معركة أولي البأس

خاص العهد

وزير الطاقة يوضح عبر
16/05/2020

وزير الطاقة يوضح عبر "العهد" حقيقة الشائعات التي تُبث حول النفط والغاز: هذه آخر المعطيات 

فاطمة سلامة

منذ اللحظة الأولى للبدء برحلة التنقيب عن النفط كان لبنان يعلم علم اليقين أنّنا بدأنا الخطوة الأولى على طريق الألف ميل. الاحتفاء بالخطوة حينها، لم ينجم عن يقين بأنّ مسألة عثور لبنان على "الذهب الأسود" باتت محسومة في الجيب. الاحتفاء كان نابعاً من القيام بخطوة ينتظرها لبنان منذ عقود، وهذا بحد ذاته إنجازاً، فنحن أمام أول بئر استكشافية في لبنان منذ عام 1965. الاحتفاء بالخطوة كان نابعاً أيضاً من قدرتها على كسر التواطؤ الداخلي مع بعض الخارج لثني لبنان عن البدء بالتنقيب.  تماماً كما كان نابعاً من قدرتها على تحدي الأطماع "الإسرائيلية" في بحرنا، ومحاولات إلهاء لبنان عن ثروته النفطية. لكن وللأسف، منذ اللحظة الأولى لإنطلاق تلك الرحلة، لم يكف البعض عن بثّ الشائعات والأقاويل جزافاً. تارةً يُصار الى التقليل من أهمية الحدث. وتارةً أخرى يقال أنّ لبنان بلد غير نفطي. والمفارقة تكمن في أنّ هذا الكلام لم يصدر عن جهة خارجية، بل عن لبنانيين، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الجهة المستفيدة من هذا الكلام. والجدير ذكره، أنّ عدم عثور لبنان على كميات واعدة من الغاز في البلوك رقم 4 بعد حفر البئر الأولى، ليس آخر الدنيا. فمن يقرأ تجارب الدول المحيطة، يدرك جيداً أنّ لقبرص تجربة واضحة في هذا الصدد، اذ لم تعثر على الغاز الا بعد حفر 10 آبار. تماماً كما الكيان الصهيوني الذي بدأ مطلع التسعينيات في الحفر، ولم يعثر على الغاز الا بعد حفر 41 بئراً. 

وما إن أنهت سفينة "Tungsten Explorer" عملية الحفر في البئر الأولى بالبلوك 4، حتى بدأ الحديث عن أنّ شركة "توتال" باتت تفضّل دفع بدل البند الجزائي على المغامرة في الاستكشاف في لبنان. لا بل ذهب البعض عكس التيار في هذا الموضوع، ليتّهم الحكومة اللبنانية بحجب حقيقة مخزون الغاز الهائل الموجود في البئر الذي جرى حفره، وإجراء صفقة مالية مع شركة "توتال". فماذا يقول وزير الطاقة والمياه الدكتور ريمون غجر لموقع "العهد" الإخباري عن آخر المعطيات والمعلومات في ملف الحفر؟. 

في مستهل حديثه، لا يُخفي وزير الطاقة والمياه تلقيه للكثير من الاتصالات المستفسرة عن حقيقة ما يُشاع، آسفاً لبث الشائعات والأقاويل التي لا تستند الى الحقائق، بل الى الأحلام. ويعرض غجر في حديث لموقعنا آخر المعطيات في ملف الحفر، فيؤكّد بدايةً أنّ شركة "توتال" كانت قد وقّعت على تعهد بموجب اتفاق مع وزراة الطاقة بأن تصل عمليات الحفر على عمق 4076 م من سطح البحر، أي حوالى 1500 متر تحت قعر البحر. الشركة -وفق غجر- وصلت بالدّقة الى هذه النقطة، وقد تبيّن لها وفي أكثر من مرحلة خلال رحلة الحفر آثاراً للغاز. وهنا يشدّد غجر على أنّ الشركة لم تحفر في البئر الاستكشافية الأولى وتتكبّد 60 مليون دولار خلال شهرين من فراغ، بل كان لديها أملاً بأنْ تعثر على الغاز، وهذا أمر طبيعي، وإلا لم تتعهّد عملية الحفر. إلا أنّ طبيعة الأرض والتي كان من المتوقع أن يتم العثور فيها على الطبقة الرملية التي تحتوي غازاً، لم يتم العثور فيها سوى على كميات قليلة جداً، الأمر الذي لم يمكّنهم من العثور على مكمن للغاز، بل على آثار للغاز. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن هناك نظاما بتروليا جيولوجياً في المنطقة. 

في الأول من تموز من المفترض أن تكتب "توتال" تقريرها 

ويلفت غجر الى أنّ هذا النظام الموجود قد يكون بعيداً عن نقطة الحفر كيلومتر واحد، أو 5 كيلومتر، أو غير ذلك، فلا أحد يعلم. المنطق يفرض انتظار النتائج التي ستتوصل اليها الشركة بعد تحليل المعطيات خلال مهلة شهرين. ففي الأول من تموز من المفترض -وفق وزير الطاقة- أن تكتب الشركة تقريرها، وبناء عليه إما أن تلجأ الى حفر بئر استكشافية ثانية في البلوك رقم 4، في حال بيّنت النتائج العثور على كميات واعدة، وإما لا تحفر. الشركة ليست مضطرة لحفر بئر ثانية، لكنها ملزَمة بالحفر في البلوك رقم 9، يضيف غجر. 

كلام مكتوب من نسج الخيال..وتفاوض مع "توتال" للإسراع بعمليات الحفر في البلوك رقم 9 

ويعلّق غجر على بعض الكلام الذي أُثير مؤخراً لناحية اتهام الحكومة بعقد صفقة مع شركة "توتال" لتقاضي مبالغ طائلة، بالاشارة الى أنّه كلام مكتوب من نسج الخيال، ولا شيء منه مطلقاً. ويُشدّد على أنّ كل ما كان متّفق عليه مع شركة "توتال" أُنجز مئة في المئة. لا بل أكثر من ذلك، يلفت وزير الطاقة الى أنّ سفينة الحفر وبعد إنجاز مهمتها في لبنان، كان من المفترض أن تتوجّه الى قبرص للقيام بأعمال الحفر هناك، على أن تعود عندما تنتهي الى جنوب لبنان للحفر في البلوك رقم 9. إلا أنّ أزمة "كورونا" أدّت الى الغاء عمليات الحفر في قبرص، الأمر الذي دفع بالباخرة الى المكوث في بيروت. ستبقى هنا نحو الشهر أو الشهرين لإجراء بعض أعمال الصيانة. وهنا يكشف غجر أنّ تفاوضاً يجري حالياً مع الشركة في حال أنجزت تقريرها باكراً بأن تبدأ عمليات الحفر في البلوك رقم 9، بدل الانتظار لبداية أو منتصف العام القادم، خصوصاً أن الباخرة ليست للشركة بل مستأجرة، وخصوصاً أن الباخرة لا تزال في بيروت.

ويؤكّد غجر أنه وفي حال عدم ذهاب سفينة الحفر لأي مكان آخر، باستطاعتنا التسريع بعمليات الحفر، وإلا سننتظر دورنا المنصوص عليه ضمن العقد. وهنا يلفت المتحدث الى أنّ عمليات الحفر لم تتأثّر بأزمة "الكورونا" سوى شيئاً بسيطاً لناحية التأخر قليلا في الوقت، مع الاشارة الى أنه لم يتم تسجيل أي إصابة، حتى أن الشركة الفرنسية قالت للجانب اللبناني صراحةًان لا بلد في العالم أنجزَ الحفر في الوقت المحدد إلا لبنان، والسبب وراء ذلك -يقول غجر- يكمن في أننا قدمنا لهم تسهيلات كبيرة جداً.

لعدم استباق النتائج

وفي معرض حديثه، وفيما يُعرب  غجر عن أمله في العثور على كميات واعدة، يُشدّد على أنه من غير المقبول استباق النتائج، فنحن قمنا بـ"الفحوصات" اللازمة على عمق 4000 متر لنحلّل المعلومات ونتأكد ما اذا كان هناك بترول أم لا. كان لدينا أمل بأن يكون لدينا بترولاً لأن الدراسات تبرهن وجود هذا الأمر، وقد عثر على كميات من الغاز في المنطقة التي تحيط بنا إن كان في فلسطين المحتلة أو مصر، فما الذي يمنع لبنان من العثور على هذا الأمر؟، يسأل غجر. وفق حسابات وزير الطاقة، فإنّ لبنان حفر في نقطة محددة، مع الاشارة الى أنّ كل منطقة هي عبارة عن آلاف الكيلومترات المربعة. بمعنى آخر، نحن حفرنا "إبرة"، وفي هذه "الإبرة" لم نعثر على غاز، لكن هذا ليس معناه بأنه لا يوجد غاز. التحاليل -وفق غجر- تساعدنا لنرى ما اذا كان هذا النظام البترولي موجود فعلاً. ويوضح وزير الطاقة أن القواعد العلمية تقول بأنه وفي حال حفرنا بئر استكشافية ثانية هناك احتمالية أعلى للعثور على الغاز، ولكن أن نستبق النتائج ونحسمها عبر القول بوجود غاز أم لا، فهذا الأمر غير منطقي. 

لن يترك لبنان حقه مطلقاً أمام أي مطامع "إسرائيلية"

ورداً على سؤال حول المخاوف التي تُثار من تربص العدو "الاسرائيلي" بثروتنا، يوضح غجر أنّه وفي بعض الأحيان يكون هناك خزّانات مشتركة بين دولتين تحت الأرض، ما يحتّم عقد اتفاق بينهما، واذا كان هناك خزّانات مشتركة في أكثر من بلوك، فالعقد يحتّم على الشركات المتعهدة تقاسم الأرباح. أما في الحال اللبنانية مع الكيان "الاسرائيلي" وفي حال تمّت سرقة ثروتنا من قبل العدو، بالتأكيد سنلجأ الى الجهات الدولية ولن يترك لبنان حقه مطلقاً. 

للاستفسار قبل بثّ الشائعات 

وفي الختام، يُشدّد غجر على ضرورة الاستفسار قبل بث الشائعات والأقاويل التي لا تستند الى الحقائق. بإمكان أي كان الاستفسار عن حقيقة ما يُقال من الجهات المعنية كوزارة الطاقة، هيئة ادارة قطاع البترول، والكثير من الجهات. الجميع جاهز لإعطاء السائلين كل المعلومات والمعطيات. ويشدّد وزير الطاقة على أنّ الشائعات تضر بمصلحة لبنان لأن الثروة النفطية مهمة جداً لبلدنا، وهي لجميع المواطنين وليست حكراً على أحد، لا بل إنّ استثمارها سيكون من نصيب الأجيال القادمة، بعدما ركنت لملايين السنوات تحت الأرض

الغاز

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل