آراء وتحليلات
هيئة تحرير الشام وحراس الدين والاجندة الامريكية
محمد محمود مرتضى
"أبو عمر التونسي" و"أبو ذر المصري" و"أبو يحيى الجزائري"، و"أبو دجانة التونسي". هذه بعض اسماء قيادات قتلوا في غارة للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في عملياتها في سوريا، ضد تنظيم "حراس الدين" الممثل الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا.
وبحسب المعلومات، فإن الغارة جاءت نتيجة معلومات استخبارية وصلت الى التحالف عن اجتماع يعقد لقيادات في التنظيم. ومن الواضح، من خلال اسماء القتلى، حجم الاعتماد على العناصر الاجنبية. وقد كان متوقعا ان يحصل نوع من محاولة الاستقطاب للعناصر الاجنبية التي كانت تعمل مع داعش، من قبل تنظيمات عدة.
ويبدو أن نجاح الغارة سيسلط الضوء على الخلافات التي تعصف بالتنظيم الوليد على خلفية الموقف من "هيئة تحرير الشام" بقيادة الجولاني من جهة، وخلاف آخر يرتبط بقرار المشاركة الى جانب فصائل ما يُعرف بـ"الجيش الحر" في معاركه ضد ما يسمى "الجيش السوري الوطني".
كانت أولى تبعات الخلاف في تنظيم حراس الدين رفض كل من "أبو ذر المصري" و"أبو يحيى الجزائري" قرار المشاركة في معارك ريف حماة وريف حلب إلى جانب فصائل ما يسمى بـ"الجيش الحر" المدعوم من تركيا؛ الأمر الذي دفع "أبو همام الشامي"، زعيم التنظيم، لإصدار قرار بفصلهما، إلا أن القياديين رفضا قرار الفصل بوصفه قرارًا غير صادر عن القضاء الداخلي.
قرار القياديين وموقفهما أيده أكثر من ثلاثماية شخصية في "حراس الدين"، وطالبوا بالرجوع إلى القضاء لحل النزاع حول حل اللجنة الشرعية في الفصيل، وفصل شرعيين منه.
هذا الخلاف دفع ما يُعرف بـ"قاضي الحدود والتعزيزات" في التنظيم "أبو عمر التونسي"، إلى جلسة بين الجانبين لفض النزاع، لكن "أبو الهمام الشامي" ومعه "سامي العريدي" القيادي الآخر (كان ينتمي لجبهة النصرة) رفضا الأمر، وهذا الدعم دفع بالشامي الى التصعيد عبر اصدار قرار يقضي بفصل "أبو عمرو التونسي" أيضًا.
هذه الخلافات لم تنحصر في أروقة التنظيم بل ظهرت الى العلن خاصة وسائل التواصل الاجتماعي. فقد نشر التونسي تسجيلًا صوتيًّا عبر "التليجرام" تهجم فيه على الشامي والعريدي، معتبرا أن عدم امتثالهما للقضاء هو عين الظلم والمحاباة، موضحا أن قرار فصل الشرعيين من القيادة هو قرار غير نافذ بالنسبة له، ما لم يصادق عليه القضاء.
جاءت غارة التحالف الدولي بعد ايام قليلة من هذا النزاع، وقد استهدفت ما يعرف بالتيار المتشدد داخل التنظيم.
ولد تنظيم حراس الدين، بعد قيام هيئة تحرير الشام بفك ارتباطها بشكل دراماتيكي مع تنظيم القاعدة. وكانت المعلومات قد ذكرت أن تأسيس التنظيم جاء برغبة من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وقد اشرف على تأسيسه حمزة بن لادن ابن مؤسس التنظيم اسامة بن لادن في شهر شباط من العام 2018، ويتركز نشاطه العسكري في الناحية الغربية من محافظة إدلب، وصولًا إلى الريف الشمالي للاذقية. وكانت أبرز الفصائل التي تشكل منها هي: "جيش الملاحم"، و"جيش الساحل"، و"جيش البادية"، و"سرية كابل"، و"جند الشريعة".
هذا الدعم الامريكي الواضح لهيئة تحرير الشام عبر تصفية منافسيه يمكن ارجاعه الى عاملين:
الاول: الرغبة الامريكية الشديدة في "تصدير" الجهاديين الاجانب" للعمل في ساحات أخرى. وما يؤكد هذا الامر، اضافة للمعلومات، أن جبهة النصرة رغم تصنيفها امريكيا على أنها ارهابية الا أنها لم تتعرض الا لغارة واحدة ووحيدة استهدفت تجمعا لشرعيي الجبهة في احد المساجد في ادلب كان يضم في أغلبيته شخصيات أجنبية (غير سورية).
الثاني: أن هيئة تحرير الشام ومنذ انفصالها عن تنظيم القاعدة وهي تعمل على سورنة هيئتها، وقد شهدت جملة من الانشقاقات لشخصيات مصرية واردنية وتونسية، اضافة الى حملة عمليات تصفية واغتيال طالت هذا النوع من الشخصيات في ادلب وارياف حلب.
وعلى أي حال، لن تكون هذه الغارة هي الغارة الاخيرة طالما ان تنظيم حراس الدين يعتمد بشكل اساسي على استقطاب العناصر الاجنبية وابقائها في سوريا طالما أن ذلك يتعارض مع خارطة الطريق التي وضعها الامريكي لنقل هذه العناصر الى ساحات جديدة للقتال والتخريب والتدمير وزراعة الفوضى.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
07/11/2024
كم ستنبت الأرض منك!
07/11/2024