلب البوسنيون من الجميع المساعدة، بالطبع، شعر أعضاء حزب الله بهذا الواجب، وساعدوهم كثيراً في تلك المواقف الصعبة والحرجة التي لم يكن فيها أحد، جاء حزب الله لمساعدتهم وتزويدهم بالخبرة.
لدى حزب الله أسلوب قتال، وهذا نموذج خاص به في ظروف صعبة ومعقدة من حيث العقبات والموقع الجغرافي والقدرة القتالية. حزب الله قام بدوره الإنساني وساعد البوسنيين كثيراً وكان هذا في وقت لم يكن أحد في العالم على استعداد لمساعدتهم حتى لمساعدة أولئك الذين لم يكن لديهم حتى أحذية، ناهيك عن الأسلحة والمعدات والمنشآت والذخيرة.

* ما هي رسالتكم للمقاومين قي فلسطين انطلاقًا من تجربة البوسنة؟

- هذه الرسالة للمسلمين، وليس فقط لفلسطين، قاوموا واتكلوا على الله عز وجل كما ذكر في الآية الـ30 من سورة فصلت (إِنَّ الَّذِینَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلَآئِکَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتِى کُنتُمْ تُوعَدُونَ‏) فلذلك من جعل هذه الآية قدوة له سوف يتحرر من الذل والأسر والاحتلال.

* رسالتكم الى السيد نصرالله ماذا يمكن أن تحمل؟

- أنا لست في مكانة أن أرسل لسماحته رسالة، لا أستطيع أن أرسل له رسالة، هو، والحمد لله، يجلس في مكان يشرح من خلاله الأبعاد المختلفة لقوة الله في البشر نظرياً وعملياً، وقد منحه الله تعالى هذا التوفيق.

برأيي ، يمكن نقض العديد من النظريات المادية للعالم من خلال سلوك السيد نصر الله. يمكن انتقاد نظرية الحرب، يمكن انتقاد نظرية القوة الناعمة. إن القوة الناعمة للعالم تقوم على أساس الخداع والأكاذيب وما إلى ذلك، لكن القوة الناعمة للسيد نصر الله قائمة على الصدق والإخلاص والتقوى والاعتماد على الله. حتى عدوه يعترف بصدقه.
السيد نصر الله وحزب الله، هما نوع من البرهان وحجة لله في الدفاع عن الحق وإذلال "إسرائيل" وأمريكا.

حرب تموز 2006عدوان تموز 2006البوسنة والهرسك

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة