معركة أولي البأس

خاص العهد

فضل الله لـ
26/10/2019

فضل الله لـ"العهد": حزب الله سيكون الرقيب والمراقب لتنفيذ الورقة الإصلاحية 

فاطمة سلامة

لطالما شكّل الواقع المعيشي والاقتصادي هاجساً لدى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله. مراجعة سريعة لمختلف الخطابات التي ألقاها تُثبت أنّ سماحته لم يتخلّ يوماً عن هذه الأولوية. بالنسبة اليه، فإنّ حق الناس في الحياة الكريمة "مقدّس". يتحدّث مقربون منه عن الدقة التي يتابع بها كل شاردة وواردة تتعلّق بالملف الاقتصادي والمعيشي. ويشيرون الى أنّ السيد نصر الله كان حازماً وحريصاً طوال عامين على عدم فرض أي ضريبة على الفقراء وذوي الدخل المحدود. ففي كل السيناريوهات التي وضعت كتصورات للموازنة، كان سماحته يتوقّف ملياً عند هذه النقطة لتفادي حدوثها.

لذلك، حين أطلّ السيد نصر الله أمس الجمعة ووصف الورقة الإصلاحية بالخطوة المتقدمة جداً، تحدّث -كالعادة- من منطلق العارف والعالم بتفاصيل الأمور. لم يُطلق سماحته هذه العبارات بهدف تهدئة الحراك المطلبي. السيد لم يعتد أن يبيع الناس سمكاً في البحر، بل تحدّث من موقع القائد الحريص على مصالح شعبه، ومن منطلق المتابع لمختلف النقاشات التي جرت على الساحة الاقتصادية. فما انتُزع من هذه القوى السياسية اليوم، كان في مرحلة من المراحل حلماً صعب التحقُّق. من يطّلع على أجواء الاجتماعات التي رافقت إقرار موازنة عام 2019، والتي استغرقت حوالى العشرين جلسة حكومية، يع جيداً أنّ الورقة الإصلاحية ورغم أنها لا تلبي كافة الطموحات، لكنها خطوة "نوعية" يشهدها لبنان لأول مرة. خطوة أصبحت بموجبها الضرائب على الفقراء "محرّمة" بعد أن كانت الأسهل، وخطوة اضطرت بموجبها المصارف للمساهمة في الانقاذ بعد أن كان ذلك "محرّماً". 

رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله الذي شارك في الاجتماعات التي عقدها رئيس الحكومة سعد الحريري لمناقشة الورقة الإصلاحية، والذي شارك في المشاورات الاقتصادية التي عقدت في قصر بعبدا، يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن أهمية الورقة الإصلاحية، فيشير الى أنّ أهم ما فيها يتمثّل بتحميل المصارف هذا الجزء من كلفة خدمة الدين العام، وهذا يتطابق مع ما كان ينادي به حزب الله في الفترة الماضية والذي كان محل نقاش مع القوى السياسية في الدولة قبيل الحراك الشعبي، إلا أننا لم نكن نجد إزاءه آذانا صاغية. وفق فضل الله، اختلف الأمر بعد الأزمة إذ أصبح هناك تحول واقتنعت القوى السياسية بضرورة إشراك المصارف في هذه الكلفة، وجاءت الرزمة ممتازة 5100 مليار ليرة. وهنا يلفت الى نقطة مهمة رداً على الأصوات المشكّكة بمساهمة المصارف التجارية  بأن الاتفاق ينص على أن تتحمّل المصارف التجارية اللبنانية الثمن بمشاركة المصرف المركزي. 

ماذا يعني أن نقر موازنة بعجز يقارب الصفر بالمئة(0.63)؟، يجيب فضل الله على هذا السؤال بالإشارة الى أنّنا ولأول مرة نتمكّن من وضع موازنة بعجز يقارب الصفر، والأهم في هذه العملية أنّ تخفيض العجز لم يتم من خلال النفقات التي تحرك الدورة الاقتصادية، بل من خلال وقف الهدر في النفقات الجارية والخدمات الاستهلاكية، ومن خلال خفض ما يسمى انفاقا استثماريا وهو ليس انفاقا استثماريا بل هو انفاق هدري داخل الموازنة، ومن خلال زيادة الايرادات من المؤسسات العامة والشركات التابعة للدولة، وهذا سيتم تحويله شهرياً الى الخزينة كي لا يتم التلاعب بالموازنات. ويوضح فضل الله أن بعض المؤسسات ألغيت، لكن المجالس "جمّدت" فلا نستطيع الغاءها الا بعد دراسة، والأهم -وفق المتحدّث- أن أي انفاق يجب أنّ يتم من خلال مجلس الوزراء، بمعنى أن صلاحية أي انفاق جديد يجب أن تؤخذ عبر الحكومة عكس ما كان سائداً، ومن هنا فإن بعض الهدر أصبح متعذرا. لذلك فإنّ تخفيض العجز  لم يكن من خلال تخفيض نفقات مجدية بل من خلال خفض نفقات غير مجدية وتلحق ضرراً بالخزينة ولا تؤدي الى تحسين الدورة الاقتصادية. 

ورداً على سؤال حول إمكانية تطبيق الورقة كما هي، يقول فضل الله: "طبعاً هناك امكانية، ويجب أن لا ننسى نقطة مهمة، في الايرادات اليوم لا ضرائب جديدة ولا محسومات تقاعدية ولدينا سلة كبيرة من القوانين التي كانت تسير في تمهل وتباطؤ بسبب العقبات. اليوم ستسير تلك القوانين المهمة كقانون المناقصات العمومية والشفاقية ورفع السرية المصرفية واستعادة الاموال المنهوبة، ونحن بصدد أن نطرح ما يتعلق بالاثراء غير المشروع". برأي فضل الله، فإنّ هناك قوانين كبيرة جداً وُضعت سابقاً لكن كان هناك تمهل في البحث بها ومقاربتها. اليوم نضغط بشدة، خصوصاً أنّ الدولة ولأول مرة تضع مهلاً زمنية لنفسها. لا ينكر فضل الله أنّ هناك نقصا في الثقة بهذه الدولة  بسبب فشل الحكومات السابقة، رغم أن بعض الأطراف تقوم بجهدها بكل ثقة ومسؤولية، إلا أنّ استرجاع تلك الثقة سيتم -وفق فضل الله- من خلال تنفيذ الورقة الاصلاحية. 

ويلفت فضل الله الى أنّ ما طرح في الورقة من إشراك القطاع الخاص ببعض القطاعات بما فيها الخليوي والشركات او المؤسسات التابعة للدولة والتي تقدم خدمات عادية، من المفترض أن لا يثير المخاوف. فهذه المرافق والشركات ستبقى غالبية ملكيتها للدولة ، وحزب الله سيدفع باتجاه ذلك. وهنا يوضح فضل الله أنّ آلية إشراك القطاع الخاص لم يُتفق عليها بعد وستناقش بالتفصيل داخل مجلس الوزراء، ولدينا تصوراتنا في هذا الصدد، إذ نفضّل أن يكون الجمهور شريكا بهذه المؤسسات من خلال طرح أسهم للاكتتاب وهذا باب من أبواب الاستثمار. ويُشدّد فضل الله على أنّ إشراك القطاع الخاص لا ينبغي أن يمس حقوق الدولة ودورها في الاشراف والرقابة، ولا ينبغي أن يكون الا في ظروف مؤاتية لكي يكون مردودها ايجابياً للدولة.

وفي الختام، يشير فضل الله الى أن وجود طرف كحزب الله في الحكومة بالاضافة الى مخلصين داخل الادارة العامة سيجعل هناك امكانية كبيرة لتطبيق هذه الورقة، وسنكون الرقيب والمراقب كالرأي العام لتنفيذها بالمواعيد اللازمة وبالطريقة الصحيحة.
 

الورقة الاصلاحية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل