خاص العهد
27 مليون يمنيّ أمام الكارثة: العدوان أغلق كل المنافذ
اليمن ـ سراء الشهاري
هي خمس سنين من أكبر حصار وعدوان يشهده العالم، فبعد أن دمرت غاراته البنية التحتية في اليمن، وقصف المستشفيات والمزارع والأسواق وآبار المياه، أغلق العدوان مطار صنعاء منذ أغسطس عام 2016 للميلاد ثم أتبعه بإغلاق كافة الموانئ الهامة في البلد. وفرضت قوات التحالف قيودًا على كافة الواردات الواصلة، وما يدخل منها يخضع لإجراءات تعسفية وعرقلة تؤدي في النهاية إلى دخولها منتهية الصلاحية، مسببةً تفاقم الوضع الانساني ومهددة الأمن الغذائي والصحي في اليمن.
ومع نقل البنك المركزي من صنعاء وتحويل ايراداته إلى بنك يتبع مرتزقة العدوان في عدن لم تعد تمتلك حكومة الانقاذ الوطني أية ايرادات مالية وانعدمت السيولة النقدية لديها، وانقطعت الرواتب الحكومية لجميع موظفي مؤسسات الدولة التي تعتبر مصدر رزق أساسياً لشريحة كبيرة من المجتمع.
ارتفعت الأسعار وأصبح الدولار بـ 600 ريال يمني، وتزايدت معدلات الفقر، وصار المواطن اليمني يعيش أزمات اقتصادية متكررة بل إن بعض أبناء المناطق التهامية وهم الأشد فقرًا ومعاناة وصل بهم الحال إلى أكل أوراق الشجر.
حسب الاحصائيات الأخيرة لوزارة الصحة بلغت حالات سوء التغذية وسوء التغذية الحاد للأطفال دون سن الخامسة إلى مليونين ونصف المليون طفل، أضف إلى ذلك حالات الأمهات الحوامل والمرضعات والتي بلغت مليون امرأة واللواتي سيعرضن أطفالهمن للمرض ذاته.
18 مليون مواطن يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 8.4 مليون مواطن يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد ويصنفون عالميًا في المرحلة الخامسة مرحلة المجاعة.
النظام الصحي في اليمن مهدد بالانهيار
النظام الصحي في اليمن استُهدف بالقصف المباشر وبالحصار الجائر. المرضى في اليمن لا يجدون علاجًا داخل وطنهم، ومنعهم العدوان كذلك من العلاج خارجًا.
عدد المرضى العالقين والذين هم بحاجة للسفر قد بلغ 320 ألف مريض. وتوفي 42 ألف مريض لم يتمكن من السفر لتلقي العلاج.
وحول هذا الشأن، صرحت وزيرة حقوق الانسان رضية راوح لـ"العهد": "تصلنا كثير من الشكاوى أن مريضًا مُسنًا يصعب عليه التحرك داخل محافظة واحدة فما بالك بالسفر لمدة 15ساعة للوصول إلى مطار سيئون أو عدن؟". وأضافت راوح لموقعنا: "الحصار والأزمات الاقتصادية وصعوبة التنقل واغلاق المطار هو للمرضى وضع جدًا مأساوي".
الناطق الرسمي لوزارة الصحة يوسف الحاضري أوضح من جهته أن الوزارة تعمل بميزانية صفر %، حيث كانت تصل ميزانية الوزارة قبل العدوان إلى 65 مليار ريال يمني، وفي ظل العدوان تضاءلت ميزانيتها إلى 60 مليون ريال يمني فقط.
لقد خلق الحصار كارثة حقيقية ومأساة كبرى للمرضى في اليمن، الكثير من الأدوية الأساسية معدومة وإن وجدت فبكميات ضئيلة ومحدودة جدًا.
وقال الحاضري لموقع "العهد" الاخباري: "هناك أكثر من 800 ألف مواطن يعتمدون على الأدوية المجانية التي توفرها وزارة الصحة، لأنها أدوية غالية ولأمراض مزمنة"، مضيفًا "لا رواتب، لا أدوية، أمراض تزداد، مشاكل مجتمعية تزداد، أسعار ترتفع، نتكلم عن وضع كارثي، وهناك انخفاض في استيراد الأدوية بنسبة 60% من متوسط الاستيراد مقارنة بسنوات ما قبل العدوان".
وقد كشف الحاضري لـ"العهد" أن "هناك 120صنفًا من الأدوية للأمراض المزمنة غير متوفرة خاصة أدوية أمراض السرطان التي تقدر بنسبة 50%".
كما أن هناك أدوية تحتاج إلى تبريد ونقل خاص كي لا تتضرر قد انعدمت بسبب اغلاق مطار صنعاء، وإن وصلت فتكون قد تأثرت صلاحيتها وجودتها بسبب النقل البري والمتأخر.
الحاضري قال لـ"العهد": "الأدوية التي تحتاج إلى التبريد الخاص وانعدمت من سوق الأدوية بسبب اغلاق مطار صنعاء هي مشتقات الدم مثل الانسولين والالبومين، والأدوية الهرمونية والمناعية، والأمصال والمثبطات، ومخثرات الدم، وأدوية الانعاش والتخدير، وبعض الأدوية المخبرية والتشخيصية وهي مشكلة عندما لا يوجد لديك محاليل تشخيصية فتعجز عن معرفة المرض هذا يعني أنك حكمت على المريض بالموت، أو يتم توصيف حالته توصيفاً خاطئاً فتتسبب في وفاته".
لقد دمر العدوان 291 منشأة صحية تدميرًا جزئيًا وكليًا. وتعاني المستشفيات والمراكز الصحية عجزًا كبيرًا يقابله ازدياد في عدد المرضى والجرحى، فقد بلغ عدد جرحى القصف المباشر لعام 2019 36 ألف جريح يضاف إليهم جرحى الجيش واللجان الشعبية الذين يقاتلون في الجبهات، ثم مرضى الأوبئة التي انتشرت في اليمن كالكوليرا وحمى الضنك والأمراض التنفسية الحادة. وقد وصل عدد حالات الإصابة والاشتباه إلى 2مليونين و326568 حالة حسب الاحصاءات الأخيرة لوزارة الصحة. كما أُغلقت مستشفياتٌ ومراكز صحية بنسبة 40% منها 7 مراكز غسيل كلوي، وهناك 97% من الأجهزة الطبية أصبحت تعمل خارج عمرها الافتراضي وقد تتوقف في أية لحظة.
الوزيرة راوح لفتت الى أن: "إحدى مريضات الغسيل الكلوي قالت لي أنا الآن اعتمد على غسلة واحدة في الأسبوع وأخاف ألا أجدها".
وأما عن دور الأمم المتحدة أمام هذه الكارثة فقالت راوح: "إحدى المواطنات تساءلت إذا وقفت عند مبنى الأمم المتحدة وقلت معاناتي هل سيسمعونني؟ فأجبتها لو وقفت ليس فقط يوما بل دهرا فهم لا يسمعون إلا مايريدون أن يسمعوه ولا يقولون إلا ما يريد من يدفع لهم أن يقولوه".