ابناؤك الاشداء

خاص العهد

 الطلاب في الخارج يعيشون مأساة..والحل بإقرار الدولار
11/07/2020

 الطلاب في الخارج يعيشون مأساة..والحل بإقرار الدولار "الطالبي"

فاطمة سلامة

كثيرة هي الهموم والهواجس التي عاشها الطلاب اللبنانيون في الخارج هذه السنة. تحديات بالجملة طرأت عليهم في بلاد الاغتراب. تحديات لم يقو معها طالبو العلم على تأمين أبسط متطلبات الحياة الكريمة. شكاوى كثيرة نقلها هؤلاء عبر الإعلام وجُلها يتمحور حول غلاء كلفة التعليم وسط الارتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار. أحد الطلاب في أوكرانيا ومثله كُثر يؤكّد أنه وفي حال استمرّت الليرة اللبنانية في مسارها الانحداري سيتوقّف حكماً عن متابعة دراسته. والده الذي كان يرسل له حوالى 700 دولار شهرياً لدفع بدل المسكن والمأكل والمتطلبات اليومية، لم يعد راتبه الشهري الذي يتقاضاه على الليرة اللبنانية يُساوي 300 دولار. وعليه، يُناشد الدولة اللبنانية ضرورة التوصل الى استثناء لانتشال آلاف الطلاب من أزمة الدولار. طالبة أخرى تسأل: أين هي الدولة اللبنانية من مأساتنا؟. وفق قناعاتها، إذا لم يُصر الى اتخاذ موقف حاسم يُنصف هؤلاء الطلاب في الخارج قبل بدء العام الدراسي سيتم تدمير مستقبل الآلاف. جل الطلاب لن يتمكّنوا من متابعة تحصيلهم العلمي حتى ولو كان بعضهم على مشارف التخرج.

أمام هذا الواقع المأوساوي الذي يعيشه الطلاب اللبنانيون حول العالم، قدّمت كتلة الوفاء للمقاومة منذ أيام اقتراح قانون معجّل مكرّر الى المجلس النيابي. الهدف من الاقتراح تأمين التزام من مصرف لبنان بصرف مبلغ عشرة آلاف دولار عن العام الدراسي 2020 -2021، للطلاب الجامعيين في الخارج وفق سعر الصرف الرسمي 1515. فما أهمية هذا الاقتراح؟ وما الأجواء المحيطة به؟.

حمادة: دعم العلم أهم من دعم الطحين

عضو كتلة الوفاء للمقاومة وعضو لجنة التربية النائب الدكتور إيهاب حمادة يستهل حديثه لموقع "العهد" الإخباري عن قضية الطلاب في الخارج بالإشارة الى أنّ دعم العلم أهم من دعم الطحين والخبز اذا كنا فعلاً نبحث عن مستقبل حقيقي لهذا الوطن. وفق حساباته، لدينا ما يفوق الـ20 ألف طالب، 15 ألف منهم بالحد الأدنى لن يستطيعوا أن يعودوا الى جامعاتهم اذا استمرّ وضع الليرة اللبنانية على ما هو عليه، اذ ان هناك عشرة آلاف طالب في أوروبا الشرقية هم أبناء الفقراء. هؤلاء الطلاب توجهوا الى تلك المنطقة لأنها  الأكثر رخصاً فيما يتعلق بالتكاليف التعليمية.

 

 الطلاب في الخارج يعيشون مأساة..والحل بإقرار الدولار "الطالبي"

من يبلغ مدخوله الشهري 10 ملايين ليرة لن يستطيع أن يؤمن لابنه تكملة العلم

ويُشدّد حمادة على أنّ الطلاب لم يسافروا طمعاً بالعلم في الخارج، بل اضطروا للسفر في ظل عدم وجود جامعات قادرة على استيعابهم. على سبيل المثال، فإنّ عدد الطلاب المسموح لهم بمتابعة اختصاص الطب في الجامعة اللبنانية لا يتخطى المئة طالب سنوياً، فماذا يفعل الطلاب الآخرون؟!. لدينا بالهرمل -يقول حمادة- 1000 طالب يريدون دراسة الطب، أين يذهبون؟. ويؤكّد المتحدّث أنّ هؤلاء الطلاب يدرسون لمستقبلهم ومستقبل البلد معاً، وهم سافروا وعاش أهلهم شظف العيش في لبنان ليتمكنوا من تعليمهم. وفق حمادة، اليوم وفي ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الجنوني فإن من يبلغ مدخوله الشهري 10 ملايين ليرة، لن يستطيع أن يؤمن لابنه تكملة العلم في الخارج. فمن أين سيحصل الأهل على كل هذه الأموال؟.

تكلفة المشروع تتراوح بين 100 و150 مليون دولار سنوياً

وفي معرض حديثه، يلفت حمادة الى أنّ الدولة تدعم المحروقات وتدفع للكارتيلات. وفي ظل كل السرقات التي حصلت، والفساد المستشري منذ 30 عاماً، يستحق هؤلاء الطلاب أن نعطيهم القليل من الدعم. وهنا يلفت حمادة الى أنّ تكلفة المشروع المعجّل المكرّر تتراوح بين  100 و150 مليون دولار سنوياً، وهذا الدعم يكفل حماية مستقبل آلاف الطلاب. ويوضح أنّ مصرف لبنان يؤمّن اليوم لذوي الطالب الجامعي 1000 دولار شهرياً و2500 دولار بدل القسط الجامعي  على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد. أما مشروع كتلة الوفاء للمقاومة فيقوم على إعطاء ذوي الطلاب مبلغ 10 آلاف دولار سنوياً ودفعة واحدة على سعر صرف 1515. إعطاؤهم الأموال مباشرة لا عبر وسيط ولا عبر صيارفة لضمان وصولها الى أيديهم مباشرة. وبرأي حمادة أنه اذا تم تطبيق هذا الاقتراح القانوني المقدم كما يجب، فإنّ المبلغ المقدّر لا يتجاوز نصف المبلغ الذي يدعم فيه اليوم مصرف لبنان الطلاب عبر تأمين الدولارات بواسطة الصيارفة. تلك الدولارات التي يشترونها بسعر صرف 3900 ليرة، ولا يصل الى الناس منها الا القليل.

اذا عادوا الى الوطن سيعودون أشد نقمة من غيرهم

ويتوقّف حمادة عند نقطة يصفها بالمهمة. هؤلاء الطلاب وفي حال لم يتمكنوا من إكمال تعليمهم في الخارج، ستكون عودتهم الى الوطن مصحوبة بنقمة شديدة على الدولة. نقمتهم ستكون أشد من نقمة غيرهم، لأنهم يتحولون الى ناقمين حقيقيين خاصة أن البعض منهم بات على مشارف التخرج، وخاصةً أنّ أهليهم عاشوا الأمرين ليصلوا بهم الى هذه المرحلة. برأي حمادة اذا ضاعت كل هذه السنوات سدى وتبخّرت كافة الامكانيات التي يوفرها الأهل، فإنّ النكبة ستعم ليس الطالب فقط بل العائلة كلها. العائلة بأكملها ستفقد المواطنية وبالتالي، على لبنان أن يتحمل ردة فعل هؤلاء لأنهم سيتحولون الى ناقمين على الدولة عن معرفة وعقل وليس عن جهل.

ويوضح حمادة أننا لا نطلب معجزة، فالدولة تدعم الجامعة اللبنانية، ومن واجبها أن تدعم هؤلاء الطلاب أيضاً. أليسوا هؤلاء لبنانيين ويجب مساواتهم مع غيرهم بموجب الدستور اللبناني؟ يسأل حمادة الذي يضيف" فلتقل لنا الدولة ما الذي دفعته على هذا الطالب الجامعي الذي يدرس في الخارج، أو لتتفضل وتنشئ جامعة تحتوي الجميع".

الوقت مداهم

هل من بوادر إيجابية لحلحلة هذا الملف؟ يجيب حمادة عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّه اجتمع أمس الجمعة مع لجنة أولياء أمور الطلاب في الخارج وجميعهم أكدوا أن الأوضاع صعبة جداً. وفي المقابل، يوضح أنّ المشاورات مع كافة الكتل بيّنت أنهم يؤيدون المشروع ويعيشون همَّ الطلاب. الجميع مقتنع أن هؤلاء يشكلون مستقبل لبنان وعلينا دعمهم. وهنا يوضح حمادة  أنّ كتلة الوفاء قدّمت المشروع على شكل معجّل مكرّر لأن الوقت مداهم ونحن على أبواب أيلول. وعليه، فإنّ عدم البت بهذا الملف في القريب العاجل يعني فوات الأوان. ويلفت عضو لجنة التربية الى أنّ على هيئة مكتب المجلس أن تدرج المشروع بشكل مباشر على جدول أعمال الهيئة العامة، خصوصاً أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن أنه سيدعو قريباً الى جلسة عندما يصبح لدينا مجموعة قوانين.

وفي سياق متّصل، يشير حمادة الى أن كتلة الوفاء للمقاومة قدمت مجموعة مشاريع قوانين معجلة مكررة لمحاولة إرساء شبكة أمان في التعليم الرسمي، والقوانين هي: مشروع قانون إعفاء الطلاب الثانويين والمهنيين من الرسوم والبدلات المالية، مشروع قانون الدولار الطالبي، مشروع تعديل المادة 80 التي تجيز للمدارس الرسمية أخذ تعاقدات. هذه القوانين -وفق عضو كتلة الوفاء للمقاومة- تهدف الى استدراك الواقع التعليمي في لبنان والا فنحن ذاهبون باتجاه كارثة.

الجميع مسؤول

وفي الختام، يقول حمادة "إنّ كل كتلة أو فريق سياسي أو نائب سيكون مسؤولاً أمام الله واللبنانين عن دمار مستقبل 35 الف عائلة، هم عوائل الطلاب في الخارج، في حال كان موقفه سلبياً من إيجاد حل لقضيتهم". ويتمنى حمادة على كل مسؤول وقبل اتخاذ أي قرار او اتجاه التفكير بأنه سيدمر مستقبل لبنان اذا كان موقفه غير مسؤول من هذه القضية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد