معركة أولي البأس

خاص العهد

بموجب القانون..ما مهام حاكم المصرف المركزي؟ 
12/06/2020

بموجب القانون..ما مهام حاكم المصرف المركزي؟ 

فاطمة سلامة

تدفع بنا السياسة اللامسؤولة التي يُنفّذها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ سنوات، والطريقة التي يتعاطى بها مع الواقع النقدي والمصرفي الى طرح السؤال التالي: ما مهام حاكم المصرف المركزي بموجب القانون؟. لسنوات خلت ونحن نتذمّر من طريقة أداء سلامة "المريب" كما وصفه رئيس الحكومة حسان دياب. لسنوات ونحن الشعب نعض على الجرح في ظل حاكم بقي لعقود يوهمنا بأن الليرة ثابتة ومستقرة، بينما الحقيقة الفعلية كانت عكس ذلك. استقرت الليرة وثبتت على "كومة" ديون بلغت عشرات المليارات من الدولارات. استقرار الليرة كان فارغاً ولم يكن سوى في الشكل، وها نحن اليوم ندفع ثمن هذه "السيمفونية" والمعزوفة التي كلّفتنا هندسات مالية وفوائد عالية وخدمة دين جنونية. فماذا يقول القانون عن مهام حاكم المصرف المركزي؟ كيف يبدو أداء سلامة؟ وأين أخطأ؟. 

الكيك: الحاكم ملزم بممارسة كافة الصلاحيات الموكلة اليه ضمن إطار احترام القانون وقرارات المجلس المركزي
 
الباحثة في الشؤون القانونية المصرفية الدكتورة سابين الكيك تؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ حاكم مصرف لبنان ملزم بممارسة كافة الصلاحيات الموكلة اليه ضمن إطار احترام القانون وقرارات المجلس المركزي. وبحسب القانون فإن الحاكم هو الممثل القانوني والشرعي للبنك المركزي، ما يخوّله أن يتمتع بأوسع الصلاحيات لمتابعة نشاط المصرف وتسيير أعماله وإدارته، ويعود له تنظيم دوائر المصرف وتحديد مهامها. ولكن كل الصلاحيات المشار اليها  ليست ذات طابع حصري كما وردت في المادة 26 من قانون النقد والتسليف، وبالتالي فالحاكم يمارس كل المهام المنوطة به وغيرها بما يؤمن تسيير مصرف لبنان تسييراً منتظماً. كما تنص المادة 33 ن.ت على أن للمجلس أن يمارس كافة الصلاحيات المعطاة للمصرف وعلى وجه الخصوص  تحديد سياسة المصرف النقدية. إذاً بحسب المادة ٢٦ معطوفة على المادة ٣٣ فإن الحاكم ملزم بتطبيق قرارات المجلس بما يخص السياسة النقدية، ولكن عند تعداد مهام المجلس او الحاكم بصورة غير حصرية يجعل من الصعب الفصل في صلاحيات كل منهما خاصة وأن النصوص الأخرى في قانون النقد والتسليف تترك المجال واسعاً للحاكم، بحسب الكيك. 

ماذا في حالة الشغور؟ 

ووفق الباحثة في الشؤون القانونية المصرفية، فإنه وبحسب المادة 25 من قانون النقد والتسليف وفي حال شغور منصب الحاكم يتولى نائب الحاكم الأول مهام الحاكم ريثما يعيّن حاكم جديد. وهنا تشير الكيك الى أن المشرّع اللبناني لطالما كان حريصاً عند إعطاء نائب الحاكم الأول في مصرف لبنان مهام الحاكم، ما دفعه الى متابعة هذا الأمر بدقة شديدة ونص في القانون رقم 71 تاريخ 16/12/1967(تعديل مؤقت لبعض أحكام قانون النقد والتسليف) على أنه يمكن أن تسند مهام الحاكم الى النائب الأول لمدة لا تتجاوز بحد أقصى الستة أشهر. 

أما حالات الشغور وبالعودة الى المادة 24 من القانون نفسه، فيمكن أن تكون إنهاء الخدمات لعجز صحي أو الاستقالة المقبولة من الحكومة أو عدم تجديد الولاية أو الوفاة، وهي تختلف عن حالات غياب الحاكم أو تعذر وجوده. 

 

بموجب القانون..ما مهام حاكم المصرف المركزي؟ 

المجلس المركزي يمارس كافة الشؤون والأمور الواجبة لتمكين المصرف من أداء دوره 

وبحسب الكيك، امتد عدم التعداد الحصري لمهام الحاكم لمهام المجلس المركزي، واعتبر المشرع اللبناني أن هذا الأخير يمارس كافة الشؤون والأمور الواجبة لتمكين المصرف من أداء دوره كمؤسسة تدير مرفقا عاما موكلة اليها سياسة الدولة النقدية والمصرفية. ويتألف المجلس المركزي بحسب المادة 28 من الحاكم رئيساً ونائبي الحاكم، مدير عام وزارة المالية، مدير عام وزارة الاقتصاد. ويمكن للمجلس أن يجتمع بغياب الحاكم شرط أن يحضر من ينوب عنه. وفي حال الشغور وتولي النائب الأول مهام الحاكم يمكن للمجلس أن يجتمع عند التئام الشروط الأخرى وأهمها بحسب المادة 31 حضور أربعة أعضاء على الأقل، وتتخذ القرارات بأكثرية الأصوات ويكون صوت من ينوب عن الحاكم مرجحاً. 
 
هل يقوم الحاكم المركزي الحالي بمهامه في الواقع؟ 

قرم: الحاكم الحالي يتعدى الصلاحيات ولا يطبّق المهام
 
وزير المال الأسبق والخبير المالي والاقتصادي الدكتور جورج قرم يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ حاكم المصرف المركزي وبحسب قانون النقد والتسليف لديه مهمة واحدة رئيسية وهي الحفاظ على ثبات وسلامة النقد في لبنان. ليس لدى الحاكم المركزي أي مهام أخرى لجهة التدخل في الاقتصاد اللبناني أو إنشاء وتملك شركات كالـ"ميدل ايست ايرلاين" مثلاً. هذا "شواذ"، برأي قرم الذي يُشدد على أن الحاكم الحالي يتعدى الصلاحيات ولا يطبّق المهام لأنه يتدخل بكافة القطاعات الاقتصادية. 

 

بموجب القانون..ما مهام حاكم المصرف المركزي؟ 

لكنّ قرم يستطرد بالإشارة الى أن سلامة يُطبّق المهام وفقاً للاتفاق الذي أبرمه -لدى تعيينه- مع رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري. حينها جرى الاتفاق وفق قرم على سياسة معينة تتعدى المهام الموكلة اليه بحسب القانون. فسلامة لم ينفّذ سياسة نقدية في يوم من الأيام بل ينفّذ اتفاقا سياسياً. أين أخطأ سلامة؟ يلفت قرم الى أنّ قضية ثبات الليرة اللبنانية التي حملها سلامة كشعار له لم تكن سليمة، فلبنان وفي تاريخه الاقتصادي منذ الاستقلال اتبع نهج الليرة اللبنانية العائمة وكانت عملتنا حينها من أقوى عملات العالم. وفق قناعات قرم، اتبع سلامة سياسة خاطئة في هذا المضمار ونحن ندفع ثمنها اليوم. كل العملات أضحت في النظام العالمي عائمة، ولم يكن هناك عملة ثابتة. وفي الحقيقة، كلّفنا تثبيت الليرة غالياً لناحية الجزاء الذي دفعناه للمصارف التجارية التي وضعت أموالها في البنك المركزي. برأيه، من المفروض وضع الاحتياطي فقط في المصرف المركزي وليس أموال المصارف التجارية. الأخيرة وضعت أموالها بدافع اغراء الفوائد العالية، وهذه الفوائد مسؤولة عن تراكم الدين العام اللبناني، يختم قرم.

المصرف المركزي اللبناني

إقرأ المزيد في: خاص العهد