معركة أولي البأس

خاص العهد

المصرف العربي للإعمار..مبادرة هل تبصر النور؟
23/01/2019

المصرف العربي للإعمار..مبادرة هل تبصر النور؟

فاطمة سلامة

قبيل انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت. كان ثمّة توجه رئاسي لأن تحمل هذه القمّة رغم "هشاشة" التمثيل مبادرة نوعية، يُحفظ  للبنان فيها الجميل بفعل شيء ما لهذه الأمة العربية التي حاصرتها الحروب والأزمات. فكان الإعلان عن إنشاء مصرف عربي لإعادة إعمار سوريا، العراق، ليبيا، واليمن. الخطوة التي فاجأت الأوساط اللبنانية قبل العربية. البعض تلقّف المشروع من منظور إيجابي، معتبراً أنه سيعطي الحصرية للبنان بالمبادرة، ولكنه سأل كيف لبلد تُحاصره الأزمات الاقتصادية من كل حدب وصوب أن يساهم في عملية إعمار تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات. والبعض الآخر قال أيضاً أنّ لبنان "كبّر الحجر" وخطا خطوة أكبر منه بكثير. فالى أي مدى تملك هذه المبادرة حظوظاً للإنتقال من دائرة الإعلان الى التنفيذ؟

لدى سؤاله عن مدى قابلية الفكرة للتحقيق خصوصاً أن مصيرها مرتبط مع التجاوب العربي الذي لم تكن التجربة معه مشجّعة على مدى عقود؟، يُجيب صاحب فكرة إنشاء المصرف وزير الاقتصاد رائد خوري بالقول: يكفينا أنّ هذا المشروع خرج من لبنان. هذه الخطوة كانت ستتم عاجلاً أم آجلاً. لبنان كان أول من طرح هذه الفكرة النوعية، وهنا تبرز الأهمية بحجز بيروت للمقعد الأساس، قبل أن نناقش الخطوات اللاحقة. يعلم المتحدّث جيداً أنّ خطوة بهذا الحجم ليست سهلة، خصوصاً أنّ المشروع لا يزال في بداياته والأمر يحتاج الى الكثير من الجلسات والاجتماعات. بالنسبة اليه، لا شيء واضح لناحية التجاوب العربي، خاصة أنّ الفكرة خرجت من لبنان الذي لن يستطيع المساهمة فيها مادياً، بفعل العجز المالي الذي يتخبّط به. فكيف سيتبلور دور لبنان إذاً؟.

 

المصرف العربي للإعمار..مبادرة هل تبصر النور؟

 

يرى خوري أنّ تنفيذ فكرة لبنان ليست سهلة مُطلقاً. بطبيعة الحال دونها عقبات، لكننا سنسعى سعينا لتحقيق الإعمار حجراً فوق حجر. يُشدّد على أنّ لبنان سيكون مركز المصرف الأساسي، حيث سيتولى الدفة في التحضير والتخطيط وعقد الاجتماعات وتقديم الخدمات. وفق حسابات المتحدّث، يمكن الاستفادة من الخبرات اللبنانية المتميزة والمتطورة في القطاع المصرفي. كما يمكن الاستفادة من علاقات لبنان مع سوريا لإعمارها في المستقبل. يلفت وزير الاقتصاد الى أنّ لبنان سيسير بالمشروع نحو التنفيذ خطوةً بخطوة. الأسبوع المقبل من المرجّح أن يُعقد اجتماع لبناني لتشكيل لجنة ووضع الخطوات الأولية بإرساء ورقة أولية والتحضير لدعوة موسّعة لممثلين عن البلدان العربية، لمناقشة المصرف وأهدافه، خلال ثلاثة أشهر. 

عجاقة.. فكرة رائعة جداً

يُعلّق الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة على الطرح الرئاسي بالفكرة الرائعة جداً. يُذكّر أنّه جرى إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية بفكرة مرادفة، حيث أنشأت الدول الأوروبية مصرف الإعمار والإنماء الأوروبي. وبفضل هذا المصرف أعيد إعمار أوروبا وإزالة آثار الدمار عنها. إنها فكرة مميزّة، يُكرّر عجاقة، الذي يؤكّد أنّ هذه الفكرة وفي حال تحقّقت، ستتحوّل بموجبها الدول العربية الى قوة اقتصادية رابعة أو خامسة في العالم. فالـ22 دولة يمتلكون ناتجاً محلياً يفوق الـ3000 مليار دولار سنوياً. حتى على المستوى اللبناني فإنّ الطرح يشكل فرصة للبنان، يُوظّف عبره القدرات، ويجلب المستثمرين عبر المشاريع التي تُطلق. لا يُبدي المتحدّث مخاوف من مسار التطبيق العملي، فرئاسة الجمهورية وضعت خطةً ستعمل اللجان المتابعة على تنفيذها. لكن عجاقة يبدي قلقاً من أن تفعل السياسة فعلها في هذا الأمر. فنحن العرب مشهورون بالتعطيل، وعندما تتربع السياسة في وسط الملفات يُصبح التطبيق صعباً، إلا أنه يتوقّع أن تبذل الرئاسة اللبنانية ما بوسعها لإبصار المشروع النوعي النور. 

يشوعي..الحظوظ ضئيلة

للخبير الاقتصادي إيلي يشوعي وُجهة نظر مغايرة نوعاً ما لما قاله عجاقة. برأيه، فإنّ فكرة لبنان وعلى الرغم من أهميتها، إلا أنها غير قابلة للتحقق لعدة أسباب يوجزها بالآتي:

ـ تنوع المهمات الموكلة للمصرف والتي يكبر معها هامش الأموال التي من المفترض أن ترصد ما يشكل حملاً ثقيلاً وهدفاً عصيا على التحقيق، خصوصاً أننا نتحدّث عن رأسمال لا يقل عن 5 مليارات دولار. بالنسبة ليشوعي، فإنّ هكذا مبلغ ليس سهلاً على الإطلاق،  فلبنان لا يستطيع أن يُساهم. بالمقابل، فإنّ الأمر يتعلّق بمدى وفاء الدول بالالتزامات، وهذه مغامرة. وهنا يدعو يشوعي الى إعادة النظر بالمهمات لجعل المشروع أكثر واقعية.

ـ عدم اعتماد المبادرة في توصيات القمة العربية وقراراتها 

ـ الأسباب السياسية قد تحول دون التنفيذ، خصوصاً بعدما رأينا هشاشة التمثيل في قمة بيروت والتي لا تشجّع على طرح مبادرات من هذا النوع، فمستوى الحضور يدل على درجة الالتزام من عدمه. 

وفي ختام حديثه، لا يرى يشوعي حظوظا كبيرة لكي يُبصر المشروع النور.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد