خاص العهد
هلع وضياع لدى تجار الأغذية واللحوم.. وفق أي سعر صرف نبيع ونشتري؟!
ياسمين مصطفى
اليوم ليس الإثنين-يوم عطلة القصابين وتجار اللحوم- لكن أبواب الكثير من محال هؤلاء مغلقة. قد يبدو الوضع مستغربا لو كانت الأمور طبيعية؛ لكن الإغلاق يصبح مفهوما مع حالة الهلع السائدة لدى هؤلاء، وارتباكهم في تسعير البضائع في ظل وتيرة سريعة لارتفاع سعر صرف الدولار. حال الاستهلاكيات والمؤسسات الغذائية ليس أفضل، فقد أغلق عدد كبير منها في منطقة بيروت، ومناطق الجنوب والشمال مرورا بالبقاع والجبل احتجاجا على الأوضاع النقدية المتردية؛ ما يهدد استمرارية هذه المؤسسات بالعمل.
موقف الملاحم والمؤسسات الغذائية انسحب على الشركات المستوردة للبضائع. هي الأخرى عزفت عن بيع التجار بضائعها المخزنة ريثما يتوضح مسار سعر صرف الدولار، معظمها وفق ما يقول تجار أغذية لموقع "العهد" الإخباري بات يشترط تسلُّم ثمن البضائع بالدولار الطازج، دون أي تأجيل، وإلا لا بضائع.
سرعة ارتفاع سعر الصرف يُصعّب عملية تقفي حركة تغيُّر أسعار السلع الغذائية والأساسية، رئيس جمعية المستهلك زهير برو يؤكد في حديث لموقع "العهد" الإخباري استحالة إصدار تقرير عن التغيُّر الحاصل ما بين الأمس واليوم، بفعل قفزة سعر الصرف وصولاً إلى حدود الـ7000 ليرة في غضون يومين، بعدما كان ثابتا نسبيا على سعر الـ4200، قبل أن ينخفض برهة إلى 3900 ويعاود الارتفاع جنونيا.
آخر تقرير للجمعية أحصى حركة تغير أسعار السلة الغذائية في الفترة ما بين 31 آذار 2020 و29 أيار 2020. وفق التقرير اللحوم شهدت ارتفاعا بنسبة 10%، الألبان والأجبان شهدت ارتفاعا بنسبة 17%، في حين ارتفعت أسعار المعلبات والزيوت والحبوب 22%، مجموع هذه السلع وغيرها من المواد الأساسية الواردة في التقرير بلغ 13% حتى تاريخ 31 آذار الماضي.
ولما تعذر تقفي أثر تغير أسعار المواد الغذائية عبر الأطر الإحصائية، انطلق موقع "العهد" الإخباري في جولة على المحاول التجارية والتعاونيات في مختلف المناطق، كانت كافية لتقفي أثر السلع التي لم يرتفع سعرها في اليومين الماضيين عما سبق، وتلك التي تأثرت فورا بارتفاع سعر صرف الدولار، كاللحوم. معظم محال القصابين التي قصدها موقع "العهد" الإخباري في أكثر من منطقة في لبنان كانت مغلقة. ولدى الاتصال بأصحابها هاتفيا أكدوا أن "الاستمرارية بالعمل في هذه الأوضاع ضرب من المستحيل". أحد التجار أوضح لموقعنا أن تكلفة كيلو اللحم المجروم عليه هي 7$ ما يساوي وفق سعر الصرف بالأمس 6500 ليرة 45.500 ليرة للكيلو الواحد من لحم البقر، يبيعه القصاب دون أي ربح يُذكر، وهو كما يؤكد هؤلاء لموقعنا "مبلغ كبير تعجز القدرة الشرائية للكثيرين عن دفعه".
سعر كيلو لحم البقر تفاوت بين منطقة وأخرى، لكن الأكيد أنه تغير ما بين الأمس واليوم، وتراوح ما بين 28 ألف ليرة كحد أدنى و45 ليرة كحد أقصى، أما سعر لحم الغنم فتراوح بين 45 ليرة كحد أدنى و60 ألف ليرة كحد أقصى.
موقع "العهد" الإخباري قصد التعاونيات للوقوف على تغير سعر سلع السلة الغذائية الأساسية. ما عدا ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، أجمع هؤلاء على أن أسعار باقي السلع لم يتغير حتى اليوم، منذ ما يقارب الأسبوعين، ذلك فإن مخازنهم من البضائع المستوردة على سعر الصرف القديم أي 4200 لم تنفد بضائعها، أما حين تنفذ فالاتجاه محسوم-وفق ما يؤكد هؤلاء-لرفع الأسعار تبعا للفواتير الجديدة التي سيتسلمونها من قبل الشركات المستوردة للبضائع.
سعر لحم الدجاج لم يتأثر بموجة تحليق الدولار، فسعر الفروج لا يزال بحدود الـ6000 ليرة، المسحب 11 ألف ليرة كحد أقصى أما كيلو الفخاذ فهو 5000 ليرة في معظم المحال التي قصدناها.
أما الأغذية الأخرى، فلم تشهد أسعارها تأثرا كبيرا في اليومين الماضيين بقفزة سعر الصرف. السبب وفق التجار الذين تواصلنا معهم كون المخازن لم تنفد بضائعها حتى اليوم من آخر مرة تم ملؤها بالبضائع، وذلك تبعا لآلية تقنين الشراء للزبائن، وتحديد كمية للتبضع من الصنف نفسه لا تتعدى أصابع اليد الواحدة. أما حين تفرغ المخازن، فيؤكد أصحاب التعاونيات لموقعنا أن "الوضع سيكون مختلفا وصعبا، في انتظار التسعيرة الجديدة للشركات المستوردة والموزعة للبضائع".
سعر كرتونة البيض رسا على 10000 ليرة بالحد الأقصى، سعر العدس العريض أو الأحمر تراوح بين 6000 و8000 ليرة للكيلو، سعر كيلو الفاصولياء الصنوبرية ما بين 6000 و7000 ليرة، أما شاي "رأس الحصان" الشهير فسعره اليوم للكيلو 40 ألف ليرة، ما دفع الكثير من التعاونيات لوقف طلبه من الشركات. سعر زبدة "لورباك" 200 غرام تراوح ما بين 8000 و9000 ليرة، في حين تراوح سعر جبنة العكاوي البلدي ما بين 12000 و19000 ليرة. حليب الأطفال من عمر سنة وحتى ثلاث سنوات لم يتأثر في الأيام الماضية بتحليق سعر الصرف، إذ تراوح ما بين 40000 و45 ألفا لأكبر حجم.
في ما يخص ارتفاع أسعار السلع الغذائية لا شيء محسوما اليوم، البضاعة التي يبيعها التجار وفق سعر الصرف القديم ستنفد قريبا، وكل ما سيأتي لاحقا مع عمليات شراء من الشركات المستوردة لا بد أن يكون مصحوبا بسعر صرف جديد مرتبط بسعر الصرف في السوق السوداء. أما أن يبقى واقع سعر الصرف متذبذبا ومتغيرا بين ليلة وأخرى، فهو ما سيؤدي وفق كثير من تجار الأغذية إلى مصير محتّم هو الإغلاق.