ابناؤك الاشداء

خاص العهد

في ظل كورونا: حتى ذكرى الشهداء تتغيّر.. ويبقون في القلب
18/04/2020

في ظل كورونا: حتى ذكرى الشهداء تتغيّر.. ويبقون في القلب

فاطمة حيدر

 

في قرية عيتا الشعب جنوب لبنان، تستعد أسرة جنوبية لإحياء الذكرى الأولى لاستشهاد حبيبها الشهيد خليل إبراهيم قاسم، لكن الإحياء سيكون بصمت. ليس لأن الشهيد لم يكن أغلى ما لدى أهله، ولا لأنهم قد "يتثاقلون" من "مهمة" احياء الذكرى، بل لأن خليل فارق أحباءه بغية حماية مجتمعه وشعبه ووطنه، وبذلك، لا يصح أن تكون ذكراه مناسبة يجتمع فيها الناس بما يخالف التوجيهات الصحية، في ظل خطر انتشار وباء كورونا.

منذ بداية أزمة الوباء، توجه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله الى جمهور المقاومة وبيئتها، بعدّة خطابات كانت الروحية الاساس فيها: الالتزام بطلبات وزارة الصحة اللبنانية والسلطات في كل ما تطلبه في اطار خطة مكافحة انتشار فيروس كورونا.

الشهيد خليل، المولود في 2 أيلول 1981 والحاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، كان قائداً في المقاومة الإسلامية.
 هو والد لثلاث زهرات: زينب وزهراء وفاطمة. لم يتسنَّ للوالد العطوف أن يراقب بناته يكبرن في رعايته، هو الذي قدّم دماءه فداء لمستقبل كريم يهديه لهنّ، فاستشهد في سوريا في 18 نيسان 2019.

"أنا فقط أتظاهر بأنه في العمل، وعندما أزور قبره، فهذا يعني لي وكأنه في المنزل"، تقول مُزين زوجة الشهيد لموقع "العهد" الاخباري. تتحدث عن رفيق حياتها وكأن الحضور ما يزال يظللهما، كأنه لم يرحل يومًا.

تتنهد مُزين عندما تتحدث عن أبوّة خليل "كان أبًا حنونًا. عندما يعود إلى المنزل من العمل، يقضي كل وقته مع بناته، يعانقهن ويمنحهن كل الحب".

شهرين فقط من العمر كانت تبلغ ابنته فاطمة عندما ارتقى الوالد شهيدًا: "كانت بعمر الشهرين عندما رآها والدها آخر مرة، لكنها حصلت على كل حب واهتمام والدها عندما كان في المنزل".

يطول الحديث عن المسؤوليات بعد الشهادة: "أنا زوجة الشهيد، وهذا شرف لي.. لكن ذلك تترتب عليه مسؤوليات كبيرة، مسؤوليات تجاه عائلتنا وتجاه المجتمع".

وفي الحديث عن الذكرى السنوية الأولى للشهيد في ظل انتشار الوباء، تقول "من المعتاد الاحتفال بالذكرى السنوية للاستشهاد بالدعاء وقراءة القرآن ومجلس العزاء، للتأكيد على أن الشهيد حي في أهله وأن تضحياته تجاه وطنه لن تُنسى، لكن في ضوء جائحة الفيروس التاجي هذا، لن يكون هناك احتفال تأبيني، فنحن التزمنا دائما بتعليمات السيد نصر الله، ولن تكون هذه المناسبة استثناءً". وتضيف زوجة الشهيد: "ذاكرته وتضحياته لن تنسى أبدا، بوجود جائحة أو بعدمها، ذكراه ستعيش في كل واحد منا، فقط، سيحضر بعض أفراد الأسرة حيث ستتلى آيات من القرآن".

توضح زوجة الشهيد أهمية الالزام بتعليمات وزارة الصحة في مثل هكذا احياءات: "نحن كعائلة الشهيد لن نخاطر بتعريض حياة الآخرين للخطر، نفضل إحياء ذكرى استشهاد خليل بصمت، بدلًا من كسر كلام السيد نصر الله الذي كان يحترمه خليل كثيرا".

بالنسبة للكثيرين، كان الشهيد خليل رجلًا ودودًا لم يتحدث سوى القليل، ولكن بالنسبة لأصدقائه في العمل، كان محبوبًا للغاية وكانت لديه شخصية رائعة. يتذكر أصدقاؤه كيف كان مفيدًا ومهتمًا لأمورهم، وعطوفًا أيضًا.

بحسب رفاق الشهيد، فخليل "كان ينشد الكمال.. كان دائمًا من أوائل المتواجدين في العمل، كان يكمل جميع المهام المطلوبة منه، ويقدّم أفكارًا تتعلق بالعمل". يقول رفاقه لموقع "العهد": "كان لديه عصب من الفولاذ، ويبادر الى تنفيذ العمليات الهجومية، هو "المتفاني" في العمل، رغم اصابته الأولى بالجراح، الا أنه لم يتوقف عن عمله الجهادي، بل كان يتابعه قبل أن يشفى تمامًا ويساعد في انجاز المهام". بالنسبة لهم، كان الشهيد خليل رمزا للإيثار وتجسيدا للإسلام المحمدي الأصيل. يقولون، لو كان حاضرا معنا اليوم، لما كان يريد إيذاء أي شخص. إن الشهيد خليل واحد فقط من بين الكثيرين الذين ضحوا بحياتهم في طريق الإمام الحسين (ع) - حفيد النبي محمد (ص) - ليس بالكلمات، بل بالدم، بمقاومة الظلم، بلغة لن ينساها التاريخ أبداً. سوف يسقط الكثير من أجل هذا الدرب. لكنهم لن يكونوا طي النسيان أبدًا. ستعيش ذكراهم في كل شبر محرر من هذه الارض، وفي كل رأس مرفوع بشرف وكرامة. مع ارتقاء رجال المقاومة في ساحة المعركة ضد أعداء لبنان والانسانية، يرتقي أيضًا الأطباء والممرضون الشجعان وسط المعركة الطبية ضد تفشي الفيروس التاجي. كلاهما يضع مصلحة الآخرين في المقدّمة.. إنه أعلى شكل من الإيثار.

يتابع رفاق الشهيد: "مع تحول الساعات إلى أيام والأيام إلى شهور، لا نعرف حقًا إلى أين سيأخذ هذا الوباء البشرية كلها. لكن ما نحن متأكدون منه هو أن ذكرى أولئك الذين رحلوا لن تنسى. نهدي كلامنا هذا إلى روح الشهيد خليل قاسم وجميع الأطباء والممرضات الذين سقطوا خلال هذا الوباء. لن ننساكم أبدا. وإلى رجال المقاومة الإسلامية ومن يخاطرون بحياتهم لمواجهة هذا الوباء: نكنّ لكم أقصى درجات الاحترام والعشق".

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد