خاص العهد
الحروب غير التقليدية: أخطر عدوان على اليمن
اليمن ـ سراء جمال الشهاري
خمس سنوات طويلة من العدوان على اليمن. لم يكتف العدو بحربه التدميرية وحصاره الخانق وحسب، بل قتل أيضًا بحربٍ بيولوجية كبرى الشعب اليمني بنشر وإجراء تجارب حية واسعة لمواد سمية ومسببات أمراض فتاكة، تبين لليمنيين حتى الآن أن السرطان كان في مقدمتها.
وفق إحصائيات ودراسات تضاعفت أعداد المصابين بالأورام الخبيثة بشكل مقلق خلال سنواتِ عدوانٍ أوصلت اليمن إلى أن يكون حسب وصف الأمم المتحدة الأكثر كارثية وأزمة إنسانية في العالم.
المركز الوطني لعلاج الأورام، وهو المركز الوحيد في الجمهورية اليمنية سجل في هذه السنوات الخمس ما بين 20 ألف إلى 25 ألف حالة مترددة إليه سنويًا، وتلك الآلاف لا تشمل الكثيرين ممن لا يستطيعون الوصول إلى المركز خصوصًا مرضى المحافظات البعيدة عن العاصمة مع ما خلفه العدوان من معاناة اقتصادية وما صنعه من أزمات انعدام متكرر للمشتقات النفطية، ناهيك عن مخاطر التنقل والسفر في المحافظات الجنوبية التي تقع تحت سيطرة العدوان.
الاحصائيات التي سجلها المركز لعام 2019 ميلادي بلغت 27 ألف و666 حالة مترددة، و11 ألف مريض تم ترقيده في المركز.
وأما عدد الأطفال فوصل إلى 719 طفلاً مريضًا. وآخر الحالات المستجدة التي سجلها المركز وصلت الى 5766 .
مدير عام المركز اليمني لعلاج الأورام الدكتور عبد الله ثوابه صرَّح لموقع "العهد" الاخباري أن هناك مواطنين أصيبوا بجروح وكسور عادية جراء شظايا غارات وصواريخ العدوان وتحولت في غضون شهور إلى سرطانات في العظم.
كما أوضح أن العدوان صنع معاناة كبيرة لمرضى الأورام وأن الحصار بلغ في تعنته حد منع دخول مستلزمات وأجهزة طبية ضرورية، خاصة مستلزمات قسم العلاج بالاشعاع.
وقال ثوابه إن "قسم العلاج بالاشعاع صنفته الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكأنه منطقة خامسة وضمن التصنيف الخامس الذي يحرم اعطاؤه أي شيء له علاقة بالاشعاع".
وأفاد بأنه تم منع دخول مواد طبية بنسبة 100%، قائلاً: "هذه جريمة كبرى تتحملها دول الحصر والعدوان وتتحملها أيضًا المنظمات الدولية".
ويحوي قسم العلاج الاشعاعي في المركز ثلاثة أجهزة علاجية اثنان منهما توقفا عن العمل بسبب نضوب المصدر المشع والأخير يعمل بطاقة لا تتجاوز 38% هذا مع تزايد أعداد مرض الأورام التي تصل إلى المركز. كما تضررت بقية الخدمات العلاجية التي يقدمها المركز مع منع الحصار من دخول كثير من الأدوية والمستلزمات.
يضاف إلى ذلك كله اغلاق مطار صنعاء الدولي مما يعني منع مريض السرطان اليمني من تلقي العلاج داخل بلده أو خارجه وهذا حكم بالموت المحتم على مرضى السرطان اليمنيين. كما أوضح الدكتور ثوابه أن هناك حالات حاولت السفر عبر بعض المنافذ البرية التابعة للمحافظات الجنوبية لكنها للأسف توفيت في الطريق.
* التلوث عدوان أكبر ينتظر مستقبل اليمنيين
وجد خبراء يمنيون محاولات شتى للعدوان لتلويث البيئة في اليمن. فقد أوضح المدير العام لقسم الدراسات والبحوث لصندوق مكافحة السرطان الدكتور جمال الشهاري في حديث لموقع "العهد" الاخباري أن دول التحالف تسعى بشكل متعمد لتلويث البيئة، واكتشفت ملوثات ومخلفاتٍ طافية في مياه البحر الأحمر في الآونة الأخيرة ولأكثر من مرة. ناهيك عما كان يتم ادخاله سابقًا عبر أمراء سعوديين من مبيدات حشرية وأسمدة محرمة دوليًا واستخدمها المزارع اليمني بجهل منه، منها ما أطلق عليه عامة المزارعين اسم البودر الاسرائيلي، وهذه المواد تسبب الأورام والفشل الكلوي وتليف الكبد وأمراض القلب والجهاز العصبي، وتؤثر في الصحة الإنجابية وآثارها لا تقتصر على الانسان فحسب بل هي صنعت لتدمر البيئة والتربة.
ولطالما أدخلت لليمن مساعدات انسانية تالفة ومتعفنة، تحتوي هذه المساعدات على فطر العفن والذي يعتبر من مسببات السرطان الرئيسية.
وقال الدكتور الشهاري لـ"العهد": "هناك سموم يتعمد العدوان ادخالها وهي سموم تدخل في القمح، وتنشأ نتيجة للتعفن ولنمو فطر العفن. ينتج هذا الفطر سموم الأفلاتوكسين وهي سموم بحسب تصنيف الوكالة العالمية لأبحاث السرطان تصنف مواد مسرطنة من الدرجة الأولى"، مضيفًا "هذا يفسر اصرار برنامج الغذاء العالمي على ادخال مواد القمح والأغذية التالفة والمتعفنة إلى بلدنا".
كما طالب الدكتور عبد الله ثوابه المجتمع الدولي بتحري المواد التي يلقيها تحالف العدوان بصواريخه وقذائفه على الأحياء السكنية، فهذه المواد إلى جانب ما تخلفه من جرائم ودمار آني تترك لمستقبل اليمنيين أمراضًا خطيرة كالسرطان والفشل الكلوي.
ولكل متأمل أن يتساءل ماذا أبقى العدوان الأمريكي السعودي من وسائل الفتك وأدوات القتل لم يستعملها في اليمن؟