خاص العهد
الصناعة المُقاوِمة جنوباً: مواكبة تقنية وتطور يضاهي المصانع العالمية
سامر حاج علي
جنوباً كانت وجهة وزير الصناعة د. عماد حب الله في زيارة هي الاولى له كوزير إلى المنطقة التي تتموضع فيها العديد من المنشآت الصناعية الهامة، والتي توفر إنتاجاً يسد ثغرة واسعة من حاجة السوق المحلي اللبناني رغم كل المعوقات والتحديات التي تواجه مختلف القطاعات الإنتاجية في هذا البلد.
من ديرقانون النهر افتتح الوزير حب الله الجولة حيث زار معملاً لإنتاج سخانات المياه العاملة بالطاقة الشمسية فجال فيه واستطلع ورش التصنيع وصالة العرض المخصصة لبيع إنتاجه، قبل أن ينتقل إلى بلدة العباسية حيث جال في معمل للدهانات ومشتقاتها وتعرف على آلية التصنيع والعمل فيه، ثم وصل إلى بلدة البرج الشمالي ودخل إلى منشأة لتصنيع مستلزمات المطاعم والمطابخ والأفران ومتعلقاتها من برادات وأفران وغيرها، وختم المرحلة الأولى من جولته في معمل للأمصال الطبية في بلدة البازورية يلبي حاجة جزء كبير من المؤسسات الطبية والمستشفيات في لبنان، فأبدى اعتزازه واعجابه بعمل وإنتاج هذه المصانع المجهزة بأفضل التقنيات والتي تشغّلها كفاءات تستحق الترويج لإنتاجها.
ومن باحة معمل الأمصال في البازورية والذي كان قد دمّره العدو الإسرائيلي في عدوان الألفين وستة، أشاد حب الله بأهل الجنوب الذين قاوموا الحرمان والاحتلال والاعتداءات ويقفون اليوم في مواجهة التحديات، معلناً عن أن الوزارة بالتعاون مع بقية الوزارات في الحكومة وضعت خطة ترعى الصناعيين اللبنانيين وتقدم لهم العون والدعم، مؤكداً على ضرورة العمل وفق عقلية الإكتفاء للوصول إلى ما نطمح إليه خاصة وأننا قادرين على التصنيع والمنافسة ونستطيع تصدير منتجات ذي جودة عالية إلى كل دول العالم. وبات بإمكان الصناعيين تقديم طلبات الى وزارة الصناعة للحصول على أموالهم الموجودة في المصارف، وأن دفعة إضافية من الأموال المخصصة لدعمهم ستتوفّر خلال أسبوعين إضافة إلى الحصة المخصصة لهم من مجمل منحة الـ 1200 مليار التي أقرها مجلس النواب لشبكة الامان الاجتماعي.
وكانت الجولة التي نظمتها مديرية العمل البلدي في حزب الله جمعت إلى جانب حب الله في مرحلتها الأولى في قضاء صور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الشيخ حسن عز الدين والنواب علي خريس وعناية عز الدين وحشد من فعاليات المنطقة وممثلين عن النقابات الصناعية والتجارية، حيث كانت دعوات لدعم الصناعة الوطنيه لا سيما دعوة أطلقها الشيخ عز الدين الذي رأى أن حماية هذه الصناعة يعد ركيزة لدعم الاقتصاد الوطني المنتج، ويكون ذلك من خلال تخفيف الأعباء عن كاهل الصناعيين بتأمين الطاقة والكهرباء والمواد الأولية ما يمكنهم من المنافسة إلى ما يجب القيام به من برنامج دعم إعلامي ودعائي لبث ثقافة الاعتماد على الذات وعلى قدرات هذا الوطن.
وأطلقت النائب عنايا عز الدين الدعوة نفسها فأشارت إلى أن هناك شق تشريعي لهذا الدعم من خلال إيجاد نوع من الحمايات لصناعاتنا وإلغاء بعض الاتفاقيات التجارية وتقديم تسهيلات للمؤسسات الصناعية، وقالت أن الجنوب الذي نجح في صناعة التحرير قادر على التوجه نحو اقتصاد منتج يحفظ كرامته ويثبت أهله في أرضه.
وإلى قضاء بنت جبيل أكمل وزير الصناعة المرحلة الثانية من جولته، فوصل إلى معمل لصناعة الفرش والإسفنج في بلدة دير انطار ثم انتقل إلى مدينة بنت جبيل حيث كان في استقباله رئيس بلديتها المهندس عفيف بزي وعضوي كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله وكتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي فتجول في مصانع الأحذية التي اشتهرت بها المدينة منذ سنوات طويلة، ثم قدّم التهاني لأهلها بعيد المقاومة والتحرير وأطلق سلسلة مواقف هامة، فاستذكر ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي حررت الأرض وثبتت الناس فيها، مؤكداً أن السلاح بالنسبة لأي انسان هو السلاح والموقف والشرف والايمان والنزاهة.
وقال: عن أي سلاح تخلّى البعض قبل أن يطالب بنزع سلاح المقاومة، فمن سلاح المقاومة تجذّر الناس بأرضهم وإليه نضيف اليوم سلاح الصمود والإصرار على النجاح لاسيما في الصناعة.
بدوره أملَ النائب فضل الله بأن تسهم هذه الزيارة بدعم الصناعات الوطنية، داعياً إلى السير في خيارات عمادها الزراعة والصناعة لتحسين الأوضاع على الرغم من المفاوضات التي تجريها الحكومة مع صندوق النقد الدولي لتوفير مساعدات للبنان، لا سيما وأن لدينا إمكانيات حقيقية تستطيع أن تلبي حاجة الأسواق المحلية وتصدر إلى الخارج إذا فتحت الطريق نحو أسواق العراق والخليج من خلال فتح الحدود البرية مع سوريا.
ورحب النائب علي بزي بالزيارة، وأشار إلى أن مهنة صناعة الأحذية في بنت جبيل استهدفت بشكل ممنهج من خلال عمليات التهريب واغراق الأسواق بالمنتجات المستوردة، داعياً إلى دعم توجهات الحكومة في تنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد والنهوض بالوطن على الرغم من التباين في المواقف بين الأفرقاء اللبنانيين.
ومن بنت جبيل إلى بلدة عيترون انتقل الوزير والوفد المرافق فزار معملاً لتصنيع الألبان والأجبان وتعرّف على الأصناف التي تنتج فيه، ثم حط في بلدة شقراء متجولاً في معمل لصناعة المفروشات والأبواب والعديد من المصنوعات الخشبية مختتماً زيارته بالتعبير عن اعجابه بقدرات الصناعيين في المنطقة، وفق ما أكد في حديث لموقع العهد الإخباري.
ولفت الوزير حب الله إلى أن زيارته إلى الجنوب كانت قيّمة خاصة وأن فيها عددا كبيراً من المصانع الهامة والقادرة على المنافسة في أي أسواق محلية خارجية، مشدداً على أن مسؤولية الحكومة اليوم هي دعم هؤلاء الصناعيين خاصة وأن بعض المصانع عانت من حرمان سياسات الدولة في الجنوب كما في بعلبك والهرمل وعكار.
وقال الوزير حب الله إلى أن احتياجات المنطقة أكبر بكثير مما كان يتصور، فالقدرات البشرية والقيادية فيها كبيرة وقوية جدا ولكنها تحتاج إلى عناية فائقة وهذه مسؤوليتنا كدولة فقد آن الأوان لأن نطّلّع إلى الصناعيين والمزارعين بعين المسؤولية. مشدداً في الوقت نفسه على أنه لا يمكن لنا أن نصنع من دون تأمين أسواق خارجية وذلك عبر فتح العلاقات مع سوريا أولاً وأكثر من أي شيء والتعامل بين لبنان وسوريا كدولتين وفتح الأسواق العربية في العراق والخليج عبرها.
وتحدث الوزير حب الله لموقع "العهد" الإخباري عن اجتماع عُقد مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري لمتابعة قضية فتح باب التصدير بشكل أوسع وتخفيف الرسوم على الشاحنات التي تنقل البضائع، وتابع: "قلنا أننا سنتجه شرقاً، وسنتجه شرقاً.. فهذه الحدود هي عمقنا الجغرافي والاقتصادي وعندما نقفلها نكون قد أقفلنا على صناعيي لبنان وعلى كل شيء في لبنان. وأضاف: علينا ان نفتح عقلنا وقلبنا ونتجه للشقيق وسنؤمن الأسواق لصناعيي ولمزاعي وطننا، في حين أن الأصوات التي ترفع اليوم مطالبة بإقفال الحدود لا تنفع أحداً غير العدو الإسرائيلي".
وفي القرى التي هزمت فيها إرادة المقاومة وشعبها عدواً وصفه الوزير حب الله أثناء الجولة بأنه أوهن من بيت العنكبوت، اختتمت الجولة الإستطلاعية فحمل الزائر همّاً جديداً يضاف إلى الهموم التي وضعت على عاتقه منذ تصديه لملف الصناعة في حكومة التحديات الصعبة، التحديات هذه هي نفسها ـ وإن تغيّرت أشكالها ـ فُرضت على لبنان من قبل، حين اجتمع كل العالم ليكسره.. فانتصر بقلة من بنيه وشقيق لا يمكن أن يستمر بدونه !!
صورعماد حب اللهالبازوريةالبرج الشمالي