خاص العهد
حرب "المعتصم" والحمزة".. أدوات أمريكا يأكل بعضها بعضًا
محمد عيد
أسفرت الاشتباكات الدامية التي خاضها فصيلا "المعتصم" و"الحمزة" التابعان لميليشيا "الجيش الحر" الممول أمريكيا، على خلفية تقاسم مكاسب الارتزاق في مدينة رأس العين الخاضعة لسيطرة القوات التركية، عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، الأمر الذي ينسف كل محاولات إسباغ "الشرعية الثورية" على قوى رهنت نفسها للأمريكي ضد شعبها ودولتها الوطنية منذ اللحظة الأولى ومارست التطرف في أسوأ أشكاله في الوقت الذي قدمت نفسها فيه كحالة "علمانية" يمكن للغرب أن يعتمد عليها.
متنازعون على الغنائم
كانت مدينة "رأس العين" الخاضعة لسيطرة الجيش التركي وميليشيا ما يسمى "الجيش الوطني" شمال الحسكة، مسرحا لاشتباكات دامية جرت قبل عدة أيام بين فرقة "المعتصم" وكتائب محلية تابعة لفرقة "الحمزة" ما أوقع قتلى وجرحى من الطرفين.
مصادر محلية في المدينة أكدت لموقع "العهد" الإخباري وقوع اشتباكات بين كتائب الحسكة ودير الزور التابعة لفرقة "الحمزة" و"جيش الشرقية" من جهة وبين "فرقة المعتصم" من جهة أخرى في شارع "الزعيم" حيث توجد مقراتهم في حي "الحوارنة" شرقي مدينة "رأس العين"، مشيرة إلى وقوع عشرة قتلى من الجانبين على الأقل وعدد غير معلوم من الجرحى.
وأشارت مصادر "العهد" إلى أن اشتداد الاشتباكات والخوف من اتساع رقعتها جغرافيا وعلى مستوى فصائل أخرى موالية لكلا الطرفين، دفع الشرطة العسكرية و"فرقة السلطان مراد" والأتراك للتدخل وفض الاشتباك الذي استمر لمدة ساعة ونصف في شارع الزعيم في قلب المدينة، أعقبه سماع أصوات سيارات إسعاف حضرت إلى المكان ونقلت ستة قتلى من فرقة "المعتصم" وأربعة آخرين من فرقة "الحمزة" إلى المشافي التركية، فضلًا عن سبعة عشر جريحًا وصفت المصادر الطبية حالة بعضهم بالحرجة.
سيان في العمالة والإرهاب
المصادر المحلية كشفت لـ"العهد" أن الذريعة التي ساقتها الفصائل المحلية لتبرير هجومها على "فرقة المعتصم" ارتبطت بما قالت إنها الانتهاكات التي تمارسها هذه الأخيرة بحق السكان من الاستيلاء على المنازل فضلًا عن قيامها بـ "اعتقالات تعسفية". في حين أن السبب الرئيسي لهذه الاشتباكات يعود إلى طبيعة نهج الارتزاق الذي يمارسه الطرفان والذي تجسد في الاختلاف على تقاسم منازل لمواطنين محليين في مدينة رأس العين هجروا مدينتهم بعد سيطرة الجيش التركي عليها فقام الفصيلان المذكوران بالتنازع على أملاكهم المتروكة.
الخبير العسكري والإستراتيجي العميد قاسم قنبر لفت إلى أن لواء المعتصم هو فصيل تابع لميليشيا "الجيش السوري الحر" وينشط في ريف حلب الشمالي، حيث يتخذ من بلدة مارع مقرا له. وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري كشف قنبر أن لواء المعتصم يمتلك كمية كبيرة من الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة له من برنامج التدريب والتجهيز السوري، بما في ذلك بنادق M16، ورشاشات خفيفه من طراز M249، ورشاشات M240، وسولتام K6، ومدافع هاون M224، ومدافع هاون M252، وبراونينغ M2، وعربات مسلحة. وقد أدى ذلك إلى ورود تقارير تفيد بأن هذه المجموعة قد تم تزويدها بصواريخ مضادة للدبابات من الولايات المتحدة.
قنبر أشار إلى أن قائد المجموعة سابقًا هو المقدم محمد حسن خليل، وهو كان في الأصل قائدًا للمتمردين في جبل الأكراد بمحافظة اللاذقية. غير أن جبهة "النصرة" أرغمته في العام 2015 على الخروج من اللاذقية بعد التوترات بين المجموعتين قبل أن تنتقل مجموعته إلى حلب.
فرقة "الحمزة" تنتسب في الوقت نفسه إلى ميليشيا "الجيش السوري الحر" وهي كذلك دربت وجهزت من قبل الولايات المتحدة وتركيا كجزء من برنامج التدريب والتجهيز السوري لما زعمت واشنطن في حينه أنه مخصص لمحاربة تنظيم "داعش" في شمال غرب سوريا.
علمانيون بزي التكفيريين
الخبير العسكري والإستراتيجي أكد أن ائتلاف هذين الفصيلين في ميليشيا "الجيش الحر" المدعوم أمريكيا وتركيا لا يلغي تنازعهما على الارتزاق الذي كان ولا زال بالنسبة لهما جسرا للعمالة وأن "العناوين العلمانية" التي تحرص ميليشيا "الحر" على تسويقها عن نفسها منذ محاولة تعويمها أمريكها باعتبارها فصيلا "وطنيا" عابرًا للتعصب، لم تنجح في إخفاء الممارسات القذرة التي ارتكبها هؤلاء والتي تماهت تمامًا مع فظائع "داعش" و"النصرة" وبقية الفصائل التكفيرية التي ينتمي إليها هذا التنظيم في الجوهر.