آراء وتحليلات
ماذا اكتشف العدو في المواجهة الأخيرة مع حزب الله؟ قراءة عسكرية ميدانية
بمعزل عن الجدل البيزنطي داخلياً في لبنان أو إقليمياً أو دولياً، حيث يرى كل خصوم حزب الله (والأمر على عكس ذلك فعلياً) أنه لم ينتصر في المواجهة الأخيرة ضد العدو الإسرائيلي، وأن الأخير استطاع أن يدمر بنية حزب الله بنسبة كبيرة، وأن بنود وقيود اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، لن تسمح لحزب الله بإعادة تكوين هذه البنية على المدى المنظور، يبقى المعيار الأساسي الصحيح لتصويب هذا الجدال، موقف العدو الإسرائيلي الفعلي والحقيقي من هذا الأمر، وكيف يرى فرقاء الكيان من سياسيين وعسكريين ومستوطنين، نتيجة هذه المواجهة ومن انتصر فيها، الكيان أو حزب الله؟
بداية، يمكن أن نستنتج من الصراخ الواسع داخل الكيان، من المعارضة أو الموالاة، الصقور أو الحمائم ــ مع أن جميعهم عملياً هم متشددون، حيث أغلبهم يعتبرون أن التسوية جاءت لمصلحة حزب الله ــ أن "إسرائيل" انهزمت، وتبرير ذلك بنظرهم، هو فشلها في تحقيق أهدافها من الحرب على لبنان وعلى حزب الله أولاً، وثانياً هو تكبُّدها خسائر في أرواح جنود جيشها ومصابيه بنسبة فاقت ما كان متوقعاً أو منتظراً، أو ما كانت تخسره تاريخياً في كل حروبها العدوانية في المنطقة.
أيضاً، من الارتباك والخوف الذي يعيشه حالياً جنود العدو الذين ما زالوا يحتلون بعض المواقع داخل لبنان، أو الذين ما زالوا في مواقعهم الحدودية أو حتى أولئك الذين في عمق فلسطين المحتلة، يمكن أن نستنتج أنهم يعيشون جو الهزيمة بالكامل، وجنوح المحتلين منهم المرتبكين والخائفين نحو تنفيذ مروحة واسعة من الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، هو بسبب هاجس اقتراب عناصر حزب الله منهم، بعد دخولهم مع الأهالي العائدين إلى بلداتهم، الأمر الذي يؤشر أيضاً إلى قناعة لدى جنود العدو بأن المقاومة ما زالت تملك يداً قوية في جنوب الليطاني وبإنها ما زالت تملك إمكانية واسعة في التأثير العسكري في وحدات العدو في تلك المنطقة، وفي جنوبها داخل فلسطين المحتلة.
هذا في البعد المستنتج من موقف ونظرة العدو الإسرائيلي لحقيقة نتيجة المواجهة الأخيرة مع حزب الله، إنما يبقى الأهم والأكثر إيلاماً للعدو من كل ذلك، هو ما اكتشفته وحداته وقياداته خلال هذه المواجهة الأخيرة، والذي يمكن تلخيصه بالآتي:
- لقد اكتشف العدو أن المقاومة في لبنان لا تتأثر بضغط التدمير والمجازر والاغتيالات، بل ذلك كله يزيدها ثباتاً وقوة ومناعة وإصراراً على المواجهة، وأن هذه الضغوط من التدمير والمجازر والتي كلها تخالف وتتجاوز القوانين الدولية وقانون الحرب، تشكل حافزاً ودافعاً لحزب الله لمواصلة القتال والمقاومة بشكل أكثر شراسة وإيلاماً.
- ثانياً، لقد اكتشف العدو بعد هذه المواجهة، أن بيئة المقاومة أيضاً، مع ضغوط التدمير والمجازر والاغتيالات والنزوح الواسع، تزداد صلابة ومناعة وتعلقاً بالمقاومة أكثر وأكثر، وتزيد من دعمها أكثر وأكثر، ولتصبح مناعة هذه البيئة ودعمها للمقاومة، سلاحاً فاعلاً بيد الأخيرة، يضاف ذلك إلى أسلحتها وقدراتها القتالية.
- أخيراً، من المؤكد أن العدو اكتشف في هذه المواجهة، أن حزب الله، وخاصة في العمليات الدفاعية، يقاتل بطريقة غير مألوفة وخارجة عن كل مدارس القتال التقليدية، وأن كل المناورات التي تدرب عليها جنود العدو، وفي مناطق مشابهة لمناطق انتشار وقتال حزب الله، لم يكن لها أي جدوى عملياتية، وأن حزب الله يطور عقيدته القتالية بطريقة غير نمطية، لا يمكن اكتشافها وفهمها، إلا بعد حصول المواجهة معه، وحيث يكون قد فات الأوان.
حزب اللهالمقاومةالجيش الاسرائيلي
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024