آراء وتحليلات
الجزائر.. نحو "التونسة"
تونس ـ روعة قاسم
يكاد ما يحصل في الجزائر اليوم يكون نسخة طبق الأصل لما حصل في تونس خلال الأشهر الأولى لرحيل زين العابدين بن علي عن سدة الحكم، فقد تم تطبيق الدستور واضطلع رئيس البرلمان بمهام رئيس الجمهورية. وتم الإنطلاق بسرعة في القبض على رموز النظام السابق و المنتفعين و المتمعشين ومن تطالهم شبهات الفساد لعرضهم على القضاء العسكري الذي سطع نجمه في تلك المرحلة وما زال، كما أن الشارع الثائر بقي يضغط من أجل رحيل المنظومة القديمة برمتها بما في ذلك الرئيس المؤقت، سواء فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب الأسبق في تونس أو عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة في الجزائر. ولم تقبل الجماهير الغاضبة بمتطلبات المراحل الإنتقالية من خلط بين القديم والجديد للحفاظ على الدولة واستمراريتها، ويتوقع أن تكون هناك مطالبات مستمرة برحيل أطراف فاعلة في مختلف أجهزة الدولة.
المجلس التأسيسي
وعلى غرار ما حصل في تونس، تطالب أطراف جزائرية بإلغاء العمل بالدستور والمؤسسات المنبثقة عنه وتنظيم انتخابات لاختيار أعضاء المجلس التأسيسي الذي يتولى إدارة البلاد إلى حين التفرغ من كتابة دستور جديد تبنى على أساسه مؤسسات جديدة. وفعلا فقد برزت أصوات سياسية وإعلامية تتحدث عن جمهورية ثانية أسوة بالجارة التونسية الشرقية التي تفصل بينها وبين الجزائر حدود وهمية من صنع الإستعمار لا وجود لها في كتب التاريخ ولا عرفها الجغرافيون القدامى..
وبالتالي فإن سيناريو "التونسة" بالنسبة للحالة الجزائرية يبدو الأقرب للتحقق بالنظر لطبيعة الشعبين المتشابهة التواقة للحرية من جهة والرصينة الراغبة في الحفاظ على الممتلكات والمكاسب من جهة أخرى و غير الراغبة في الإنسياق وراء الفتن والحروب الأهلية. ويبدو الإقتصاد الجزائري أكثر قدرة على الصمود من نظيره التونسي لما يتوفر عليه البلد من ثروات طبيعية هائلة، إذ يكفي أن ترتفع أسعار المحروقات في السوق العالمية حتى ينتعش الإقتصاد الجزائري و يصبح قادرا على مواجهة الأزمات.
تجربة مريرة
ولعل ما يضمن عدم انسياق الجزائريين إلى مربع العنف هو التجربة المريرة التي عاشها الجزائريون في تسعينيات القرن العشرين في حقبة عرفت باسم العشرية السوداء ذاق فيها الشعب الويلات واعتقد خلالها أن البلد يسير نحو المجهول. فالعنف الذي ميز بلد المليون شهيد في تلك الحقبة يجعل الجزائريين يتجنبون تكرار حصوله قدر المستطاع ويجعل مستوى الوعي يتطور لديهم وخطر الإنزلاق نحو المخاطر يتقلص.
وقد برز هذا بالخصوص في سلمية المظاهرات التي دفعت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى عدم الترشح للإنتخابات القادمة وتقديم استقالته. ففي الجزائر أيضا جيش عتيد قادر على حماية البلد وضمان استمرار الدولة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
28/11/2024
شواهد من يوم النصر الأعظم
28/11/2024