معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

غزّة ترسّخ هزيمة العدو.. بين رفح والشجاعيّة
02/07/2024

غزّة ترسّخ هزيمة العدو.. بين رفح والشجاعيّة

ممّا لا شكّ فيه أن من يتابع اليوم الحرب في غزّة، وتحديدًا في رفح جنوبًا والشجاعية شمالًا، لا يمكن إلا أن يتصوّر أن الحرب ما تزال في بداياتها، وليست تلك الحرب التي نشبت منذ تسعة أشهر تقريبًا. وفيما يشكّل شرق رفح، حيث ما تزال تدور المواجهات بالقرب من مستوطنات غلاف القطاع، الميدان الأقرب إلى قواعد إطلاق العدوّ معركته جنوبًا، بين صوفا وبين موقع كرم أبو سالم، تشكّل الشجاعية المنطقة الأقرب جغرافيًا إلى قواعد إطلاق العدوّ معركته شمالًا.

المراقبون على الضفتين رأوا بأنّ خطوط معركة وحدات العدوّ في مهاجمة غزّة وفي إدارة عمليات الهجوم والتقدم والتوغلات، لم تكن بمستوى كافٍ لتحقيق الانتصار المتمثل بتحقيق الأهداف المحددة لهذه الحرب المجنونة. بعض هؤلاء يرى أنّ سبب هذا الإخفاق يعود إلى فشل وحدات أركان العدوّ في وضع الخطة الأنجع، في وقت رأى البعض الآخر أن أداء المقاومة المميز في المواجهة هو الذي سبّب هذا الفشل الإسرائيلي، معطوفًا على التأثيرات الحاسمة لجبهات الإسناد في دعم المقاومة الفلسطينية.

انطلاقًا من أن المعارك ما تزال طاحنة في المنطقتين الأقرب جغرافيًا إلى قواعد إطلاق العدوّ هجومَه، في شرق الشجاعية أو في شرق رفح، ومن الإجماع بأنّ استراتيجية العدوّ في تنظيم مناورات هجومه على غزّة لم تكن ناجحة للانتصار، ولم تكن مناسبة لتحقيق الأهداف، بالإضافة إلى أنّ مناورة المقاومة وحلفائها على جبهات الإسناد كانت حاسمة لإلحاق الهزيمة بجيش العدو، فكيف يمكن مقاربة العقدة العسكرية والميدانية التي تعيشها وحدات العدو؟ وبالتالي، كيف يمكن أن تكون تداعيات وتأثيرات الإخفاق المستمر في معركته، وتحديدًا في رفح وفي الشجاعية على هذه النتيجة الخائبة بالنسبة إليه؟

بعد تسعة أشهر من الحرب على غزّة، مرّت مناورة المقاومة الفلسطينية في عدة مستويات. نجحت في بداياتها في مواجهات، وترنّحت أو خسرت في بعضها. كان للأسلوب الجامد في الدفاع، في بعض المواقع، دور أساسي في خسارة المقاومة فيها، وكانت الخسارة في حدها الأقصى، طبعًا من الناحية العسكرية فقط محصورة في استشهاد بعض عناصر المقاومة، ما مكّن بعض وحدات المهام الخاصة العدوّة الدخول إلى بعض الأنفاق وتدميرها.

هذه المناورة الدفاعية الجامدة من المقاومة الفلسطينية، في أوّل الحرب، تخلّت عنها اليوم مستعيضة عنها بمناورة دفاع متحرك، عمادها العمليات المركبة، تقوم على ترك العدوّ يتقدّم للسيطرة على شارع معيّن أو على تجمّع معيّن من عدة أبنية، واستدراجه إلى بقعة قتل، بعد تحضير عملية استهداف، في رمرحلة أولى، بعبوة أو بقاذف أو برشقات رشاشة، لتكون المرحلة الثانية هي الأساس في العملية المركبة، من خلال استهداف مجموعة إخلاء العناصر العدوّة المصابة بالمرحلة الأولى، بتفجير المكان بعبوات أرضية محضّرة مسبقًا أو بتفجير المكان بعبوة مفخخة، ولتكون النتيجة قاتلة لعناصر العدو.

مع هذه الدوامة التي يعيشها العدوّ اليوم في قطاع غزّة، وتحديدًا في رفح وفي الشجاعية، لم يعد بالإمكان عمليًّا الخروج منها إلا بالإنسحاب الكامل والابتعاد عن بقع الموت التي حضّرتها عناصر المقاومة عبر تكتيك العمليات المركبة، وحيث لا إمكان لمواجهة هذا التكتيك طالما بقي هناك عدد معيّن ولو بسيط جدًّا من الأنفاق، وطالما بقي الحد الأدنى من المتفجرات ولو المصنعة محليًا، وطالما بقي العدد الكافي من عناصر المقاومة يقاتلون، ولديهم جميعًا دم ينبض ويقاوم، فإنّ العدوّ خاسر لا محال.

 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات