ابناؤك الاشداء

خاص العهد

 كورونا.. مع ارتفاع عداد المصابين: كيف تبدو القدرة الاستيعابية للمستشفيات؟ 
28/07/2020

 كورونا.. مع ارتفاع عداد المصابين: كيف تبدو القدرة الاستيعابية للمستشفيات؟ 

فاطمة سلامة

أكثر ما يُثير القلق حالياً لدى المسؤولين والمعنيين والمتابعين عن كثب للواقع الصحي في لبنان، هو الخوف من امتلاء أسرّة المستشفيات بمصابي "كورونا" وعجزها عن استقبال المزيد. ثمّة هواجس كثيرة في هذا الصدد، خصوصاً لجهة الإصابات التي تتطلّب إدخالها الى غرف العناية الفائقة. أمام هذه الحالات لا متّسع للوقت، والمطلوب تأمينها على وجه السرعة. إلا أنّ المشكلة تكمن في أن المستشفيات الحكومية تعاني من عدد أسرّة محدود في غرف العناية الفائقة تبلغ نحو 325 سريراً. تماماً كما تكمن المشكلة في عدد أجهزة التنفس المحدود والذي لا يتخطى الـ1400 جهاز موزعة على المستشفيات الحكومية والخاصة. جزء منها يُستهلك بطبيعة الحال من قبل مرضى آخرين غير مصابين بـ"كورونا". وهو الحال الذي حدا بأكثر من جهة معنية الى استحضار تجربة الدول الكبرى التي عجز جهازها الاستشفائي عن تغطية كافة المصابين ما حدا بها الى اللجوء لسياسة المفاضلة بين مريض وآخر تبعاً لمعايير محددة. وفي هذا الصدد، علت الصرخة من مستشفى الحريري التي أكّد معنيون فيه أنّ القدرة الاستيعابية على وشك النفاد. فكيف يبدو واقع المستشفيات اليوم؟ وما المطلوب لتدارك الأسوأ؟. 

عراجي: نتخوّف من بروز حالات حرجة بشكل واسع 

رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي يستعرض في حديث لموقع "العهد" الإخباري واقع المستشفيات، فيوضح بدايةً أننا دخلنا في المرحلة الرابعة من انتشار وباء كورونا لأنّه تسلّل الى كافة المناطق والقرى، وهذا الأمر مقلق جداً، إلا أنّ القلق الكبير لدينا يكمن في تخوفنا من تفشي الوباء بشكل واسع وبروز حالات حرجة كثيرة نضطر الى الذهاب بها الى العناية المركّزة مباشرةً بسبب عارض ضيق التنفس القوي الذي يحصل جراء أمراض معينة كالقلب أو القصور في الرئتين. هذه الحالات تستدعي -وفق عراجي- أجهزة تنفس اصطناعي وسط القدرات المحدودة لدينا. 

 

 كورونا.. مع ارتفاع عداد المصابين: كيف تبدو القدرة الاستيعابية للمستشفيات؟ 

المستشفيات الحكومية غير قادرة وحدها على استيعاب المرضى

وبحسب عراجي، فإنّ المستشفيات الحكومية غير قادرة وحدها على استيعاب المرضى اذا أصبح لدينا تفش واسع -لا سمح الله- مع حالات خطرة. نملك 27 مستشفى حكوميا، 12 منها جرى تجهيزها والبقية جُهّزت ولكن ليس كما يجب. ويتوزّع على الـ27 مستشفى 325 سريراً. هذا العدد غير كاف لاستيعاب كافة الحالات اذا ما تفشى الوباء بشكل كبير. وعليه يُناشد عراجي المستشفيات الخاصة بأن تبادر وتوسع أقسام "الكورونا" لديها. وفق حساباته، لدينا 2500 سرير في غرف العناية الفائقة في لبنان موزعة على المستشفيات الحكومية والخاصة، وحوالى 1400 جهاز تنفس، منها نحو 800 يتم استهلاكها من قبل مرضى القلب والسرطان وغيرهم، ليبقى حوالى 600 بالإمكان استخدامها في مواجهة الكورونا. 

لتأخذ المستشفيات الخاصة المبادرة 

وفي معرض حديثه عن الواقع الصعب، يوضح عراجي أن مستشفى الحريري يملك حوالى 25 سريراً في العناية الفائقة، ولديه حالياً 21 مريضاً بحالة حرجة وثلاثة أشخاص توفوا. كما أن قسم الكورونا ممتلئ لديها. وهنا يُكرّر عراجي دعوته المستشفيات الخاصة لأن تبادر وتوسّع مساهمتها خاصة أن لديها أكثر من مئة مستشفى. سألناه: لكن هذه المستشفيات تقول إنّ هناك مستحقات على الدولة لم تتقاضها؟ فأجاب المتحدّث: صحيح ونحن فعلنا المستحيل بالتعاون مع وزير الصحة وقمنا باجتماعات مع الجميع وتناقشنا في هذه القضية، وأخذنا توصيات تواصل على إثرها وزير الصحة مع وزير المالية وجرى صرف 100 مليار ليرة من أصل هذه المستحقات، وقريباً سيتم صرف ثلاثة أشهر منها، وهناك 450 مليار ليرة تم التوافق على صرفها في مجلس النواب. لكنّ عراجي يوضح أنّ لهذه المستشفيات مستحقات بـ2000 مليار ليرة وهو رقم كبير وليس على وزارة الصحة فقط.  

سعر صرف الدولار أثّر على الواقع الطبي 

ويوضح رئيس لجنة الصحة النيابية أنّ أزمة سعر صرف الدولار أثّرت على الواقع الطبي كثيراً وعلى فاعليته وجهوزيته. تماماً كما أثرت  على المستلزمات الطبية والمستشفيات حيث تراجعنا خطوات الى الوراء، فالمشكلة الكبيرة تكمن -برأي عراجي- في أنّه عندما أتت موجة "الكورونا" في شباط تمكنا من أخذ الاحتياطات اللازمة لاحتواء هذا الوباء المستجد وجهزنا بعض المستشفيات الحكومية وبعض المستشفيات الخاصة جهّزت نفسها ايضاً، لكنّ الاستهتار الذي حصل من قبل الناس التي وجدت أنّ نسبة الوفيات بكورونا قليلة نسبة الى الوفيات العالمية، دفعها الى التراخي والقول إن الكورونا ليس سوى رشح عادي، إلا أن الحقيقة مغايرة، وبرأيه، كان من المفترض أن نتخذ إجراءات متشددة يوماً بعد يوم كارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي،  فنظرة سريعة على كل محال التجمعات تبين أن الالتزام بالتباعد الاجتماعي ووضع الكمامة كان نادراً. 
 
 الوضع حرج والمطلوب التشدد كثيراً
 
كما يوضح عراجي أن بعض الوافدين من الخارج كانوا سبباً في تفاقم الأزمة، اذ لم يلتزم بعضهم بالحجر ولم ينتظر نتائح فحص الـpcr، وهذا إهمال كبير. وهنا يلفت عراجي الى أننا وصلنا الى هنا والوضع حرج لكن لم يعد ينفع اللوم، والمطلوب اليوم التشدد كثيراً في الاجراءات، وخاصة فيما يتعلق بارتداء الكمامة بعدما تبين أن لها إفادة كبيرة جدا طبعاً بالإضافة الى التباعد الاجتماعي. ويسجّل عراجي ملاحظاته على الاقفال المتقطّع. برأيه، يجب أن نقفل مرة واحدة ليأخذ القطاع الطبي والمواطنون نفساً لنتمكن من السيطرة على الوباء. ويستغل عراجي الفرصة ليشدّد على ضرورة إنصاف الكادر التمريضي والجهاز الطبي وحمايتهم، فهؤلاء العساكر الذين نضعهم في خط الدفاع الأول يجب أن نقدّم لهم سلاحا ومعنويات وعلينا أن نقدم لهم دعماً عبر تعزيز القدرة المالية للممرضين والممرضات لأنّ التصفيق وحده غير كاف. 

 فقدنا السيطرة 

ويعرب عراجي عن هاجسه من أن يتفشى الوباء بشكل كبير وتمتلئ ممرات المستشفيات بالمصابين وبالحالات الخطرة، مشدداً على ضرورة التزام المواطنين بارتداء الكمامة  والتباعد الاجتماعي فالوضع ليس مريحاً وليس سليما. نحن فقدنا السيطرة -يقول عراجي- الذي يكرّر ويشدد على ضرورة تحمل الناس والدولة والبلديات وكل المعنيين المسؤولية وإلا "بتروح علينا" يختم عراجي.  

ضومط: الكادر التمريضي في هذه الأيام عملة نادرة يجب المحافظة عليها 

بدورها، ترى نقيبة الممرضين والممرضات ميرنا ضومط أنّ تحديات "الكورونا" كبيرة ولا تقع فقط على أكتاف الممرضين والممرضات الذين لعبوا دورا متقدما جدا للحفاظ على صحة المجتمع اللبناني، بل على كل فرد منا وكل مواطن أن يتحمل مسؤوليته. وتُشدد ضومط على أننا كنقابة تحملنا مسؤوليتنا رغم كل التعسف الحاصل بحق الممرضين والممرضات، ومن يقل لنا إن هناك نقصاً في التمريض، نقل له إن كلامك غير دقيق، لأن الممرضين والممرضات يتم صرفهم من المستشفيات وهناك ما بين 35 الى 40 بالمئة من الكادر التمريضي إما جرى صرفهم من العمل، أو يتقاضون راتبا جزئيا أو تمارس بحقهم تصرفات تعسفية من المستشفيات، وهذا الأمر غير مقبول بحسب ضومط التي تشدد على أن الكادر التمريضي في هذه الأيام هو عملة نادرة يجب الحفاظ عليه. وتؤكد المتحدثة أنه ولهذه الأسباب التي تحصل في كافة مستشفيات لبنان أعلنا 5 آب يوم إضراب للكادر التمريضي ليرى العالم بأكمله ما الذي يمكن أن ينجزوه بدون تمريض. وفق قناعاتها، فإنّه وبدون التمريض لا وجود للسياسة والصحة والتعليم والاقتصاد والمال والاعلام ولا لأي شيء. 

 

 كورونا.. مع ارتفاع عداد المصابين: كيف تبدو القدرة الاستيعابية للمستشفيات؟ 

 

الحرب طويلة

وتُشدّد ضومط في حديث لموقعنا على أنّه لا يوجد نقص في أعداد الممرضين والممرضات في لبنان، بل لدينا قلة وعي في المحافظة عليهم. أيعقل في بلد يخوض حربا صحية أن يتخلى عن ممرضيه؟ تسأل ضومط التي توضح في سياق متصل أن الكادر التمريضي أجرى تدريبات ضد الكورونا قبل بروز أي حالة في لبنان، ففيروس كورونا بنظرها من أسهل الميكروبات التي نتعامل معها والكادر التمريضي مجهّز بأكمله للتعامل معه لكن المهم المحافظة عليه لأن الحرب طويلة، والمهم إعطاؤه حقوقه لأن الرواتب لم تعد تساوي شيئاً. 

ولا ترى ضومط أننا خارج السيطرة. برأيها، يجب العودة الى الوعي الذي كان سائداً مع بداية الأزمة حيث التزم الشعب اللبناني كثيراً ما أدى الى نجاحنا لنصبح مضرب مثل. اذا عدنا الى هناك سنتغلّب على الجرثومة، ولكن اذا بقينا كما نحن غير مسؤولين بالتأكيد سيبقى الفيروس متغلباً علينا. لذلك المطلوب منا -وفق ضومط- أن لا نتأخر والمطلوب من المجتمع اللبناني الالتزام بالاجراءات والتدابير للانتصار في هذه الحرب.

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد