خاص العهد
كيف تستمرّ المصالح دون كهرباء؟
ياسمين مصطفى
يُنذر تفاقم أزمة الكهرباء في لبنان بكارثة حقيقية، و"عتمةٍ" على مستوى كل المناطق. الشحّ والتقنين القاسي للتيار الكهربائي من الدولة من جهة، وغلاء المازوت إلى حدود الـ35 ألف للتنكة في السوق السوداء وزيادة الاحتكار في هذا القطاع الحيوي دفع أصحاب المولدات للبدء بتقنين مكثف، وصولا إلى مصير الإطفاء الشامل.
حال أصحاب المصالح دون كهرباء أصبح صعبًا، فكيف يتصرّف هؤلاء لتستمرّ مصالحهم؟
3 فاتورات كهرباء!
"900 ألف ليرة" هي فاتورة اشتراك الكهرباء لشهر واحد لملحمة في إحدى مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت. الرقم صادم، لكن صاحب الملحمة "أبو علي" يكشف ملابساته. في حديثه لموقع "العهد" الإخباري يوضح أن انقطاع التيار الكهرباء عن الملحمة طوال النهار دفعه للاشتراك بمولّديْن لإمداده بالكهرباء، ما يحتم عليه آخر كل شهر دفع فاتورتيْن لأصحاب المولّدات الخاصة فضلا عن فاتورة يسدّدها لكهرباء لبنان.
يتدبّر "ابو علي" أمر تأمين الكهرباء بهذه الطريقة، بالاتفاق مع صاحبي المولّدين فحين يعمد الأول لإطفاء المولد يشغل الثاني مولده وهكذا يبقى التيار الكهربائي متوفرًا طوال ساعات العمل في الملحمة.
المولّد الخاص
حال القصاب "أبو علي" الصعب ينسحب على عمل مختلف المصالح والمهن والمؤسسات، لكن بعضها اشترى لنفسه مولدا حتى لا يكون استمرار عمله مرهونا بعمل أصحاب المولدات والاشتراكات. حسن ترمس صاحب "استهلاكية" في منطقة المريجة هو أحد هؤلاء.
وعلى الرغم من امتلاكه مولدا خاصا بالاستهلاكية إلّا أن شحّ المازوت أثّر عليه بشكل كبير. وفق حسن، لا مجال ليعمل المولد 24/24 فالتكلفة كبيرة، من "غيار الزيت" إلى الصيانة واستهلاك المازوت، لذلك لجأ إلى تقنين تشغيله خلال ساعات النهار والليل، خاصة أن الاستهلاكية تحتوي الألبان والأجبان والمثلجات والأغذية التي لا تحتمل انقطاع الكهرباء لساعات.
ومع تفاقم الأزمة، اتخذ حسن قرارا بعدم بيع المثلجات والألبان والأجبان وكل ما يتلف جراء انقطاع التيار الكهربائي.
الكهرباء تُعرقل الدوامات المنزلية
ما زاد طين انقطاع الكهرباء بلّة، انتشار فيروس كورونا في لبنان وارتفاع الإصابات به على مؤخرا مستوى المناطق ما دفع الكثير من المؤسسات للتخفيف من أعداد الموظفين في مراكز العمل والانتقال للعمل من المنزل حيث أمكن. في هذا السياق تشرح فاطمة الحسيني لموقعنا معاناتها إثر انقطاع التيار الكهربائي أثناء دوام عملها من المنزل.
يتطلب عمل فاطمة تأمين الكهرباء للحاسوب والانترنت كونها تعمل في موقع إخباري على الشبكة العنكبوتية. مع بداية التقنين القاسي للكهرباء من شركة لبنان كان اعتماد فاطمة على المولدات الخاصة، إلا أن شح مادة المازوت ولجوء أصحاب المولدات للتقنين أيضا دفعها للنزوح نحو القرية.
وتضيف فاطمة في حديثها لموقعنا:" في القرية كان وضع الكهرباء مستقرا والتغذية كانت تتجاوز الـ15 ساعة يوميًا، إلى أن ضرب التقنين قرى البقاع الشمالي أيضًا. وبعد تدهور الوضع، وفي ظلّ توقّف كلّ النشاطات العملانية والمنزلية بسبب غياب الكهرباء، اعتمدنا على المولدات في البلدات وهي أيضًا راحت تُقنّن".
تختم فاطمة أن الكثير من الأعمال توقفت اليوم بسبب انقطاع التيار الكهربائي، الذي ما عاد يسعفها لتغطية دوامها الكامل وتقول:"الإنترنت والحاسوب يعتمدان على الكهرباء، إذا حضرَت نعمل وإن لم تحضر نتوقف عن العمل، المرحلة صعبة للغاية. ولا نعرف إلى متى سنظلّ نعاني".
تنظيم التقنين حلّ؟
الواقع يزداد سوءا في دور حضانة الأطفال التي تتخوف من انقطاع التيار الكهربائي عنها وتحاول قدر المستطاع تأمينه بشتى السبل. زينب قصير وهي صاحبة إحدى هذه الدور تحكي معاناتها مع صاحب المولد الخاص، وتقول: " لا مجال لانقطاع التيار الكهربائي لساعات عن الحضانة، الطقس حار جدا والأطفال الصغار لا يحتملونه".
أما الحل الذي توصلت إليه زينب فكان الاتفاق مع أصحاب المبنى الذي فيه الحضانة وصاحب المولد الخاص على تحديد ساعات لتقنين التغذية الكهربائية بشكل يناسب الجميع، وبقدر محدد لا يضر الحضانة ولا قاطني المبنى.