معركة أولي البأس

خاص العهد

جريمة المرفأ أمام المجلس العدلي: ماذا يعني؟ 
12/08/2020

جريمة المرفأ أمام المجلس العدلي: ماذا يعني؟ 

فاطمة سلامة

في آخر جلسة لها، وقبل إعلان استقالتها، أحالت الحكومة اللبنانية برئاسة الدكتور حسان دياب جريمة تفجير مرفأ بيروت الى المجلس العدلي. تلك الجريمة ليست عادية، بل  جريمة وطنية تُشكّل سابقة في تاريخ لبنان. وعليه، كان لا بد من إحالتها الى أعلى محكمة قضائية في لبنان. تلك الإحالة أتت على وقع مطالبات بتدويل ملف التفجير لتمييعه وتسييسه. وليست مطالبة البعض بلجنة تحقيق دولية سوى محاولات للاستثمار في هذه الجريمة الكبرى، ما يعني حكماً بقاء القضية معلّقة بلا نتيجة الى أجل غير مسمى. فماذا تعني إحالة جريمة المرفأ الى المجلس العدلي؟.

قرطباوي: المجلس العدلي هو أعلى محكمة قضائية في لبنان

وزير العدل الأسبق شكيب قرطباوي يُشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنّ إحالة أي قضية الى المجلس العدلي تعني الإحالة الى أعلى محكمة قضائية في لبنان. تقدير الإحالة عادة يعود -وفق قرطباوي- الى الحكومة والأخيرة رأت في الحادثة خطورة كبيرة تستوجب إحالتها الى أعلى هيئة قضائية في لبنان. ويوضح قرطباوي أنّ هناك سوابق في هذا المجال حيث أحيلت قضية الإمام المغيّب السيد موسى الصدر الى المجلس العدلي، كما أحيلت قضية رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الى المجلس العدلي قبل أن تحال لاحقاً الى "المحكمة الدولية". وفق قرطباوي، تحال الى المجلس العدلي القضايا الوطنية الكبرى والتي يعتبرها مجلس الوزراء خطيرة جداً. 

جريمة المرفأ أمام المجلس العدلي: ماذا يعني؟ 

هل تؤملون معرفة حقيقة التفجير ومحاكمة المسؤولين عنه من خلال المجلس العدلي؟ يعرب قرطباوي عن أمله في ذلك لأنه أعلى محكمة في لبنان، خصوصاً إذا تأمّنت الخبرات التقنية الكافية من خبراء ورجال أمن وغيرهم. 

غياض: هذه هي الجرائم التي ينظر بها المجلس العدلي 

أستاذ القانون الجزائي في الجامعة اللبنانية الدكتور وسام غياض يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ المجلس العدلي هو بمثابة محكمة استثنائية تنظر سنداً للمادة 356 من قانون أصول المحاكمات الجزائية في الجرائم التالية:

-الجرائم التي نصّت عليها المواد من 270 حتى 336 من قانون العقوبات، وهي الجرائم الواقعة على أمن الدولة كالخيانة - التجسّس - الصلات غير المشروعة بالعدو - الجرائم الماسّة بالقانون الدولي - النيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي - جرائم المتعهدين - الجنايات الواقعة على الدستور - اغتصاب سلطة سياسية أو مدنية أو قيادة عسكرية - الفتنة - الإرهاب - الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكّر الصفاء بين عناصر الأمة - النيل من مكانة الدولة المالية - جرائم الأسلحة والذخائر - التعدي على الحقوق والواجبات المدنية - وجمعيات الأشرار.

- الجرائم المنصوص عليها في قانون 11/01/1958 والتي تشمل جرائم الإعتداء أو محاولة الإعتداء التي تستهدف إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي بتسليح اللبنانيين أو بحملهم على التسلّح بعضهم ضد البعض الآخر، أو الحضّ على التقتيل والنهب والتخريب (...).

-جميع الجرائم الناتجة عن صفقات الاسلحة والاعتدة التي عقدتها أو تعقدها وزارة الدفاع الوطني والجرائم المرتبطة بها أو المتفرعة عنها ولا سيما المنصوص عليها في المواد 351 حتى 366 ضمنا من قانون العقوبات وفي المواد 376 و 377 و 378 منه وفي المواد 453 حتى 472 ضمنا منه, وفي المادتين 138 و 141 من قانون القضاء العسكري.

ممّ يتألف؟ 

وبحسب غياض، نصّ القانون على أنّ يتألف المجلس العدلي من خمسة أعضاء: الرئيس الأول لمحكمة التمييز أي رئيس مجلس القضاء الأعلى كرئيس للمجلس العدلي، بالإضافة الى أربعة  قضاة في محكمة التمييز يتم تعيينهم في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وموافقة وزير العدل. ويوضح غياض أنّ من يمثل النيابة العامة لدى المجلس العدلي هو النائب العام التمييزي أو من ينوب عنه من معاونيه، وهو من يمثل الدولة اللبنانية أمام المجلس. 

كما يلفت غياض الى تعيين محقق عدلي باقتراح وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، مهمته وضع المذكرات المطلوبة للتوقيفات أمام المجلس العدلي. ويؤكّد المتحدّث أنّ المجلس العدلي يضع يده على الملف بصورة عينية اذ إنّ أي شخص موجود وله علاقة بالجرم بالإمكان استدعاؤه حتى ولو لم يرد اسمه في ادعاء النيابة العامة لأنّ المواضيع التي ينظر بها تتعلق بجرائم خطر شامل وتمس بأمن الدولة وليست قضايا عادية. 

وفي معرض حديثه عن المجلس العدلي، يلفت غياض الى أنّ هناك مادة مهمة في أصول المحاكمات الجزائية تنص على أنه لا تحدّد مهلة للتوقيفات، بحيث عندما يصدر عن المحقق العدلي مذكرة توقيف بحق أي كان من المتهمين بالتفجير لا تخضع لمدة الستة أشهر بل تبقى مفتوحة حتى يصدر المجلس العدلي أحكامه، كما بإمكانه إصدار مذكرات قبض. 

ويلفت غياض الى أن أحكام المجلس العدلي كانت سابقاً قطعية ونهائية ومبرمة ولم تكن تقبل أي شكل من أشكال الطعن أو المراجعة العادية والاستثنائية، ولكن في العام 2005 جرى تعديل المادة 366 في ملف يوسف شعبان الذي كان محكوماً وثبتت براءته جرى تعديل المادة لإطلاق سراحه، ما مهّد لأن تصبح الأحكام قابلة للطعن عن طريق إعادة المحاكمة. وهنا يوضح غياض أن البعض لا يزال حتى اليوم ورغم تعديل المادة 366 يشير الى أنّ أحكام المجلس العدلي مبرمة، وهذا أمر غير صحيح. 

ماذا عن أحكامه؟ 

هل أحكام المجلس العدلي فعالة أم لا؟ يسأل غياض هذا السؤال ويجيب عن نفسه بالقول :"عندما نتحدث عن القانون لجهة أحكام المجلس العدلي الثابتة شيء، وعندما نتحدّث على أرض الواقع شيء آخر". التجربة -بحسب غياض- تقول بأن أحكام المجلس العدلي لم تكن فعالة كثيراً، خاصة أن القضاء في لبنان ليس مستقلا كثيراً وخاصةً أنّ الأحكام التي تصدر عن القضاء العدلي لا تحترم كثيراً للأسف. وهنا يلفت غياض الى أنّ المفارقة تكمن في أنّ الدعاوى التي تحال الى المجلس العدلي تحال بناءً على مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء، وهذا ما حصل فعلاً، اذ لا يستطيع المجلس العدلي أن يضع يده على أي نزاع بدون مرسوم للقضاء من قبل الحكومة والا يكون عندها للقضاء الجزائي الحق في التحقيق بالقضية. ويضيف غياض:" لاحظنا أن هناك محاولات لتدويل الملف وإنشاء محكمة جزائية دولية على غرار ما حصل بقضية الحريري والتي ورغم مرور 15 سنة لم تصل الى أي نتيجة". 

وفي الختام، يتمنى غياض أن يصدر المحلس العدلي أحكامه هذه المرة دون تدخلات لأنّ الجرم الذي حصل وخلّف عشرات الشهداء وآلاف الجرحى لا يمكن أن يمر مرور الكرام، لأنه من الجرائم الخطيرة جدا.

 

القضاء

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل