خاص العهد
الى أين وصلت المشاورات والاتصالات في الملف الحكومي؟
فاطمة سلامة
حين تسأل المتابعين لشؤون الحكومة عن أحوال تشكيلها، يأتيك الجواب مغلّفاً بالحذر. هناك حركة اتصالات ومشاورات "مكوكية" على أكثر من صعيد. فحوى تلك الحركة تشي بشيء من الايجابية من شأنه أن يمهّد لتحديد موعد للاستشارات النيابية لاحقاً. إلا أنّ التجارب اللبنانية أثبتت أنّ الذهاب بعيداً في التفاؤل و"الجزم" يبدو أمراً غير واقعي، في بلد اعتاد على دخول الشياطين في التفاصيل في الربع الساعة الأخير. الحديث مع الأوساط المختلفة يدفعك الى القول: هناك إيجابية حذرة وترقب لما تحمله حصيلة المشاورات، إلا اننا لا نستطيع القول "فول ليصير بالمكيول". فكيف يمكن اختصار المشهد الحكومي اليوم؟
مصادر رفيعة متابعة للاتصالات التي تحصل على الساحة الحكومية تشدّد لموقع "العهد" الإخباري أنّ لا شيء جديداً طرأ اليوم على صعيد الاتصالات. تختصر المصادر الطروحات التي يجري تداولها اليوم في صيغتين: " "التكنو ـ سياسية" ـ و"التكنوقراط". الأخيرة مرفوضة من قبل كتل سياسية كبرى تطالب بتطعيمها سياسياً، ما يجعل حظوظ السير بها "سيئة جداً". رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري يتمسّك ـ وفق المصادرـ بتلك الصيغة، ما جعل النقاش ـ وفق المصادر ـ يتمحور حول خيارات جديدة تحظى برضى كافة الأطراف بمن فيهم الحريري سواء رأس الحكومة أم لم يرأسها.
وتعزو المصادر المشكلة الأساسية في حكومة "التكنوقراط" في عدم الاجابة عن سؤال أساسي: من يسمي هؤلاء الوزراء في هذا النوع من الحكومات؟ هنا تبرز ـ بالنسبة للمصادرـ وجهتا نظر، أولى تقول بأن تسمي الاحزاب السياسية الوزراء "التكنوقراطيين" كتجربة وزير الصحة جميل جبق، بمعنى أن تدار الحكومة سياسياً، وثانية بأن يصار الى تسميتهم على اعتبار أنهم معروفون في لبنان ويحملون صفة الاختصاصيين تلقائياً. وتوضح المصادر أنّ رئيس تكتل لبنان "القوي" الوزير جبران باسيل أبلغ الحريري أنّ الأطراف يفضلون حكومة "تكنوـ سياسية"، والأخير طلب مزيداً من الوقت لدرس الموضوع.
لا تنكر المصادر أن الأجواء الحكومية قد تكون كل ساعة في شأن، فهذا الأمر بات مألوفا في لبنان، وتاريخ تشكيل الحكومات يشهد على ذلك. بالأمس مثلاً كان الجو أكثر إيجابية من اليوم وكنا أقرب الى الاستشارات، إلا ان التفاصيل تعود لتأخذ وقتاً إضافياً، ما يدفعنا الى التشديد على ضرورة عدم الذهاب بعيداً في التفاؤل. ورغم ذلك، توضح المصادر أنّ فتح قنوات الحوار بين الحريري بمن يمثّل وباسيل بمن يمثّل شكّل صدمة إيجابية يمكن البناء عليها، وكانت سببا أساسياً في إشاعة الأجواء الايجابية. وتلفت المصادر الى أنّ الرئيس عون يُشدّد على ضرورة النقاش والحوار بشكل متلازم بين خطي التكليف والتأليف. وفق قناعاته، لا يجوز تكرار تجربة التسعة أشهر في حكومة تصريف الأعمال، وبناء على ذلك يُشدد الرئيس على ضرورة تسهيل عملية التأليف، وحسم شكل الحكومة قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية.
مصادر أخرى متابعة للشأن الحكومي، تبتسم لدى سؤالها عن تدخلات خارجية سواء في الملف الحكومي أو في ملف الشارع، تقول "فلتراجعوا مقابلة نشرت في صحيفة "الأخبار" مع السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين والتي قال فيها إن واشنطن تحضّر لفوضى في لبنان. وبالفعل هذا ما حصل". وفي هذا السياق، توضح المصادر أن العماد عون ومنذ البداية كان مؤيداً لكل ما يُرفع في الساحات من مطالب محقة، وأبدى ذلك في الرسائل التي ألقاها، حيث قارب قضية التظاهرات بإيجابية ودعا الحراك الى الحوار. وفي المقابل لطالما ميّز بين حرية الساحات وحرية التنقل.
تتوقّف المصادر عند حركة الطلاب الاحتجاجية، لافتة الى أنها موضع متابعة من قبل الرئيس عون الذي يشدد على ضرورة درس المطالب التي يرفعها الطلاب لكنّ الخوف الأساسي يكمن في "اندساس" عناصر غريبة تحرف المسارات الى أهداف أخرى.
مصادر السراي الحكومي توضح في حديثها لموقع "العهد" أن التكتم في بيت الوسط سيد الموقف، وتكتفي بالاشارة الى أنّ بعض ما يتم تداوله في وسائل الاعلام غير دقيق.
لا أحد ينكر أن القطار الحكومي انطلق مع صورة اللقاء الأول الذي عقد بين باسيل والحريري في بيت الوسط، إلا أنّ لا أحد يملك كلمة الحسم بشأن تحديد موعد الاستشارات النيابية، بانتظار ما تحمله مشاورات ولقاءات الساعات المقبلة.