معركة أولي البأس

خاص العهد

ليبيا: الرسائل الخفية لاستقالة غسان سلامة
06/03/2020

ليبيا: الرسائل الخفية لاستقالة غسان سلامة

 روعة قاسم

خلّف خبر استقالة المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة من مهمته موجة من ردود الأفعال المتباينة في الساحة الليبية، وسط مخاوف من ان تؤدي هذه الاستقالة الى نكسة في جهود التسوية السلمية للأزمة الليبية.

فقد تباينت المواقف في الداخل الليبي بين متفهم لاستقالته ومقدر للجهود التي بذلها من أجل التسوية وبين منتقد لأدائه. ولكن الأكيد أن استقالة سلامة هي اقرار بفشل المنظومة الأممية التي يمثلها في ليبيا في تحقيق التهدئة وإنهاء الحرب المستعصية، بعد أن أدرك الرجل بأن قرار السلم والحرب في هذا البلد بات رهن الإرادات الخارجية ومصالح الدول الكبرى المؤثرة .

مسار طويل

كان سلامة شاهدًا على العديد من مباحثات السلام حول ليبيا مثل مؤتمر باليرمو وباريس وأخيرا مؤتمر برلين وكلها لم تتمكن من ايجاد العصا السحرية لحل الأزمة المستعصية. وفور مجيئه خلفا للألماني مارتن كوبلر وضع خطة للسلام تقوم على خمس مراحل تبدأ بتعديل الاتفاق السياسي الذي تمّ في مدينة الصخيرات المغربية وينتهي بإجراء استفتاء وانتخابات في سبتمبر / ايلول 2018. وفي يوليو / تموز 2019 أعاد سلامة الكرة بعد أن أثبتت الخطة السابقة المقترحة عدم جدواها، فاقترح خطة سلام جديدة تقوم على ثلاث مراحل هي هدنة عيد الأضحى، الاجتماع الدولي للدول المعنية، المؤتمر الليبي الداخلي.

ويقول المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي مصطفى الجريء لموقع "العهد" الاخباري بأن أحد أهم أسباب استقالة سلامة يعود الى قناعته بأن القوى الخارجية المؤثرة في الملف الليبي لا تزال غير متفقة على تسوية تضمن مصالحها. ويضيف "حتى في الداخل الليبي ما زال الفرقاء المحليون يراهنون على الحسم العسكري وتعطيل المساعي السياسية".

بحسب الجريء فإن "انسحاب الوفد الليبي من مفاوضات جنيف الأخيرة هو مؤشر واضح الى عدم وجود ارادة للتسوية السياسية"، موضحًا "أن هناك خشية لدى المشير خليفة حفتر من خسارة "انتصاراته العسكرية" لو جلس الى طاولة الحوار مع حكومة الوفاق. وهنا يؤكد الجريء أن التمسك بخيار الحرب لدى طرفي النزاع الليبي سواء السراج أو حفتر هو أحد أهم أسباب عرقلة التسوية.

من جهته، يعتبر أمين عام منظمة الوطن للشباب الليبي والناشط الحقوقي والسياسي الليبي خالد الغويل في حديثه لـ"العهد" الاخباري أن الأمم المتحدة فشلت في الملف الليبي وزادت من تعقيد المشهد السياسي، لافتًا الى أن هناك لعبة لإطالة أمد الأزمة من الأطراف الدولية بتغيير غسان سلامة ليحل آخر مكانه وهي لعبة تدار من مجلس الأمن ومن قبل الدول التي لديها أطماع في ليبيا.

وحول دلالات استقالة المبعوث الأممي لليبيا، يجيب "اعتقد أن استقالة غسان سلامة جاءت في وقت متأخر رغم أنه ساهم وبشكل كبير في تفاقم الأزمة، أولًا، لعدم الدراية الكاملة بالملف الليبي، وأيضا، لأنه اختصر كل لقاءاته بطرف واحد من الصراع وكل مداخلته في الإحاطة بمجلس الأمن لديها نفس الطرح. وهو لم يتطرق الى النقاط الفعلية للأزمة الليبية بما يتعلق بمن هم المسيطرون الفعليون، ومن هم وراء اطالة الأزمة من الليبيين الموجودين في المشهد والفاسدين".

ويضيف الغويل في حديثه لموقع "العهد" الاخباري "هناك تقارير رسمية تفيد بتورط هؤلاء الا أن غسان سلامة لم يتطرق اليهم وخاصة من نهبوا وسرقوا وقتلوا وهم في السلطة من الطرفين. وأيضا هناك لعبة لإطالة أمد الأزمة من الأطراف الدولية بتغيير غسان سلامة ليحل آخر مكانه وهي لعبة تدار من مجلس الأمن ومن قبل الدول التي لديها أطماع في ليبيا". واعتبر الغويل ان الأمم المتحدة فشلت في الملف الليبي بل زادت من تعقيد المشهد السياسي، موضحا أنه "منذ 2011 وحتى اليوم نلاحظ ان كل القرارات الصادرة عنها غير مدروسة بل لديها سياسة الكيل بمكيالين. ونلاحظ أن كل التدخلات الأممية على مستوى العالم غير مدروسة وفاشلة مثال ذلك العراق واليمن وسوريا وافغانستان والصحراء الغربية وغيرها. في المقابل لم نر للأمم المتحدة أي دور تجاه الكيان الصهيوني وما يقترفه من جرائم في حق شعبنا الفلسطيني ولبنان والجولان. فالأمم المتحدة دورها يسير حسب مصالح الدول المتحكمة فيها وعلى رأسها الكيان الصهيوني وبالتالي نحن لا نعول على أي دور لها".

أما عن أسباب فشل مسار التسوية، فيرى الغويل أن "مسار التسوية فشل لأن الأطراف المتصارعة اليوم لديهم أجندات خارجية وهم عملاء بامتياز. فالبعثة الأممية ركزّت على هؤلاء وهمشّت شريحة كبيرة مؤثرة أجنداتها ترتكز على سيادة الوطن، من القبائل والجماهير وحتى شريحة أطلقت على نفسها أنصار فبراير اليوم تراجعوا عندما عرفوا ان هناك مؤامرة أحيكت في دواليب الغرب بغرض تدمير الوطن ونهب ثرواته"، لافتا الى أنه "لن تكون هناك تسوية بالطريقة التي تديرها البعثة الأممية المشبوهة لأنها مفصّلة على أجندات العملاء".

دور القبائل

وفي خضم الحرب المتواصلة التي تشهدها البلاد ، يعوّل كثير من الليبيين على دور القبائل في ليبيا، من أجل تحقيق مصالحة شاملة تخرج البلاد من محنتها . والمعلوم ان هناك عددًا من المصالحات قد تمّت مؤخرا بين بعض المدن الليبية برعاية مشائخ القبائل والمدن. في هذا السياق يرى الغويل ان القبائل هي من أفشلت  كل المخططات الإمبريالية وهي تحارب اليوم للقضاء على كل من خرج عن إطار القانون وشرعية الوطن وهي تساند أبناءها لتطهير البلاد من كل المرتزقة والمأجورين والعملاء وهي الداعم الأساسي للقوى الوطنية في كل المسارات. واكد ايضا انه يمكن اليوم تحقيق حوار بنّاء وشفاف وصولا لمصالحة وطنية شاملة.  فالحوار المجتمعي قبل السياسي هو أكثر من ضرورة في هذا البلد بالنظر الى  أن المسار السياسي اليوم مشبوه ويتمّ تحريكه من الخارج عبر أدوات محلية.  وقال الغويل ان هناك ارادة ليبية لتحقيق  المصالحة الوطنية الشاملة بفضل المشائخ  والحكماء .  

الدور التركي في المعادلة الليبية

وحول الدور التركي في المعادلة الليبية يقول الناشط السياسي والحقوقي الليبي إن "حلم اردوغان بإعادة الإمبراطورية العثمانية المزعومة قد ولى عليه  الدهر، وما يقوم به من جلب للمرتزقة لليبيا ودوره المشبوه لن يمر. وهو من يعطل كل المصالح التركية في الخارج بعد بناء الاقتصاد التركي اليوم بدأ في العد التنازلي للانهيار نتيجة جنونه وتهوره وشعوره بجنون العظمة" .

أما بشأن عودة العلاقات الدبلوماسية بين ليبيا وسوريا فيشير الى "انها خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح"، موضحًا ان عودة العلاقات مع سوريا تزيد من وحدة الصف وتقف في وجه المخططات الإمبريالية التي يقودها الكيان الصهيوني لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد وتمرير صفقة القرن.

ليبيا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل