خاص العهد
الفيول المغشوش تابع..لهذه الأسباب أبقت القاضية عون أورور فغالي موقوفة
فاطمة سلامة
قدّمت قضية الفيول المغشوش صورة متكاملة عن أوجه الفساد التي لطالما نهشت عظام الدولة اللبنانية على مدى عقود. الغوص في تفاصيل هذا الملف يكشف كيف ذهب البعض بعيداً جدا في التمادي، وكيف عملت مجموعة من المفترض أنها مؤتمنة على المال العام، عملت على هدره. يكشف كيف عمل البعض لسنوات وسنوات على قاعدة "مرقلي لمرقلك"، ضارباً عرض الحائط بكل الأدبيات والقوانين. يكشف عن وفاء غير مسبوق بين الفاسد والمفسد، ورشاوى بالجملة. الحديث مع متابعين لهذا الملف، يجعلنا نستنتج أننا أمام ملف كبير جداً لم يحسب له حتى العاملون على التحقيق فيه حسابا. كل يوم يمر تكشف فيه التحقيقات عن المزيد من المعطيات، وعن المزيد من المتورطين، وعن قضايا جديدة لم تقتصر على التزوير والغش والاحتيال. فما جديد التحقيقات في هذه القضية؟.
مصادر قضائية تُشبّه في حديث لموقع "العهد" الإخباري التحقيقات في قضية الفيول المغشوش التي تتسارع، بقطع الدومينو. تعيد التأكيد فنحن أمام ملف كبير جداً جداً، وكلما جرى التحقيق مع موقوف كلما تكشّفت فصول جديدة، وكيفما ضربنا أيدينا نعثر على فساد وهدر ورشاوى. وتوضح المصادر أنّ هذا الملف كشف عن هدر طال مالية الدولة بملايين الدولارات، اذ إنّ كل ناقلة بحرية تقدر بـ 15 مليون دولار على الأقل. هذا المبلغ كان يتقاضاه المتورطون من الدولة، فيما يدفعون أثمانا قليلة مقابل استيراد فيول مغشوش، لتذهب الملايين الى جيوب مجموعة متورطة تضم كبار الموظفين في الدولة، وموظفين صغاراً، وشركات.
وتلفت المصادر الى أنّ الـ12 شخصاً الذين ادعت عليهم النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس الأربعاء، ليسوا كلهم أشخاصاً جدداً، بل بينهم من جرى الادعاء عليه سابقاً، وادُعي عليه مجدداً بمخالفات جديدة. وتلفت المصادر الى أنه وبالإضافة الى كل ما جرى كشفه سابقاً لناحية التزوير والرشاوى والهدر، بيّنت التسجيلات الصوتية التي جرى تفريغها من هواتف الموقوفين عن جرائم وجنايات جديدة. ما هي؟. تكشف المصادر لموقعنا أنّ المديرة العامة للنفط في وزارة الطاقة أورور فغالي عملت على تسجيل ساعات إضافية لموظفين لا يعملون، اذ عملت على تزوير دوامات. على سبيل المثال سجّلت لـ (خ.ن) ساعات إضافية في الوقت الذي لم تكن فيه داخل لبنان حتى. التزوير لم يقتصر على (خ.ن) -تقول المصادر - بل تعداه الى موظفين آخرين، وجميعه من المال العام. وهو الأمر الذي دفع بالقاضية عون الى إبقاء فغالي موقوفة بجناية التزوير بعدما قبلت الهيئة الإتهامية في جبل لبنان طلب إخلاء سبيلها.
كما توضح المصادر القضائية أنّ التحقيقات بيّنت أنّ شركة "سوناطراك" هي المسؤولة عن تلوّث البحر الذي جرى منذ فترة في منطقة الذوق بعد تسرب كمية من "الفيول أويل"، ورغم علم المديرة العامة للنفط بذلك إلا أنها تسترت وشركاءها في الصفقات عن القضية، ولم تطالب الشركة بتعويض، ولم تخبر الدولة اللبنانية حتى.
من فغالي تنتقل المصادر للحديث عن حليس. الأخير لا يزال فاراً من العدالة، ومن المرجح أن يصار الى الادعاء عليه مجدداً بجرم تزوير، حيث عمد الى التوقيع على سجلات دوامات لموظفين رسميين، للإيحاء بأنهم يداومون وهم فعلياً لا يداومون. هذه مخالفة، تقول المصادر التي تكشف أنّ الموظفين الذين عمد حليس الى تشغيلهم يتقاضون 12 مليون شهرياً من خزينة الدولة وهم لا يداومون، لا بل إن بينهم من هو في الخارج.
وفيما يتعلّق بالمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك الذي ادعت عليه عون أمس بجرم الاهمال الوظيفي، توضح المصادر أنّ حايك في موقع المسؤولية، ويتحمل مسؤولية "تخريب" المعامل وتعطيلها. فهو ورغم أنه لا يزال في منصبه منذ سنوات، إلا أنه لم يعمد الى مساءلة أحد. هل كان على علم بذلك؟، تجيب المصادر على هذا السؤال بالقول " لم يتخذ أي اجراء رغم إخباره بنوعية الفيول. كان على علم بالتأكيد، لأنه وعندما تعطلت المعامل كان لا بد أن يتحرك. التحقيق بيّن أن هناك اهمالا وظيفياً سلكه حايك".
أما شركة ZR ENERGY فهي -وبحسب المصادر وبعد كل ما جرى كشفه- ملزمة بالتعويض للدولة اللبنانية جراء بيعها فيولا مغشوشاً. عليها أن تعوض الخسارة والضرر الحاصل بمعامل الكهرباء والمؤسسات. وفيما يتعلّق بشركة "سوناطراك" فهي أيضاً تتحمل -وفق المصادر- مسؤولية كبيرة لأنها شكّلت الواجهة لإتمام عملية الاحتيال على الدولة ولولا هذه الواجهة لما سُرقت الدولة.
وتختم المصادر حديثها بالتأكيد أنّ " التحقيقات متواصلة ولا شك أنّ الأيام المقبلة ستكشف الكثير عن قضية بيّنت لماذا نحن مفلسون اليوم".