خاص العهد
لماذا لا يدخل مصرف لبنان على الخط بائعًا للدولار؟ وماذا يقول نقيب الصرافين لـ"العهد"؟
ياسمين مصطفى
منذ أيام أصدر مصرف لبنان تعميمًا فرض بموجبه على مؤسسات الصرافة التقيد بحد أقصى لسعر بيع الدولار الأميركي بما لا يتعدى الـ3200 والامتناع عن إجراء أيّة عمليّة صرف لا تراعي هذا الحد الأقصى. وعلى الأثر، أُغلقت محال صرافة في غير منطقة بالشمع الأحمر وسيقَ أصحابها إلى الجهات المعنية، الأمر الذي دفع بنقابة الصرافين اليوم لعقد مؤتمر صحفي أعلت فيه صوتها، رافضة على لسان النقيب محمود مراد أن تكون "كبش محرقة".
هذه الصرخة أعادت إلى الأذهان السؤال عن ماهية دور مؤسسات الصيرفة في رفع سعر صرف الدولار، والحلول المفترضة لهذه الأزمة المستفحلة.
الخبير الاقتصادي د. عماد عكوش أوضح لموقع "العهد" الإخباري أن "أي سلعة كانت سواء عملة أو معدناً تخضع لقانون العرض والطلب، والصراف كما أي تاجر يخضع لهذا القانون، وحتى لو حدد مصرف لبنان سعر صرف الدولار على سبيل المثال على الـ3200 فإن العرض والطلب هما المتحكمان بالسوق، وكون الدولار في السوق السوداء يباع اليوم بما يفوق الـ4000 فإن الواقع الحالي يؤكد لجوء المواطن إليه لعرض دولاراته وليس للصراف الشرعي الذي يلتزم بتعميم مصرف لبنان، ما قد يدفع الصراف الشرعي إلى مخالفة التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان والعمل بالطريقة نفسها التي تعمل بها محال الصرافة غير المرخصة".
الخبير الاقتصادي د. عماد عكوش
بحسب عكوش فإن مؤسسات الصيرفة المرخصة والشرعية ليست المسؤولة عن ارتفاع سعر صرف الدولار اليوم وإنما العرض والطلب إلى جانب عدم وجود ضابطة لعمليات صرف الدولار في السوق السوداء. هذه الضابطة وفق رأيه "تتمثل في حاكمية مصرف لبنان، الذي أثبت قدرته على التدخل في السوق بائعا وشاريا للدولار منذ العام 1996 وحتى العام 2018 حيث كان تدخله واضحًا للعمل على استقرار سعر صرف الدولار على الـ1500 ليرة".
يأسف عكوش لكون مصرف لبنان منذ 17 تشرين الثاني من العام الماضي وحتى اليوم عازف عن القيام بما لطالما قام به على مدى سنوات من التدخل في سوق الصيرفة لتثبيت سعر صرف الدولار، وترك الأمور لقانون العرض والطلب، ولذلك فما عاد مستغربا وفق قوله أن يكون اليوم سعر الصرف 4200 وغدا 5000 إذ ما عاد هناك سقف لارتفاع سعر صرف الدولار.
مصرف لبنان بحسب الخبير الاقتصادي قادر على التدخل، لأن العمليات الحاصلة في سوق الصيرفة ليست عمليات ضخمة إذ لا تتجاوز في الحد الأقصى 3 ملايين دولار في اليوم، وهي بسيطة عمليا قياسا بالعمليات الضخمة التي كانت تقوم بها المصارف، ومن هذا المنطلق يستطيع مصرف لبنان التدخل بضخ دولارات في سوق الصيرفة لتثبيت سعر الصرف مقابل الليرة والعمل على استقرار العملة الوطنية.
نقيب الصرافين: الصرافون الشرعيون هم الحلقة الأضعف
من جهته، يشدد نقيب الصرافين محمود مراد في حديثه لموقعنا على أن المتسبب بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق وصولا إلى الـ4200 ليرة هي محال الصرافة غير الشرعية والصرافون غير المرخصين، مشيرًا الى أن "ما وعدنا به القاضي علي ابراهيم هو التشدد في ملاحقة هؤلاء لضبط ارتفاع سعر الصرف وصولا إلى تثبيته، فضلا عن ملاحقة مشغلي المنصات الإلكترونية التي تساهم في التلاعب في سعر الصرف".
نقيب الصرافين محمود مراد
وفق مراد "للسياسة دور كبير في التأثير على سعر الصرف وهو ما لا يخفى على أحد، فضلًا عن انتشار فيروس كورونا في لبنان وما تبعه من تخفيف لحركة الاستيراد من الدول وانخفاض قيمة التحويلات المالية من المغتربين لأهاليهم بفعل تعميم مصرف لبنان الذي فرض فيه على شركات التحويل الخاصة صرف التحويلات بالليرة اللبنانية على سعر صرف الدولار في السوق".
مراد يرفض رفضًا قاطعًا محاسبة الصراف الشرعي وإغلاق محله بالشمع الأحمر في حين أن الصرافين غير الشرعيين يعملون ليل نهار ويبيعون بأسعار خيالية الدولار ويشترونه.
وعلى سبيل المساهمة في الحل، يوضح مراد أن الصرافين المرخصين من الفئة الأولى طلبوا من حاكم مصرف لبنان المشاركة في المنصة الإلكترونية التي أعلن عنها المصرف المركزي لتثبيت سعر صرف الدولار وهم في انتظار الإجابة على طلبهم ليساهموا بدورهم في التسعيرة.
أما قرار النقابة العزوف عن عمليات بيع وشراء الدولار فقد وضع مراد القاضي علي ابراهيم في حيثياته، لافتًا في حديثه لـ"العهد" الى أن خلفيته هي "عدم قدرتنا على التعامل وفق الالتزام بتعميم مصرف لبنان القاضي بالتعامل على سعر الـ3200 في حين أننا اشتريناه على سعر أعلى بكثير قبل صدور التعميم بيوم، خاصة أن ثمة صرافين غير شرعيين يبيعونه بسعر أعلى بكثير في السوق السوداء".
وفي معرض حديثه، يذكّر مراد أن الصرافين المرخصين على موعد غدًا صباحًا مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خلاله سيتم وضع الحاكم في ظروف عمل هؤلاء، خاصة أن صندوق الصرافين الشرعيين لا يقتصر على الدولار وإنما يتعاملون بالذهب واليورو وغيرهما من العملات الصعبة والمعادن.
المطلوب بحسب مراد دخول مصرف لبنان على الخط بائعًا للدولار للصرافين الشرعيين بـ3150، وفي حال أقدم على هذه الخطوة يلفت مراد إلى موافقة الصرافين على بيعه في السوق بـ3200 ويقول: "نحن قانعون بهذا الربح"، ويسأل:"المصرف تدخل سابقًا فما المانع من تدخله اليوم"؟
وعن إضراب الصرافين الشرعيين عن العمل، يشدد مراد أنه مستمر حتى إطلاق سراح الصرافين الشرعيين الذين تم إقفال محالهم بالشمع الأحمر، هؤلاء خالفوا تعميم المصرف المركزي لخوفهم على رأس مالهم المتآكل، يقول مراد، لافتًا إلى أن هؤلاء هم الحلقة الأضعف.
الدولارالليرة اللبنانيةالمصارف