خاص العهد
الأهالي في منطقة "نبع السلام".. بين مطرقة كورونا وسندان الإرهاب
محمد عيد
تشهد منطقة "نبع السلام" التي تهيمن عليها فصائل المعارضة المدعومة تركيا ميليشيا "الجيش الوطني" وضعًا معيشيًا مترديًا للغاية على خلفية حظر التجول الذي تفرضه هذه الميليشيات اتقاء لخطر تمدد فيروس كورونا كما تقول، وذلك بسبب اعتماد قسم كبير من الأهالي هناك على الدخل اليومي في الوقت الذي لم تطرح فيه الميليشيا أي بدائل معيشية لهؤلاء.
الطعام مرتبط بالعمل اليومي
يرفع محمود (اسم مستعار) صوته بالشكوى وهو يتحدث لموقع "العهد" الإخباري عن الظروف البائسة التي انتهى إليها حال أسرته المكونة من سبعة أفراد إضافة لأمه وأبيه القاطنين معه في ريف مدينة تل أبيض التي تسيطر عليها ميليشيا "الجيش الوطني" المدعومة تركيا.
لا يعرف محمود عملًا في هذه الدنيا غير بناء البيوت الذي "لا يحتاج إلى شهادة علمية لا أمتلكها". يشرح لموقع "العهد" كيف تدرجت أموره من سيئ إلى أسوأ منذ إقدام الجيش التركي على غزو المنطقة وإقامة ما يسمى بمنطقة "نبع السلام": "كانت أموري وأمور الناس عموما مقبولة قبل الغزو التركي، كنت أعمل بشكل يومي وكان ذلك يسمح لي بتوفير بعض المدخرات لأيام قليلة قادمة فقط، بعد ذلك جاء الأتراك مع ميليشياتهم وساءت أمورنا أكثر وقلّ دخلنا بعد أن تدخلت الميليشيات في كل شيء وراحت تأخذ خوة على كل مشروع بناء صغير أو كبير كنا نعمل فيه"،
حتى ذلك الوقت كانت الحياة تسير بمحمود على قاعدة "العمل اليومي مقابل القوت اليومي" إلى أن حصل ما لم يكن في الحسبان.
كورونا يضعنا على خط الفقر
مع الخطر الداهم الذي حمله وباء كورونا وجدت الميليشيات الإرهابية المدعومة من الجانب التركي نفسها مضطرة لأخذ بعض الإحترازات من هذا الوباء حتى لا ينعكس الأمر عليها في النهاية.
يؤكد محمود لموقع العهد الإخباري أن هذه الإحترازات "اقتصرت على حبس الناس في بيوتهم دون التفكير في الكيفية التي سيعيشون منها، وأنا الآن أعيش وأسرتي الكبيرة من مؤونة البيت وبعض ما يجود به المحسنون في أوقات رفع الحظر المحدودة".
محمود ليس حالة متفردة في منطقة تل أبيض وريفها حيث "نبع السلام". مصادر أهلية ذكرت لموقع "العهد" الإخباري أن قرابة 35 بالمئة من الأسر المتواجدة في مدينة تل أبيض وريفها تعاني من "انحدار مرعب" في واقعها المعيشي منذ بداية حظر التجوال في المنطقة والذي أدى إلى فقدان العاملين في المستودعات والدكاكين الصغيرة والحرفيين وعمال البناء وأصحاب المهن الحرة القدرة على تأمين قوت يومهم بسبب توقف أعمالهم بشكل نهائي.
وبحسب هذه المصادر فإن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل إنه تطور إلى حالة باتت معها تل أبيض وريفها تعانيان من موجة غلاء فاحش في الأسعار أتت على أغلب المدخرات التي كانت بحوزة الأهالي "وهو غلاء بدأ مع سيطرة ميليشيا الجيش الوطني المدعومة تركيا، لكنه تفاقم كثيرا مع أزمة كورونا وما نتج عنها من فقد الكثير من المواد الغذائية والأساسية في الأسواق منذ تطبيق حظر التجوال فيها الأسبوع الماضي".
المصادر المحلية أكدت أنه ورغم الوعود الكثيرة التي أطلقت فإن مجلس مدينة تل أبيض المحلي والهلال الأحمر لم يقوما حتى الآن بوضع خطة طوارئ لتقديم المساعدات الإغاثية واللوجستية للعوائل المنكوبة بالفقر المدقع، مضيفة إنه ومع انسداد أفق الحل اضطر أكثر من خمسين شابا في مدينة تل أبيض ومنطقة سلوك بريف الرقة الشمالي للخروج من منازلهم في أوقات الحظر سعيًا وراء الرزق المكبل بقيود الإرهابيين وداء كورونا على السواء ليجدوا هؤلاء أنفسهم في نهاية المطاف رهن اعتقال عناصر الشرطة المدنية التابعة لميليشيا الجيش الوطني التي ساقتهم إلى سجونها بتهمة "مخالفة الأوامر والعبث بصحة الناس".