معركة أولي البأس

خاص العهد

 كيف سيستفيد المواطن من السلة الغذائية المدعومة؟  
08/07/2020

 كيف سيستفيد المواطن من السلة الغذائية المدعومة؟  

فاطمة سلامة

يُشكّل الاستيراد علّة العلل في النظام الاقتصادي اللبناني. تلك العلة جعلت اقتصادنا "مدولراً" مع ما يحمله هذا المصطلح من تداعيات سلبية نعيش مخاطرها اليوم. فلبنان يملك الكثير من المقدّرات التي لو أحسن استخدامها لتحوّل معها الى بلد يعيش شبه اكتفاء ذاتي أقله في المواد الغذائية. لكن للأسف، وعلى مدى عقود شهدنا نظاماً اقتصاديا ريعياً اتكالياً يستورد بما يقارب العشرين مليار دولار سنوياً، ويصدّر بالكاد بثلاثة مليارات دولار. والمفاجأة تكمن عندما ندخل في تفاصيل عملية الاستيراد لنكتشف أنّها تحتوي على ما هبّ ودب من منتجات وأصناف يستطيع لبنان وبكل بساطة الاستغناء عنها لوجود البديل المحلي. ولا نبالغ اذا قلنا إنّ الاستيراد العشوائي مسؤول في جزء كبير منه عن الفوضى العارمة في سعر صرف الدولار، ما دفع بالقدرة الشرائية الى الحضيض، الأمر الذي حدا بقسم كبير من المواطنين الذين تآكلت قدرتهم الشرائية الى اتباع سياسة الاستغناء عن كل ما لا يدخل في نطاق الأساسيات. حتى أنّ الأخيرة حلّقت أسعارها مع تحليق الدولار المستمر ما جعل البعض عاجزاً عن تحصيلها.  

أمام هذا الواقع، عملت وزارة الاقتصاد على مشروع السلة الغذائية المدعومة والتي أًطلقت أمس الثلاثاء. عملية دعم المواد التي ستشمل 300 سلعة أساسية تقوم على تأمين "الدولارات" للمستوردين على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد، فيما الهدف الأساسي منها الحدّ من التقلبات السريعة لسعر صرف العملة الصعبة، والتي تؤثّر على الحركة التجارية ما يرفع أسعار السلع. فكيف ستنعكس هذه السلة المدعومة على سلّة المواطن الاستهلاكية؟ ومتى ستبدأ الأسعار بالانخفاض في السوق؟. 

70 الى 80 بالمئة من السلع ستكون مدعومة 

لدى سؤال مدير عام وزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر عن أهمية السلة، يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ ما يقارب الـ 80 الى 85 بالمئة من طعامنا مستورد، الأمر الذي جعلنا نتأثر بشكل كبير جداً وسط أزمة الدولار وارتفاع سعر صرفه، ما انعكس بشكل مباشر على القدرة الشرائية التي انخفضت بشكل كبير. وبناء على ما سبق، كان لا بد من مشروع السلة الذي يعمل على دعم 70 الى 80 بالمئة من السلع التي يشتريها المواطن. وبهذه الطريقة يكون الدعم قد وصل الى غالبية السلع، الأمر الذي سيعود بالفائدة المباشرة على المواطن. 

المواطن سيلمس الفارق في الأسعار بعد ثلاثة الى أربعة أسابيع 

وفي معرض حديثه، يلفت أبو حيدر الى أنّ قضية الدعم تحمل في طياتها شقين؛ أول قائم على دعم الصناعة من خلال دعم المواد الأولية للقطاع الصناعي والصناعات الغذائية، وثان قائم على دعم الزراعة ومنها الأعلاف واللقاحات وصيصان الأمهات الأمر الذي سينعكس على أسعار سلع أساسية في الحياة اليومية كالدجاج مثلاً والذي ارتفع سعره بشكل خيالي. ومن هنا يؤكّد أبو حيدر أنّ المواطن سيشعر حكماً بالتغيير لناحية ارتفاع منسوب قدرته الشرائية، ولكن هذا التغيير لن يلمسه قبل مرور ثلاثة الى أربعة أسابيع لأن مستوردي السلع سيبدأون بتقديم الطلبات الأسبوع القادم، وبعدها يحتاجون الى ما يقارب الأسبوعين لتصبح البضائع التي استوردوها في السوق.

 

 كيف سيستفيد المواطن من السلة الغذائية المدعومة؟  

 

الأسعار قد تنخفض 50 بالمئة 

كم تبلغ نسبة الفارق في الأسعار بين سلّة السوق الغذائية اليوم والسلة المدعومة؟ يؤكّد أبو حيدر في معرض ردّه على هذا السؤال أنّنا لا نستطيع إعطاء رقم دقيق لهذه النسبة. وفق حساباته، فإنّ  السلع بالتأكيد ستنخفض ما بين 30 و50 بالمئة، أما باقي الأمور فتحتاج الى دراسات من الصناعيين والمزارعين. على سبيل المثال، نحن ندعم المواد الأولية في الصناعة، ولكي نتمكّن من تقدير الفارق في الأسعار سابقاً ومستقبلاً، يجب تزويدنا بتكلفة المنتج الجديدة بناء على سعر المواد الأولية المدعومة حتى نستطيع تقدير الأرقام بشكل دقيق. فالدجاج مثلاً -يضيف أبو حيدر- ارتفع سعره بشكل خيالي، وعليه عملنا في السلة الغذائية على دعم ثلاثة أمور تؤثّر على سعره وهي: اللقاحات، والأعلاف وصيصان الأمهات، ولكي نستطيع حسم أسعار الدجاج بشكل دقيق فإنّ المسألة تتطلب تزويدنا بدراسة من المزارع لاحتساب التكلفة الجديدة بناء على المواد المدعومة. وفيما يتعلّق بأسعار اللحوم، يوضح أبو حيدر أن اللحوم ستكون مشمولة في السلة المدعومة ولكن تقدير سعرها يحتاج الى دراسة أيضاً، مرجحاً أن يتراوح سعر الكيلو بين الـ28 والـ30 ألفاً. 

السوق سيخضع للمراقبة

ورداً على وجهة النظر الأخرى التي ترى أنّ الدعم بهذه الطريقة لن يستفيد منه المواطنون بل التجار، يؤكّد أبو حيدر أنه كان يوافق هذه الرؤية لولا ذهابنا باتجاه دعم السلع التي تدخل في خانة المواد الأولية في الصناعة والزراعة. ويُشدّد على أننا عملنا على دعم كل سلعة لها منتج محلي، وإلا لكان بإمكاننا الذهاب باتجاه دعم المنتجات المستوردة. وهنا يُشدّد المتحدّث على أنّ السوق سيخضع للمراقبة لأنّ الهدف الأول هو أن يستفيد المستهلك من هذه الأموال المدعومة ما يُحتّم على التاجر عدم تصديرها الى الخارج أو بيعها بسعر الدولار أو احتكارها أو بيعها خارج الأسعار المعقولة. ويلفت أبو حيدر الى أنّ وزارة الاقتصاد ستعتمد السياسة التتبعية لمراقبة التجار وأي تاجر سيتلاعب بهذه القضية سنمنعه من الاستيراد. 

آلية الاستيراد شفافة 

وحول آلية الاستيراد وما إذا كانت كفيلة بمنع أي تلاعب من قبل التجار، يوضح أبو حيدر أنّ أي تاجر عليه أن يؤمّن أموالاً بالليرة اللبنانية للمصرف الذي يتعامل معه، والأخير يحوّلها الى المصرف المركزي الذي يؤمّن "دولارات" الاستيراد على سعر الـ3900 ليرة على أن يحوّلها البنك المركزي مباشرة الى الجهة المصدّرة في الخارج. 

يُعوّل المواطنون على السلة الغذائية لدعم احتياجاتهم التي بات البعض منها حلماً صعب المنال في ديار كثيرين، فيما يأمل مشكّكون أن تؤتي الآلية أكلها ويستفيد المستهلك مباشرةً من هذا الدعم لا أن يذهب هدراً الى جيوب التجار والمحتكرين.

غلاء الأسعار

إقرأ المزيد في: خاص العهد