معركة أولي البأس

خاص العهد

خلاف بين المدارس الخاصة ولجان الأهل.. ما مصير دفع الأقساط المستحقة؟
13/04/2020

خلاف بين المدارس الخاصة ولجان الأهل.. ما مصير دفع الأقساط المستحقة؟

ياسمين مصطفى

خلق تعطيل المدارس الرسمية والخاصة في لبنان بفعل انتشار فيروس كورونا إشكاليات على المستوى الأكاديمي والتربوي. تجلت إحداها في رفض بعض اتحادات لجان الأهل في المدارس الخاصة مؤخرًا تسديد ما تبقى من الأقساط، خاصة مع كون مصير العام الدراسي للعام 2019-2020 مجهولًا حتى اللحظة. موقف لجان الأهل استدعى ردا من اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة. الأخير تمنّى على الأهالي التزام واجباتهم وسداد ما يتوجب عليهم من أقساط، مناشدًا الدولة تحمل مسؤولياتها تجاه القطاع التربوي والتعليمي الخاص، والمسارعة لسداد المتأخر من مساهماتها للمدارس، العاجزة فعلاً عن دفع مستحقات العاملين فيها.

ومع إصرار لجان الأهل على الموقف بعدم الدفع من جهة، وربط اتحاد المؤسسات التربوية من جهة ثانية مصير مستحقات الكوادر التعليمية والإدارية بسداد الأهالي للأقساط مع استكمال عملية التعليم عن بُعد، يصبح السؤال ضروريا عن الحل، وعن الجهات المسؤولة عن تقديمه، فماذا يقول كل من اتحاد لجان الأهل واتحاد المؤسسات التربوية في المدارس الخاصة لموقع "العهد"؟ 


تعديل موازنات المدارس شرط أساسي لاستيفاء الأقساط المدرسية 

تؤكد رئيسة اتحادات لجان الأهل في المدارس الخاصة في لبنان لمى الطويل لموقع "العهد" الاخباري أن القانون 1996/515 الناظم للعملية التعليمية في المدارس الخاصة والمحدد لكيفية وضع موازنات هذه المدارس، تفرض ضرورة التوازن بين مجموع النفقات ومجموع الإيرادات، ومع توقف العملية التعليمية في المدارس انخفضت نفقات المدارس الخاصة بما نسبته 30% من موازنتها، تتضمن هذه النسبة انخفاض أيام التدريس الفعلية، وانخفاض تكاليف النفقات التشغيلية المنصوص عليها في المادة "ج" من قانون إصدار الموازنة التعليمية، ومصاريف تتعلق باستخدام الكهرباء والمياه ووسائل التعليم وخدمات التنظيف والنقل فضلا عن النفقات المتعلقة بالتجديد والتطوير". 

توضح الطويل أنه في هذه الحالة يُلزم القانون المدارس الخاصة بإعداد ملحق لميزانيتها يتم وفقه تعديلها وخفض الإيرادات لتتناسب والنفقات الفعلية، وبالتالي إعادة جزء من الأقساط المدرسية للأهالي. تأخذ الطويل على إدارات المدارس الخاصة دفعها باتجاه المواجهة بين الأهل والمعلمين، مشددة على أن معركتها ليست مع المعلمين، فحقوقهم خطٌ أحمر بالنسبة للأهالي. لافتة في السياق إلى كون المدارس الخاصة مؤسسات لا تبتغي الربح في الأصل، وهي معفية من تسديد الضرائب للدولة.

لا يتجاوز عدد المدارس الملتزمة بشكل فعال نظام التعليم عن بعد الـ100 على مستوى لبنان

سؤال يفرض نفسه في سياق البحث في هذه القضية: ما مدى صوابية الامتناع عن دفع ما تبقى من الأقساط في حين أن المدارس انتظمت في عملية التعليم عن بعد منذ بدء التعطيل؟

تقول الطويل إن عدد المدارس التي تطبق فعليا برنامجًا للتعلم عن بعد لا تتعدى الـ100 مدرسة على صعيد لبنان، لافتة إلى الكثير من العوائق التي تعترض هذه العملية، من التفاوت في قدرات الأهالي، فليس جميعهم قادر على تأمين الإنترنت السريع والمفتوح، أو الحاسوب في المنزل لكل الأولاد، وليس جميع الأهل بالمستوى العلمي نفسه الذي يمكنهم متابعة أولادهم. لأجل هذه الأسباب ترى الطويل أن الكثير من المدارس لا تستحق الحصول على ما تبقى من الأقساط طالما أن التلامذة في منازلهم.

تتحدى الطويل في سياق حديثها المدارس بالكشف عن موازناتها، مشددة على ضرورة أن تكف إدارات المدارس الخاصة على جعل الأهالي "مكسر عصا".

ما المطلوب؟

المطلوب بحسب الطويل موازنات تقشفية تبعًا للظروف الراهنة ووفقا للقانون، وما لم يتحقق ذلك فإن لجان الأهل في المدارس الخاصة لن تستجيب لطلب إداراتها دفع ما تبقى من الأقساط. وتضيف: "مع بدء الحراك الشعبي في 17 تشرين قدمنا لوزير التربية آنذاك أكرم شهيب خطة مدروسة لتعديل الموازنات وتحويلها إلى موازنات تقشفية، لكن الحكومة استقالت ونحن اليوم نعيد الكرة مع الوزير طارق المجذوب بدءا من الصفر".

اتحاد المؤسسات التربوية: هل المطلوب أن تسرق المدارس الخاصة لتدفع حقوق العاملين فيها؟

في المقابل، يرفض المنسق العام لاتحاد المؤسسات التربوية الخاصة وأمين عام اتحاد المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار مواقف كل من الطويل ونعمة. ويلفت عازار إلى أن لا اتحاد للجان الأهل يغطي كل مناطق ومدارس لبنان حتى اليوم، وأن إدارات المدارس الخاصة هي الموكلة اختيار أعضاء الاتحاد فيها وهو ما لا يحصل اليوم، لكنه في الوقت نفسه يؤكد عدم رغبة المدارس الخاصة في الخوض في مشاكل لا مع الأهل ولا مع المعلمين، ويقول: "نتفهم وضع كل منهما ونريد من كل الأطراف تفهم وضع المدارس، بحكم كوني أمين عام اتحاد المدارس الكاثوليكية والمنسق العام لاتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان فأنا مع المدراس، لأن من وجباتها مراعاة أوضاع كل الأطراف، عليها المحافظة على حقوق الأهل، حقوق المعلمين، والحافظ على استمراريتها حتى نتمكن بنهاية المطاف من حماية حقوق التلميذ، لأنه الأساس في كل العملية التربوية".

المدارس الخاصة تتعرض للاتهامات "زورا"

وفق الأب عازار فإن "الأزمة الكبيرة التي يمر بها لبنان ترهق الأهل، والمدارس في الوقت نفسه. ومن يقول أن المدارس لديها مخزون ووفر مالي فهو كاذب، فهل يجب أن تسرق إدارات المدرس لتسدد مستحقات كوادرها التعليمية والإدارية؟".

ويضيف: "لا بد أن يسدد الأهالي أقساط الطلاب حتى تقوم المدارس بواجباتها بتسديد حقوق كوادرها التعليمية والإدارية، المدارس الخاصة حتى اليوم لا تزال تقوم بمناشدات "خجولة" و"ناعمة" للأهالي لدفع الأقساط والمستحقات، لم تهدد ولم تتوعد وفي حال كان هناك مدرسة أو اثنتان اعتمدتا أسلوب التهديد فالتعميم والشمولية في هذا الشأن أمر خاطئ".

من المسؤول عن حل الخلاف؟

رغم الأزمة الاقتصادية التي أربكت كل المؤسسات الخاصة، فإن معظم المدارس الخاصة بحسب ما يؤكد عازار منذ حراك 17 تشرين وحتى اليوم تسدد لكوادرها التعليمية مستحقاتهم كاملة. يؤكد عازار أن الكثير من الأهالي اليوم غير قادرين على تسديد الأقساط لمدارس أولادهم وهذا الواقع نعرفه جيدا، لذلك رحمة بالأهالي والمعلمين والمؤسسات يرى الأب أن من المفترض أن تقوم الدولة بتحرك استثنائي يرقى إلى الظرف الاستثنائي الذي نمر فيه. 

ويضيف:"الدولة هي المسؤولة عن حل هذه المعضلة بين لجان الأهل وإدارات المدارس الخاصة، فلو حصلت أزمة تبغ كانت سارعت الدولة للتعويض للناس، فكيف بقطاع التعليم مع ما له من أهمية تربوية للطلاب؟".

65% من الموازنات للرواتب والأجور 

يشدد أمين عام المدارس الكاثوليكية على أن الرواتب والأجور في أكثر المدارس تتعدى نسبتها 75% و80% من موازناتها، لافتا إلى أن قلّة من الأهالي يستكملون الأقساط من الفصل الأول، ومعظمهم يستكمل ما يستوجب عليه مع نهاية العام الدراسي، وعليه فإن مقولة أن مستحقات المعلمين مؤمنة من الفصل الأول باطلة وغير مقبولة.

ويتابع الأب عازار "ما يقال من كلام حول استحصال المدارس في الفصل الأول وحده على مستحقات الإداريين والكوادر التعليمية هو جهل بالقوانين والحسابات، وأستطيع التأكيد أن في إحصاءاتنا للمدارس الكاثوليكية فإن ما تم جمعه مع انتهاء الفصل الأول هو فقط 36% من الموازنة وهو لا يكفي بتاتا لتغطية نصف رواتب العاملين فيها". 

بحسب عازار، فإن من واجب مصلحة التعليم الخاص التدقيق في موازنات المدارس بعد إمضاء لجان الأهل عليها، وفي حال رفضها من قبل المصلحة تردها إلى أصحابها، لتصويب أرقامها ومن ثم لتحصيل موافقة عليها وزارة التربية ويُسمح لها بإعلان أقساطها بعد ذلك.

وحول ما أثارته الطويل عن طلب إدارات المدارس الخاصة إعطاء سلف للأهالي ليتمكنوا عبر الدولة من دفع الأقساط، يؤكد عازار أن هذا المقترح جاء عرضيا في إحدى الاجتماعات مع وزارة التربية، ويبدو أن تعقيداته كثيرة.

مدارس المهدي تسدد مستحقاتها لكوادرها التعليمية كاملة

موقف عضو مجلس الإدارة ومدير الرقابة والتفتيش والعلاقات التربوية الرسمية في مدارس المهدي محمود عبدالله أقرب إلى موقف الأب عازار. يوضح عبدالله أن المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم تأخذ بعين الاعتبار البعد الشرعي، فالمعلم ملتزم معنا ونحن الذين قررنا إبقاءه في المنزل منعا لتفشي الفيروس، ونحن ندفع حتى اليوم مستحقات كوادرنا التعليمية والإدارية كاملة.

اتحادات لجان الأهل ما مدى شرعية تمثيلها؟

في رده على رئيسة اتحادات لجان الأهالي في المدارس الخاصة لمى الطويل، يثير عبدالله مسألة شرعية تمثيل هذه الاتحادات لمدارس لبنان، ويقول: "اتحادات لجان الأهل في لبنان لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، من يؤكد الحجم التمثيلي لهؤلاء؟ ما هي المناطق التي يغطونها وما هي المدارس التي يمثلونها؟ وهل لدى الطويل قوائم بالناس المنتسبين، ومن انتخبها لتكون رئيستهم؟

يؤكد عبدالله أن القانون 515 ينص على أن تستوفي المدارس 30% من نسبة الأقساط في الفصل الأول، لكن هذا لا يتعدى كونه كلاما نظريا، والمدارس حتى اليوم لم تحصل على نسبة الـ30% حتى من الأقساط.

وإذ يلفت إلى أن لدى الكثير من المؤسسات التربوية أزمة سيولة وليس عجزا ماليا، يقول:" لو تدفع الدولة ما يتوجب عليها للمدارس فبالطبع ستدفع الأخيرة كل ما عليها من متوجبات بطبيعة الحال لكن هذا الامر لا يحصل".

المشكلة بحسب عبدالله عامة، أكبر من المدارس وإداراتها، تطال قروض الإسكان والسيارات والديون وغيره من الالتزامات، وعليه إذا كان هذا هو بُعد المشكلة فعلى الدولة المساهمة والمبادرة لإيجاد حلول لأن هذه مسؤولياتها"، بحسب ممثل مدارس المهدي في اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة.

وحول البت بالموافقة على موازنات المدارس الخاصة فإن الكلمة الفصل في هذا الموضوع هي بحسب عبدالله لوزارة التربية. 

يرى عبدالله أن الحل هو لدى مجلسي النواب والوزراء، مشددا على أن الظرف استثنائي ويتطلب بالتالي تشريعات استثنائية، ليس في المجال التربوي وحسب وإنما في مختلف القطاعات العامة والخاصة. وفي هذا الظرف الاستثنائي يقول عبدالله:" لا يمكن الطلب من المدارس الخاصة الاستغناء عن أقساطها لهذا العام".

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد