بلدية الغبيري تشرّع أبواب محاسبة المحتكرين.. ما هي قدرة البلديات على ضبط الاحتكار والغلاء؟

ياسمين  مصطفى

أطلق الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله نداء للدولة اللبنانية، طالب عبره الحكومة بإيلاء أهمية لارتفاع أسعار السلع الغذائية الجنوني ووضع حد للاحتكارات وجشع بعض التجار، لتكون بذلك سندا لوزارة الاقتصاد، رافضًا أن تتحمل الأخيرة وحدها دون الحكومة المسؤولية عن تصويب الأحوال.

مناشدة السيد نصر الله الحكومة بالعمل للحد من الاحتكارات تزامنت وقيام بلدية الغبيري بإغلاق تعاونية الـCoop في المنطقة، في إجراء غير مسبوق لضبط الفوضى في سوق السلع الغذائية. في الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وضع رئيس البلدية معن الخليل صاحب التعاونية أمام مسؤوليته عن تخزين كميات من حليب "نيدو" لبيعه فيما بعد بأسعار أعلى. الحادثة شرعت الأبواب على أسئلة حول دور البلديات في مؤازرة وزارة الاقتصاد للحد من فوضى ارتفاع الأسعار في السوق، وعن المطلوب حكوميًا وبلديًا وأهليًا للمساهمة في التخفيف من وطأة الأزمة على اللبنانيين.

في حديثه لموقع "العهد" الإخباري عن حيثيات الحادثة، قال رئيس بلدية الغبيري معن الخليل إن "التجار جعلوا من ارتفاع سعر صرف الدولار شماعة للاحتكار ولزيادة هوامش الربح لديهم". الأمر برأيه "مرفوض بالمطلق، وما حصل أمس هو أن إحدى دوريات الرقابة التابعة لبلدية الغبيري اكتشفت قيام صاحب تعاونية الـCOOP في المنطقة بإخفاء كميات من حليب نيدو في مخازنه دون عرضها على الرفوف. موظفو المؤسسة ادعوا أنها مفقودة من السوق ولذلك عمد المراقبون للكشف على المخازن، ما استدعى البلدية لاتخاذ الإجراء بإغلاق المؤسسة استنادا للمادة 74 من قانون البلديات، وذلك بعد التواصل مع صاحبها ومواجهته بخطئه ووضعه أمام مسؤولياته في عدم مجاراة المحتكرين".

وعن الجهة المسؤولة عن الفوضى الحاصلة يجيب الخليل موقعنا بالقول إن "القانون اللبناني لا يختلف بشيء عن القوانين في هذا الشأن في كل دول العالم لكن التقصير هو من الدولة ويتمثل في عدم قيامها حتى اليوم باتخاذ إجراءات رادعة للتجار المحتكرين ممن يكدسون على حساب المواطن، في حين أن محاضر الضبط الكثيرة التي تسطرها مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد تذهب إلى أدراج القضاء وتنام فيها". الحل بحسب الخليل هو إلزام المحتكر والمخالف للقانون بدفع الغرامة المنصوص عليها أو الزج به في السجن، وفي حال تحقق ذلك فسنشهد  انخفاضا كبيرا في الاحتكارات وارتفاع الأسعار غير المبرر.

رئيس بلدية الغبيري معن الخليل

يرى الخليل أن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس في هذا الخصوص كان في سياقه الطبيعي، ويسأل: "هل كان المطلوب أن يتحدث السيد نصر الله عن الأمر حتى يتحرك المعنيون؟ وفي مطلق الأحوال نتمنى أن تستنهض كلمته الوزارات والبلديات خاصة أنه أطلق مبادرة لرفد مديرية حماية المستهلك بنحو ألف أو ألفي شخص لأداء المهمة الموكلة إليها".

وفق الخليل "لا شيء يمنع تكرار ما حصل في مختلف المناطق اللبنانية لأن قانون البلديات واضح في هذا الشأن ودوريات المراقبة لا تحتاج لكادر بشري ضخم وإنما يكفي أن يقوم موظفان أو ثلاثة بالمهمة في المنطقة يوميًا مع بذل شيء من الجهد والتحلي بمستوى عال من المسؤولية".

وعبر موقع "العهد" الإخباري، دعا الخليل البلديات للتحرك السريع. برأيه فإن "لديها القدرة على توظيف كوادرها في الحد من احتكار التجار في المناطق وتطبيق الإجراءات القانونية الصارمة، خاصة أنه في ظل أزمة كورونا لا مشاريع إنمائية اليوم والظروف مهيأة للاستفادة من خبرات وطاقات أفرادها".

سياسة تقنين عمليات الشراء من الاستهلاكيات أيدها الخليل بقوة، مؤكدًا موقفه الرافض لتهافت المواطنين إلى التعاونيات وشراء المواد الغذائية بكميات ضخمة، ما يساهم في ارتفاع الأسعار وزيادة طمع التجار واحتكارهم. يوضح الخليل لموقعنا أن المطلوب اليوم اعتماد ثقافة جديدة، ويسأل: "ما المانع من شراء نصف كيلو من البصل، ونصف كيلو من اللحمة؟". ويضيف: "إن ترشيد عمليات الشراء مطلوب لعدم إفراغ المؤسسات الغذائية من المواد، فلتتكدس البضاعة في المحال أكان من الخضار أو اللحوم أو الأغذية وعندها فقط تنخفض الأسعار لأن التجار يريدون بيع بضائعهم في النهاية".

رئيس اتحاد بلديات الضاحية: سنطلق ورش تدريبية لكوادر البلديات بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد لمؤازرة مديرية حماية المستهلك

الحادثة استدعت منا التواصل مع رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد ضرغام. الأخير وجد في ذلك فرصة للإعلان عبر موقع "العهد" الإخباري عن قيام الاتحاد بالطلب من وزارة الاقتصاد  تدريب فرق من البلديات لمؤازرة فرق مديرية حماية المستهلك في جولاتها الميدانية على التعاونيات بهدف ضبط ارتفاع الأسعار والتدقيق في هوامش الأرباح والحد من الاحتكارات، وعليه ستنطلق بحسب قوله ورش التدريب منذ يوم الغد لتأهيل المتطوعين والعاملين في البلديات لأداء المهمة الموكلة إليهم.

رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد ضرغام

وعن الحلول المفترضة للتخفيف من أزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية رأى ضرغام أن الحل الجذري هو بيد الدولة اللبنانية. برأيه فإنه كما تدعم الدولة قطاع المحروقات والقمح والدواء لا بد من دعم المواد الغذائية المستوردة على أنواعها.

يأسف ضرغام لتحول لبنان إلى بلد غير منتج يعيش على الاستهلاك، ويسأل مستنكرا عن السبب الذي دفع رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري لإغلاق مصنع الشمندر السكري، وكذلك إغلاق معامل تصنيع الأحذية الوطنية، مؤكدا أن هذه السياسات أوصلت لبنان إلى الوضع الاقتصادي المتردي اليوم.

وكما حمّل ضرغام الدولة المسؤولية، حمّل المواطنين أيضا مسؤولية ارتفاع أسعار السلع الغذائية، مؤكدا أن التهافت على تخزينها بكميات كبيرة تفوق الحاجة جعل من اللبنانيين ضحايا سياسة العرض والطلب، وساهم إلى حد كبير في ارتفاع أسعار المنتجات ونفادها من التعاونيات في ظل شح في العملة الخضراء في السوق وتراجع حركة الاستيراد.

الدولارغلاء الأسعاراتحاد بلديات الضاحية الجنوبية

إقرأ المزيد في: خاص العهد