خاص العهد
المستشفيات والصيدليات دون أدوية ومستلزمات طبية قريبًا!
هبة العنان
تخيلوا لو أن مريضًا جاء في حالة طارئة إلى مستشفى ما، وكان يمر بنوبة قلبية قاتلة، طالبا العلاج الفوري، ووقف الطبيب مربكا امامه، بعد ان فرغت المستشفى من الأدوات الطبية اللازمة لإجراء عملية تنقذ حياة المريض. هذا المشهد الكارثي لن يكون غريبا علينا بعد أشهر معدودة، إذ يحذر نقابيون من مرحلة خطيرة ستشهدها المستشفيات والمراكز الطبية بعد حوالي شهرين جراء احتمال انقطاع المستلزمات والأدوات الطبية في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
يُجمع النقابيون على ان الأزمة المالية والنقدية الراهنة هي المسبب الأول لما ستصل إليه المستشفيات بعد أشهر، فمع استمرار توقف منح الاعتمادات في المصارف المخصصة لاستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، تعرقلت حركة الاستيراد من الخارج، وبدأت المستودعات التي تحوي حوالي 5000 نوع من الأدوات الطبية، تفرغ تدريجيا.
مصرف لبنان لم يطبّق التعميم الخاص بتسهيلات المستشفيات المالية
وفي هذا السياق، يوضح نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان سليمان هارون ان "الأزمة بدأت بعد ان فرضت قيود مصرفية على تحويل الأموال إلى الخارج، فمستوردو الأدوات والمستلزمات الطبية غير قادرين على تحويل ثمن البضائع للشركات الأجنبية".
ويشير هارون في حديث لموقع "العهد" إلى ان "اللقاء الذي جمع وفد نقابته ونقابة مستوردي المستلزمات والأدوات الطبية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من أجل مساومتنا بالإجراءات التي تم اتخاذها بنسبة لاستيراد الأدوية، بعد أن خصصت لهم آلية معينة، لم يوصل إلى نتيجة"، مضيفا ان التعميم الذي وعدنا سلامة به لا يبصر النور، والأمور لا زالت مكانك رواح".
هارون يحذر من أن الأمور تتجه نحو الأسوأ، ويوضح أن "الأدوات والمستلزمات الموجودة في المستودعات لا تكفي إلا لحوالي 3 أشهر، خصوصا ان الشركات لم تستورد من الخارج منذ شهر أيلول /سبتمبر الماضي".
ويلفت هارون لـ"العهد" إلى أن "ما سنشهده خطير للغاية، باعتباره يهدد حياة مرضى يمرون بحالات مرضية صعبة"، وتابع ان "ثمة مستلزمات طبية أساسية كالقساطر لعمليات القلب والأدوات المخصصة لعمليات العظام وغيرها باتت مهدّدة بدورها بالانقطاع، كما بدأت فعلا المستشفيات باعتماد التقنين لتدارك تفاقم الأزمة".
مخزون مستودعات المستلزمات الطبية بدأ ينفد ولا يكفي سوى لـ3 أشهر
بدورها، تؤكد ممثلة نقابة مستوردي المستلزمات والأدوات الطبية سلمى عاصي أن الأزمة بدأت منذ شهر أيلول /سبتمبر الماضي، بعد أن فرضت القيود المصرفية على تحويل الأموال إلى الخارج"، مضيفة أن المستودعات عاجزة منذ أيلول الماضي عن ادخال اي نوع من الأدوات، في وقت لا تخزن هذه المستودعات اكثر من حاجتها لـ3 أشهر".
وتوضح عاصي في حديث لـ"العهد" ان "مخزون هذه المستوعات بدأ ينفد، خصوصا انها لا تكفي سوى لشهرين"، مضيفة ان "الخطورة الوضع تتعلق بنقص في المستلزمات ستعاني منه المستشفيات، بدءا من الضمادة (الشاش) وصولا إلى مستلزمات غرف العمليات المعقدة".
وتشير إلى ان "المستشفيات تتخذ اجراءت تقشفية في هذا السياق، إلا ان الأزمة بدأت تخرج عن السيطرة، فعمليات غسيل الكلى التي كانت تجري للمريض 3 مرات بالأسبوع، باتت تجري لمرتين فقط ما يعني ان جسم المريض يتسمم ببطء".
مخزون الأدوية لدى المستشفيات لا يكفي لأكثر من شهرين أيضًا
وجيه زايك مدير شركتي technomedical و euromed المتخصصتين باستيراد الأدوات والمستلزمات المتعلقة بغسيل الكلى، يوضح لـ"العهد" ان الشركات تعيش ازمة حقيقية، فالمخزون الموجود لدى المستشفيات لا يكفي لاكثر من شهرين، كما ان الأزمة لا تتعلق بأدوات طبية معينة بل تشمل جميع المستلزمات"، مضيفا ان " الأزمة المالية والنقدية الراهنة هي السبب الأساسي وراء ما يعيشه القطاع الصحي من تدهور".
ويقول إن "الاجتماعات التي عقدت مع حاكم مصر لبنان لم تثمر اي تعاميم أو اجراءات توقف الكارثة"، مؤكدا ان "المرحلة لا تنتظر الشهرين، يجب التحرك بأسرع وقت لتدارك تفاقم الأزمة اكثر".
لا دواء في الصيدليات والمراكز الصحية مع بداية العام الجاري
من جهته، تحدث نقيب الصيادلة غسان الأمين لـ"العهد" عن معاناة مستمرة يعيشها قطاع الأدوية، رغم الإجراءات العقيمة التي اتخذها مصرف لبنان لتسهيل تحويل الأموال واستيراد الأدوية"، مؤكدا اننا "مع بداية العام الجاري لن نجد الدواء في الصيدليات والمراكز الصحية، والمرحلة ستكون كارثية ".
ويقول انه "نظرا لحماية سعر الدواء والرقابة عليه، فإن الصيدليات غير قادرة على رفع الأسعار، كما ان وكلاء الأدوية ملتزمون بشراء الأدوية من الخارج بناء على السعر الرسمي لصرف الليرة اللبنانية"، داعيا "المصارف للتحرك من أجل وضع الآلية التي وعدنا بها حاكم مصرف لبنان، من اجل تسهيل استيراد الأدوية".
ويحذر الأمين من ان "انقطاع الدواء سيؤدي إلى حالة من الفوضى في هذا القطاع، إذ سينتشر الدواء المهرب أو المزور، ما سيهدد حياة الناس"، موضحا ان "مخزون المستودعات بدأ ينفد تريجيا، خصوصا ان الأزمة بدأت منذ شهر أيلول الماضي".