خاص العهد
هذا ما تقوله لـ"العهد" المدّعية على السفيرة الأميركية وهكذا تُعرّف عن نفسها
فاطمة سلامة
لم تكن تعلم السيدة فاتن قصير -المدعية على السفيرة الأميركية بجرم التحريض وإثارة الفتنة- أنّ دعواها ستلقى آذاناً صاغية لدى القضاء اللبناني. كأي مواطنة لبنانية صودف أن شاهدت مقابلة السفيرة الأميركية على قناة "الحدث"-العربية، فلمست الكمّ الهائل من السموم التي تبثها السفيرة في مواقفها. حينها، تحركت الحمية والغيرة على الوطن في داخل فاتن، همست في سرّها ما الذي تدلي به هذه السفيرة؟ ما الذي تريد قوله؟. عندها اتخذت المبادرة من تلقاء نفسها وآمنت بضرورة فعل أي شيء لكبح هذا التمادي غير المقبول حفاظاً على السلم الأهلي. وما زاد من اندفاع قصير وفق ما تقول لموقع "العهد" الإخباري أنها ليست المرة الأولى التي تخرق فيها السفيرة المذكورة سيادة لبنان. منذ بدء توليها منصبها وأنا ألاحظ كمواطنة لبنانية أنّها كثيرة التدخل في الشؤون اللبنانية وبشكل فاضح. إلا أنّ ما حصل على قناة الحدث والتصريح الذي أدلت به كان أكثر من تحريضي. بالمباشر، توجّهت شيا لفئة من اللبنانيين قائلة لهم " هناك فئة أخرى تسمى حزب الله هي سبب ما أنتم فيه من أزمات. هذا الحزب هو المسؤول عن تجويعكم". ماذا يعني ذلك؟ تسأل قصير التي تشدّد على أنّ كلام السفيرة واضح ولا يحتاج الى تفسير، فهي تقول للبنانيين لا حل ولا خلاص أمامكم من الأزمة التي أنتم فيها سوى أن تثوروا في وجه حزب الله، ما يعني حكما إحداث فتنة.
بعدما اتخذت قصير المبادرة بضرورة التحرك، استعانت بأحد المحامين الذي قدّم لها المشورة بإمكانية تقديم طلب لدى قاضي الأمور المستعجلة الذي له حق النظر بهذه القضية. كان من الممكن تقول فاتن التظاهر أو حشد حملة مناوئة ضد شيا على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنّني فضّلت التوجه الى القضاء. برأيها، فإن السلطة القضائية هي الحل وعلى القضاء أن يأخذ مجراه. ورغم عدم علمها الى أين ستصل الأمور، توجهت كونها ابنة صور الى القاضي محمد مازح. بَنَت الدعوة على مبدأ أساسي ومنطقي. إنها مواطنة لبنانية تضرّرت من كلام السفيرة وشعرب جراءه بإمكانية حدوث فتنة، وهذا ما يعرّض السلم الأهلي للخطر. أرسلت الدعوى عبر البريد الالكتروني الى القاضي مازح. لكنها لم تكن تتوقّع أن يرد القاضي بهذه السرعة في يوم السبت وهو يوم عطلة. لا بل وبكل أمانة لم تكن تتوقّع بأن يلبي الدعوة من الأصل. ما إن وصل الطلب الى القاضي مازح حتى بادر للاطلاع عليه وعمد الى مشاهدة مقابلة السفيرة المذكورة، ليضيء على بعض النقاط التي تثير الفتنة فوجد فعلاً أنها تحرّض في كلامها اللبنانيين. توجّه قصير تحية من القلب ومن كل شريف في هذا البلد لهذا القاضي الشجاع. برأيها، فإنّ قاضيا آخر قد يمزّق الطلب بكل بساطة خوفاً على منصبه وتمر القضية مرور الكرام ولا أحد يدري بها.
لا تخفي قصير أنّها ولحظة تقديمها الطلب راودتها مخاوف من عدم قبول القاضي القضية لاعتبارات شخصية، كأن يخاف على منصبه مثلاً أو يراعي الأبعاد السياسية. لكنها ولحظة تبلغها بتجاوب القاضي مع القضية شعرت كم هو قاض حر وشريف وهذا أعاد لها الثقة بالقضاء، وبالتاكيد للقاضي مازح مثيل، وهناك قضاة أحرار أتمنى أن يسلكوا الدرب نفسه، لأن القضاء هو الأمان لنا والملجأ تقول قصير التي تضيف" اليوم مثلاً، تستعر معركتنا ضد الفساد، ولو أنّ القضاة يتخذون فعلاً القرارت الصحيحة لكان وضعنا أفضل، لكن للأسف البعض ولدى اتخاذه أي قرار سرعان ما يستحضر صورة من عينه فيتراجع. لهذا فالقاضي مازح هو قاض وشجاع ونزيه، ولهذه الأسباب ناشدناه عدم الاستقالة".
تعرّف قصير عن نفسها بأنها ليست -كما ظنّ البعض- محامية أو ناشطة بل سيدة لبنانية لديها همومها اليومية. ليس لديها أي بطاقة حزبية ولا تمارس أي نشاط سياسي. تُشدّد على أنها مواطنة كأي مواطنة لديها الغيرة على بلدها وأمنه وكرامة أبنائه. لا تريد أبناء وطنها أن يتقاتلوا ولا تريد لأحد خارجي أن يتدخل بنا. كلام السفيرة -برأي المدعية- المقصود منه إحداث الفتنة عبر تحريض الشعب اللبناني على حزب وصفته بسالب أموال الخزينة. وهنا تُشدّد قصير على أن حزب الله هو حزب ممثّل في البرلمان اللبناني والحكومة اللبنانية وهو مكون أساسي من مكونات الشعب اللبناني وبالتالي من غير المسموح التحريض عليه بهذه الطريقة. هذا الحزب هو أكبر حزب حصد أصواتا في الانتخابات النيابية. فماذا تريد شيا من هذا الكلام؟ تسأل قصير التي تشدّد على أنّ شيا تسعى لإحداث حرب في البلد، خاصة أن هناك فئة في لبنان تسير في الخط المناوئ للمقاومة. وهنا تستغرب قصير كيف يُكذّب الأميركي الكذبة ويُصدّقها، وهو المسؤول عن ما وصل اليه لبنان. برأيها، كل ما نحن فيه من بلاءات يعود للتدخل الأميركي في الشؤون السياسية اللبنانية.
تُشدّد قصير على أنها ليست نادمة، وفي حال تكرّر الأمر لا تجد حرجاً في تكرار هكذا دعوى. تماماً كما أنها ليست خائفة مطلقاً وعدم ظهورها إعلاميا بالصورة يعود لاعتبارات شخصية. وتلفت المتحدّثة الى أنّ بعض وسائل الإعلام فسّرت قرار القاضي تفسيراً خاطئاً فهو لم يمنع وسائل الإعلام من نقل أخبار السفيرة، بل طلب منهم التوقف عن طلب إجراء المقابلات معها، لأن حديثها يخلق فتنة. كما أن القاضي سبق ولفت الى أنه كان مستعدا للتراجع عن قراره في حال تعهدت السفيرة بأن تجري تصريحات بلا تحريض وبعدم التدخل بالشؤون السياسية اللبنانية. تشدّد قصير على أن القاضي كان واضحاً في هذا الأمر لكن البعض فسّر القرار على أنه ضد الحرية الإعلامية. وتوضح أنّ ما حصل ليس سابقة، فسبق أن جرى حظر الكثير من البرامج على التلفزيون لأنها قد تعرض السلم الأهلي للخطر.
وفي الختام، توجّه قصير التحية الى كل من تضامن معها. كل من لديه كرامة بالطبع سيؤيد هذه الخطوة، وتدعو كل لبناني يشعر بأن كرامته تنتهك الى أن يتخذ القرار الجريء ولا يخاف، فنحن اللبنانيون تحملنا الكثير من واشنطن. وفي المقابل تعتبر قصير أن من لم يؤيد الخطوة هو صاحب الحق باتخاذ القرار الذي يحلو له.
عوكرواشنطنالقضاءمحمد مازحفاتن قصير