خاص العهد
هل تُساهم عودة دفع التحويلات من الخارج بالدولار في خفض سعر صرفه؟
فاطمة سلامة
تأخّرت كثيراً خطوة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعودته عن التعميم المُجحف الذي حرم المواطنين حقّهم بقبض الأموال المرسلة اليهم من الخارج بالدولار الأميركي. تلك الخطوة لا شك أنها تركت انعكاسات كبيرة على حجم التحويلات المتأتية من الخارج عبر شركات التحويل. كُثر فضّلوا إرسال الأموال بطرق أخرى، ومن ليس مضطراً فضّل التوقف عن إرسال التحويلات، أو الاكتفاء بإرسال القليل منها. عملية حسابية بسيطة تُثبت كيف كان يجري قضم قيمة العملة المُرسلة التي فقدت أكثر من نصف قيمتها وفقاً لسعر الصرف المتداول في السوق. على سبيل المثال، من كان يُرسل 1000 دولار شهرياً كان يتلقاها ذووه على أساس سعر صرف 3850، بينما سعر الصرف يتراوح في السوق السوداء ما بين الـ7500 الى 8000 وأحياناً قد يتخطى هذا الرقم. والمشكلة تكمن في أنّ أغلب السلع والحاجات اليومية سُعّرت وفقاً لسعر السوق السوداء ما يعني فعلياً تآكل القدرة الشرائية لمتلقي التحويلات.
أمس أصدر حاكم مصرف لبنان التعميم رقم 566 وفيه:" على المؤسسات غير المصرفية كافة التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الإلكترونية أن تسدد قيمة أي تحويل نقدي بالعملات الأجنبية الواردة اليها من الخارج بالدولار الأميركي". ربما هذه الخطوة أكثر من ضرورية للمواطنين الذين يذوقون الأمرين خصوصاً بعد نكبة تدمير المرفأ وما صاحبها من مآس وأزمات. فهل ستنعكس هذه العودة المتأخرة في خفض سعر صرف الدولار بعدما وصل أرقاماً قياسية؟.
عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ عودة التحويلات بالدولار تعطي الثقة للمغتربين وتشجّعهم على إرسال الأموال لذويهم على اعتبار أنهم سيتقاضون حقّهم كما هو. وفق حسابات رمال، قد تزيد هذه الخطوة قيمة التحويلات من الخارج بعدما تراجعت كثيراً في الفترة الماضية حيث تقلّصت الى الربع، فبعدما كانت يومياً تتراوح بين المليون والمليون ونصف دولار، وصلت الى ما دون الـ400 ألف دولار. أما اليوم وبعد التعميم الجديد، فيرجّح رمال ارتفاع حجم التحويلات مع عودة الثقة على اعتبار أنّ المتلقي هو من يتحكّم بالمبلغ المرسل، فبعض الأشخاص الذين تتوجّب عليهم أقساط بالدولار، كانوا يتقاضون التحويلات بالليرة اللبنانية وفوق خسارتها كانت تضطر لشراء الدولار من السوق لتأمين بدل الأقساط وهكذا تبدو العملية خسارة بخسارة، ما أدى الى تراجع التحويلات عبر المؤسسات غير المصرفية. كثيرون فضّلوا إرسال الأموال مع أشخاص قادمين من الخارج أو عبر صرافين أو حتى عبر المصارف وبعمولة منخفضة. لذلك، من المرجّح -يقول رمال- أن تزيد نسبة التحويلات بعد تمكّن المواطن من التصرف بها بحرية.
ويوضح رمال أنّ عودة التحويلات بالدولار ستنعكس على كمية الدولارات الموجودة في السوق، لأنها لن تعود الى حوزة الدولة بل ستصل الى يد المواطن مباشرة. الأخير سيبيع الصرافين. ومن هذا المنطلق، قد يزيد هذا التعميم من كمية الدولارات في السوق. ولكن -برأي رمال- لن تنعكس هذه العملية كثيراً على سعر صرف الدولار في السوق الموازي لأنّ كمية التحويلات قليلة مقارنة بحاجة السوق. وفق رمال، صحيح قد ترتفع قيمة التحويلات ولكن صرفها سيكون لمجرد شراء الحاجات الأساسية للمواطن، بعدما انصبّ اهتمام الغالبية باتجاه الأساسيات في هذه الفترة، وخاصةً أن البعض بات يُفضّل الاحتفاظ بالدولار على اعتبار أنّ سعر الصرف يسير باتجاه الارتفاع، وهذا هو الواقع، يقول رمال الذي يوضح أن الليرة اللبنانية تفقد قيمتها وسط طباعة المزيد من العملات بالليرة اللبنانية على اعتبار أنّ الدولة اللبنانية تؤمن نفقاتها ورواتبها من خلال الطبع لا الانتاج ولا المداخيل القائمة على جني الرسوم والضرائب، وذلك نتيجة غياب النشاط الاقتصادي في البلد وغياب الاستقرار وإقفال المؤسسات. وفق رمال، انخفضت مداخيل الدولة بشكل غير مسبوق ما دفع بالسلطة الى طباعة المزيد من العملة، الخطوة التي أدّت الى التضخم ومعه انخفضت القدرة الشرائية وارتفع سعر صرف الدولار نتيجة الاستهلاك والطلب عليه بعد أن أصبح الدولار سلعة نادرة.
وفيما يحكى عن توجه لرفع الدعم عن السلع الأساسية، يوضح رمال أنه وبحسب المعلومات والمعطيات لن يحسم الموقف قبل نهاية العام، لأن عملية التقييم قد تحصل في آخر السنة. وفق رمال، فإنّ النكبة التي حلّت ببيروت ستجعل الكثير من القرارات الموجعة والصعبة في دائرة التأجيل.