معركة أولي البأس

خاص العهد

آخر مغامرات الشعبية الافتراضية بتاريخ
25/10/2019

آخر مغامرات الشعبية الافتراضية بتاريخ "سلطوي"

فاطمة سلامة
حين أطلّ رئيس حزب "القوات" اللبنانية سمير جعجع مساء الجمعة معلناً استقالة وزرائه من الحكومة، لم يُصدّق اللبنانيون ما يسمعونه. الآن تذكّر جعجع أن يترك الحكومة بحجّة "وجع" الناس!.
أين كان وجع الناس عندما شارك في الحكومات السابقة، لا بل عرقل التشكيل في الكثير من المرات لأجل حقيبة هنا ومطلب هناك؟!.
من يسمع جعجع يظن لبرهة أنّ "القوات" لم تُشارك مطلقاً في أي حكومة سابقة. جرّبت الحكومة الحالية، فوجدتها خارج الآمال والتوقعات، فقرّرت الانسحاب منها.

وللتذكير، فإنّ ساكن معراب الذي يشكو اليوم من هذه الطبقة السياسية، هو نفسه من شاركها الجلسات الوزارية في حكومات 2005، 2008، 2009، 2016، و2019. لا بل إنّ مطلعين على أجواء الجلسات، يقولون لو قدّر للمحاضر الوزارية أن تُكشف لفهم الرأي العام جيداً أنّ جعجع لم يكن يوماً في صفّ الفقراء كما يدّعي، بل إنّ المعيار الذي قارب به مختلف البنود لا يخرج عن مصالح حزبه السياسية. يكفي أن نستحضر في هذا الصدد ما قاله وزير الاتصالات محمد شقير "بعظمة لسانه" بأنّ الوزير القواتي غسان حاصباني هو صاحب فكرة الضريبة على الواتساب انطلاقاً من خبرته في المجال التكنولوجي، شارحاً الموارد المالية التي تتأمن من خلال الرسم الجديد. يكفي أن نستحضر ذلك لنعلم أنّ كل ما يقوم به جعج لركوب موجة الحراك ما هو إلا "مسرحية" لتنفيذ غايات وأهداف سياسية. من جهة يدّعي وقوفه الى جانب الانتفاضة الشعبية التي خرجت بعد ضريبة الواتساب القشة التي قصمت ظهر البعير، ومن جهة أخرى يتبيّن أنّ صاحب تلك الفكرة وزير جعجع في الحكومة!!. فماذا يريد جعجع من خطوة الاستقالة وركوب موجة الحراك؟.

المحلل السياسي وسيم بزي يلفت في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أنّ رئيس حزب "القوات" اللبنانية يخوض في هذه اللحظة آخر مغامراته الافتراضية. مغامرة فيها نوع من "الشمشونية" أي على قاعدة "عليّ وعلى أعدائي". يربط بزي هذا الكلام بمجموعة أسباب، بعضها اقليمي، ويلخصّها بالآتي:

ـ يدرك جعجع أنّ خياراته الاقليمية على المستوى السعودي والخليجي في حالة تراجع وانهيار، سواء ربطاً بالمواجهة مع إيران مؤخراً أو بالمواجهة داخل اليمن وموازين القوى التي فرضتها، إضافة الى صدمة عدم رغبة أميركا في خوض مواجهة هناك وترك حلفاء جعجع الخليجيين لمصيرهم.

ـ فشل الرهان على انكسار سوريا التي بدأت تتعافى وقد رأينا الرئيس السوري بشار الأسد ويحيط به جيشه، وهو يطلق رسائل قوية يتحدى فيها تركيا كقوة اقليمية كبرى وينذر باقتراب معركة ادلب.

وهنا يشير بزي الى أنّ سمير جعجع يراهن على استثمار الحراك المطلبي الشعبي العفوي الذي تتحمّل مسؤوليته الحكومة الحالية ومعظم المسؤولين فيها. برأي بزي فإنّ جعجع واحداً من أكبر المراهنين والعاملين على قلب وجهة هذا الحراك وظيفياً لعدة أسباب محلية:

ـ يريد الانتقام من رئيس الحكومة سعد الحريري وقد بدأ العمل على ذلك منذ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، عندما "حشا" قلب السعودية حقداً عليه ليُعتقل بالشكل الذي اعتقل فيه، وذلك لتحقيق أحد أهم الأهداف الآن وهو إخراج الحريري من التسوية الرئاسية.

ـ القضاء على هاجس وزير الخارجية جبران باسيل ومحاولة إعدامه سياسيا تحت عنوان هذا الحراك. فباسيل يشكّل أكثر حالة جدية منظّمة عابرة للجغرافيا اللبنانية وتشكّل نديّة مع جعجع في الصراع على الساحة المسيحية.

ـ رغم الفرق التنظيمي الكبير بين "القوات" و"التيار الوطني الحر" وقدرة الضبط والتعبئة، يبقى باسيل حليف لقوة محلية اقليمية تجعله "عقبة كأداء" أمام مشروع جعجع  للاستثمار في الساحة المسيحية وتالياً تحقيق حلمه السرمدي بالوصول الى الرئاسة الأولى.

لذلك فإنّ سمير جعجع في استقالته المدروسة يُخرج الباطن المضمر المتواري ليصبح معلناً. برأي بزي فإنّ من يتابع مسار الأمور على مدى الأشهر يعرف حقيقة النوايا المبيتة لدى جعجع بـ"حرق" الحريري، عبر وضع المزيد من الحطب على النار وركوب موجة الحراك، وهذا بطبيعة الحال جزء عضوي من المؤامرة الكبرى.

ويُشير بزي الى أنّ حزب "القوات" يسعى بقوة لاستغلال الحراك والامساك بساحته، وبدء تظهير الأهداف السياسية المتسترة خلف وجع الناس. ومن هنا فإنّ المعركة بالنسبة لجعجع هي معركة حياة أو موت لأنّه يخوضها وهو يقف على حافة الهاوية، وخسارتها تعني سقوطه الى الهاوية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد