خاص العهد
مدارس لبنانية رسمية مهدّدة بالسقوط.. كيف يتصرّف المعنيون؟
ياسمين مصطفى
تصوير:موسى الحسيني
يتهدّد الانهيار ما يفوق المئة مبنىً مدرسيّ متصدّع في لبنان، قد تسقط على رؤوس الطلاب والكوادر التعليمية في أية لحظة، بحسب إحصائية صادرة عام 2017 عن جمعية شبكة سلامة المباني (SBA)*. اللافت أن معظم المدارس المهددة رسمية، موزّعة على مساحة لبنان، من بيروت وضواحيها مرورا بمدارس الجنوب والبقاع والشمال. هذا الواقع عكسته على مدى الأعوام الماضية حوادث عدة لسقوط أجزاء من مبانٍ مدرسية، أسفرت في أبسط الحالات عن وقوع أضرار مادية، وفي أقصاها عن وقوع ضحايا بين قتلى وجرحى. لذلك يصبح السؤال ضروريا عن الجهات الرسمية المسؤولة عن سلامة الطلاب، وتلك المعنية بإجراء المسوحات على المباني القديمة جدا لترميمها، والرقابة على المباني الحديثة، لجهة الالتزام بمعايير سلامة المباني من عدمه.
رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات أنديرا الزهيري توضح في حديثٍ لموقع "العهد" الإخباري أنه "في سياق القيام بدراسة عن الإيجارات أجرينا في الهيئة مسحا للأبنية ورأينا أن 16000 مبنى قديم مهدد بالسقوط (تخضع لقانون الإيجارات القديم) يعود إلى ما قبل عام 1985، بينها 100 مبنى مدرسي".
وعن الأسباب التي أوصلت الأبنية إلى هذا الحال، تشير الزهيري إلى تعددها، لكون أكثر من 85% من المباني في لبنان مشيدة ما قبل عام 1985، أي قبل مصادقة لبنان على اتفاقية سلامة الأبنية، وإصدار مراسيم السلامة العامة، وقبل التزامه بالمعايير العالمية في هذا الصدد، فضلا عن غياب الصيانة الدورية للمباني القديمة، وتقاعس الجهات الرسمية المعنية عن القيام بواجباتها، بدءا بالمعنيين بتطبيق القوانين مرعية الإجراء وتعديل ما أثبت عدم جدواه منها، مرورًا بالواجبات الملقاة على وزارتي الداخلية والثقافة والبلديات ووصولاً إلى نقابتي المهندسين والمقاولين.
تتطرق الزهيري في حديثها إلى القوانين المتعلقة بسلامة الأبنية القديمة جدا، لافتة إلى أنها عدا عن تعرضها للتصدع نتيجة الحروب والاشتباكات، فإن بدلات الإيجار الضئيلة فيما يخص الإيجارات القديمة لا تسمح للمالك بترميم المبنى، هذا إضافة الى تصنيف الدولة بعض المباني القديمة تراثية، ما يصعّب على أصحابها عملية ترميمها، نظرا لخضوعها لشروط معينة تفرضها وزارة الثقافة، وكلفة مادية مرتفعة، وتشير في هذا السياق إلى مبنى وقع على رؤوس ساكنيه في طرابلس منذ عدة سنوات، لتصنيفه تراثيا، وعدم قدرة أصحابه على ترميمه.
الزهيري تنتقد بشدة قانون تسوية المخالفات، وتوضح أن نقابة المهندسين اعترضت عليه بشدة حين تم إقراره، وتقول: "مع إقرار قانون تسوية المخالفات، يصبح الإهمال أمرا طبيعيا فيما يخص الأبنية المخالفة لمعايير السلامة العامة، على غرار المباني المشيدة في ضواحي بيروت وعلى طريق المطار، والتي تفتقد لأدنى معايير الحفاظ على سلامة قاطنيها والمباني المجاورة، وبدلا من الحد من المخالَفات تعمد الدولة لتسوية أوضاع المخالفين، ما يشجع على تزايد هذه الظاهرة، وبالتالي تزايد حوادث الانهيارات في المباني، انهيار مبنى فسّوح في العام 2012 وسقوط ضحايا هو مثال حي على هذا الكلام".
من الجهات المعنية والمسؤولة؟ وما المطلوب؟
المطلوب بحسب الزهيري أن يصار أولا، على الصعيد التشريعي، إلى إعادة النظر بالقوانين المتعلقة بسلامة الأبنية، وما يرتبط بها من تسوية المخالفات والقوانين التي تتعلق بالإيجارات، وإطلاق مراسيم هيئة إدارة الكوارث في المجلس النيابي، خصوصا بعد مرور 13 عاما على توقيع لبنان اتفاقية "هيوغو" العالمية، التي تفرض إنشاء تلك الهيئة. وعلى الصعيد الفني، أن يصار إلى القيام بمسوحات ميدانية والقيام على إثرها بعمليات التدعيم والترميم لما يمكن ترميمه من المباني المتصدعة، خاصة تلك التي تعود للمستشفيات والدوائر الحكومية التي تشهد اكتظاظا بشريا يوميا، والمدارس التي لا بد أن تكون في سلم الأولويات، إذ إنه يتوافد إليها يوميا مئات الطلاب.
تنتقد الزهيري وزيرة الداخلية ريا الحسن على إدارتها للملف، وتشير إلى أن الأخيرة تطبق القوانين في هذه القضايا بشكل "مبتور"، وتلفت في هذا السياق إلى طلبها من المالكين ترميم مبانيهم، دون اعتبار إلى عدم قدرتهم المادية على الدفع، مع بدلات الإيجار المنخفضة، وفي المقلب الآخر تشرّع المخالفَات، دون مراعاة لأدنى معايير سلامة الأبنية، وضرورة التزام المقاولين بالحد الأدنى من الجودة والنوعية في البناء، حفاظا على الأرواح.
وتضيف الزهيري:"لو كان لوزارة الداخلية فعلا رغبة في الحد من الانهيارات والتخفيف من الأزمة، فهناك طرق لترميم المباني بمبالغ زهيدة دون الخوض في تكلفة كبيرة، ولو كان هناك توجه لدى الدولة بوزاراتها المعنية لما وصلنا إلى أزمة مستفحلة في هذا القطاع".
الزهيري تلفت إلى طلبها موعدا من الحسن على مدى سبعة أشهر، وتشير إلى انقضاء العام دون تمكنها من مقابلة الوزيرة، لوضعها في صورة الأرقام والإحصاءات التي تدق ناقوس الخطر.
وفي الختام، توجه الزهيري نداء إلى كل المعنيين، بدءا بالوزارتين المعنيتين الثقافة والداخلية والنقابات والمديرية العامة للاثار والأوقاف الاسلامية والمسيحية والهيئة العليا للإغاثة وحتى المقاولين ومالكي المباني، لالتزام مسؤولياتهم للحد من خطر الانهيارات، والحد من الأرواح المهددة بالموت في مبانٍ آيلة للسقوط.
موقع "العهد" حصل على أسماء عينة من المدارس المهددة بالسقوط وهي التالية:
*محافظة الشمال:
معهد دوما الفني (البترون)
ابتدائية عرسال الأولى
روضة البداوي الأولى المختلطة(المنية)
متوسطة سير المختلطة
مدرسة بخعون (المنية-الضنية)
ثانوية أندريه نحاس للبنات
مدرسة لقمان للبنات
مدرسة الأرز للصبيان-أبي سمرا
مدرسة المستقبل للصبيان
مدرسة التهذيبية للصبيان
مدرسة كفرنون
مدرسة فنيدق (طربلس)
*محافظة جبل لبنان
مدرسة الرميلة
متوسطة كفرفاقود
ثانوية بتلون
متوسطة كفرحيم
عانوت المتوسطة المختلطة
ثانوية برجا
ثانوية عرمون
متوسطة الياس أبو شبكة المختلطة
*البقاع
متوسطة البقاع
متوسطة الهرمل
متوسطة نيحا
متوسطة راس بعلبك
متوسطة يونين
مدرسة عين قنيا (حاصبيا)
*النبطية
مدرسة حسن حمد غندور المتوسطة
ثانوية جبشيت
متوسطة كفررمان الثانية
مدرسة جباع الابتدائية
*مدرسة صيدا الحديثة
*مدرسة الشهيد محمد زعرور المختلطة-صريفا
*بيروت
روضة برج أبي حيدر المختلطة
مدرسة الرميل
ثانوية حوض الولاية
سلمى الصايغ للبنات
عبد الكريم الخليل
مدرسة فرن الشباك المتوسطة المختلطة
متوسطة الغبيري الثانية