معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

تصفير أزمات في البحرين فهل يُنجز وليّ العهد المَهمّة؟
22/06/2024

تصفير أزمات في البحرين فهل يُنجز وليّ العهد المَهمّة؟

المياه التي كانت راكدة بين البحرين وإيران تتحرّك اليوم. قد تكون مراجعةٌ حقيقيةٌ أقدم عليها الملك حمد بن عيسى، أو ربّما خلط أوراق، أو يقظةٌ وسط كلّ التحوّلات الإقليمية سرّعها "طوفان الأقصى"، وما سبقه من تقارب سعودي إيراني. الأهمّ في مشهد أصغر الدول الخليجية، الحلحلة التي وُضعت على السكّة. أحدثُ حلقاتها، معالجة ملفّ التجنيس والتدرّج في إطلاق المُعتقلين السياسيين.

تُخيّم على البحرين أجواءٌ من الإيجابية، كانت قد بدأت مع العفو الملكي الخاص الذي صدر في نيسان/أبريل 2024، ثمّ التودّد العلني الذي بادر الملك إلى التعبير عنه تجاه إيران في زيارته لروسيا في أيار/مايو الماضي. سياسة تصفير المشاكل في المنطقة ربّما قد تكون أحد دوافع حاكم البحرين، وربّما أيضًا يسلك طريق السعودية ليصل إلى هذا الهدف. من بوابة عودة العلاقات مع إيران إلى سابق عهدها، يسعى حمد بن عيسى آل خليفة إلى "تنفيس" الساحة الداخلية بعدما أُثقلت بالكثير من المشاكل والهموم سياسيًا وحقوقيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

13 عامًا بلغ عمر الأزمة الوطنية. ثمّة من يرى أن سنوات الاحتقان والفجوة التي وُلدت بين الدولة والشعب اقتربت من الانفراج، مع تواتر الحديث عن حلحلة وشيكة. لأجل ذلك، اختار الملك أن ينطلق من العلاقات مع إيران. مقاربة آخر ملفّات الخليج العالقة من الزاوية الأقرب إلى الشعب: إيران. لكن ماذا في الحسابات؟ ماذا سيقُدّم لإثبات حسن النوايا؟

ما على الملك القيام به..

المؤشرات تجزم بأن الملك محكوم بجُملة خطوات أمام الجمهورية الإسلامية، لتبريد الأجواء معها ومع الشعب في آنٍ، بعدما سيقت لها الاتهامات بدعم الحراك الشعبي السلمي عام 2011، الذي تفجّر من أجل الوصول إلى مطالب سياسية وحقوقية ومعيشية. ومن الواضح أن الأزمة الداخلية والحوار الذي كان متوقّفًا مع إيران يرتبطان بمسار موازٍ.
 
كي يقتنع الإيرانيون بنوايا الملك، لا بدّ من مقدّمات من شأنها أن تسرّع عودة العلاقات، وهو ما بدأ بالفعل:

  • الملك يكثّف المواقف الإيجابية تجاه طهران، والحكومة أيضًا.
  • النظام يأمر أقلامه في الصحافة بالتوقّف عن الحملات المُضادّة للجمهورية الإسلامية، كما ورد في مقاليْ سوسن الشاعر في صحيفة الوطن (بتاريخ 16 آذار/مارس 2024) وأنور عبد الرحمن في صحيفة أخبار الخليج (بتاريخ 10 نيسان/أبريل 2024) ووصفهما ما يجري من حراك بالفرصة.

داخليًا، يذهب الملك إلى التهدئة بناءً على التالي:

  • إطلاق عجلة تبييض السجون
  • إنهاء كلّ الملفّات الحقوقية للمُبعدين ومسحوبي الجنسية
  • إيقاف الحملات الأمنية
  • إرجاع المفصولين إلى أعمالهم
  • إلغاء كلّ القوانين التي صدرت بعد عام 2011 على أُسُسِ ترتبط بالأحداث كالعزل السياسي
  • والأهمّ بدء ورشة الإصلاح السياسي الشامل والدستوري والتشريعي وتصحيح السلطة التنفيذية والقضائية والمنظومة الأمنية.


التجنيس السياسي.. الكرة في ملعب وليّ العهد

على الأرض، يعمل النظام على السير بخطوات توصل إلى حلّ حتّى الآن لم تتّضح معالمه كاملة، لكنّ المعلومات تتحدّث عن أن نهاية العام الجاري ستكون إيجابية، مع إطلاق المزيد من المُعتقلين السياسيين، وبينهم رموزٌ للمعارضة.

وليس بعيدًا، ملفّ التجنيس السياسي الذي لطالما بُحّت أصوات المواطنين محذرين من عواقبه الوخيمة على أبناء البلد، والذي شهد تطوّرًا مع إعلان وزير الداخلية راشد بن عبد الله عن تشكيل لجنة لمراجعة جميع حالات اكتساب الجنسية البحرينية اعتبارًا من عام 2010 للتأكد من صحة البيانات والمستندات التي تم على أساسها نيل الجنسية البحرينية لاتّخاذ ما يلزم بهذا الشأن.

هناك رأي يقول إن ما صدر عن وزير الداخلية لم يكن ليحصل لولا صدور إيعاز ملكي بالدرجة الأولى، لكنّ المعضلة تكمن في الشخص الذي يتقدّم لحلّ الملفّ، راشد بن عبد الله، فهو متّهم بالمسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة الوطنية المستمرة منذ 20 عامًا، وما ترتّب بعدها من تداعيات أثّرت على الشعب مباشرة.

بناءً عليه، ثمّة نصيحة من أهل البلد يُعبّر عنها الكثيرون، ومنها جمعية "الوفاق"، بأن يتولّى ولي العهد البحريني سلمان بن حمد بنفسه مسؤولية الإشراف على معالجة هذه المشكلة، بصفته رئيس أعلى سلطة تنفيذية، أي الحكومة، فهو القادر على ذلك وليس من هو في دائرة الاتهام والمتورّط في تجنيس نحو 120 ألف غريب عن البلد، أي راشد بن عبد الله.

بسهولة يستطيع الملك الإيعاز بذلك، فهو تعهّد عام 2010 بوضوح بتقييد التجنيس، وقال حرفيًا أمام البرلمان حينها "لقد أثبتت الممارسة في مجال التجنيس أنه من غير المعقول أن ينتمي إنسان إلى بوتقة الهوية الوطنية البحرينية التي نعتزّ بها جميعًا إلّا إذا كان مُتشبّعًا بالروح الوطنية البحرينية العالية طبعًا وأخلاقًا وسلوكًا".

قناعة الملك أن الخليج ذاهب إلى تسوية كلّ الخلافات. ولهذا، تحرّك مواكبةً لما يجري حوله. إيران أكثر الدول التي من شأن حلّ الخلاف معها أن ينعكس انفراجًا في الداخل، فيعود الطيران والتبادل الاقتصادي والعمل المشترك بين المنامة وطهران. هل يحصل ذلك حقًا؟ وهل يُكتب للعام 2024 أن يكون ختام أعوام الأزمات الداخلية والخارجية للبحرين؟

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات