آراء وتحليلات
معركة أدلب والمفاوضات المأزومة
محمد محمود مرتضى
تتواتر الانباء عن مفاوضات تجري بين كلٍّ من روسيا وتركيا ؛ تهدف للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في محافظة "إدلب" وعلى جبهة شمال غربي حماة في سوريا وذلك بعد عشرة أيام من الحملة العسكرية التي اطلقها الجيش العربي السوري في المنطقة؛ بعد سلسلة من التجاوزات التي قامت بها الجماعات المسلحة لمناطق خفض التصعيد والمنطقة المنزوعة السلاح.
والواقع ان هجوم الجيش السوري لم يكن مفاجئاً، بقدر ما كان متوقعاً. فمنذ توقيع الاتفاق حول المنطقة المنزوعة السلاح تقوم جبهة النصرة بالإخلال بالاتفاق الذي اعلنت انها تعارضه، فضلا عن قيامها بتصفية جماعات مسلحة في محافظة ادلب ما جعل المحافظة برمتها تحت سيطرتها فيما تقوم تركيا، الضامن في الاتفاق، بدور المتفرج دون أن تحرك ساكناً.
استطاع الجيش السوري خلال عملياته من استعادة السيطرة على مناطق حساسة شمال غرب حماة اهمها مدينة كفرنبودة وقلعة المضيق، واقترب من خان شيخون التي قد تكون هدفا مقبلا ما لم يتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار.
من الواضح ان العملية العسكرية ليس شاملة، ولا تهدف لإعادة السيطرة على محافظة ادلب كما قد توهم البعض، اذ لا يخفى ان استعادة السيطرة على المحافظة ستترك خلفها مفاعيل كبيرة يصعب على الافرقاء تحملها، من هنا فان ملف ادلب الارجح انه يحتاج الى عملية سياسية لا عسكرية، الا ان طبيعة الاطراف الفاعلة في المنطقة تجعل هذا الحل السياسي مستعصيا دون ضغط عسكري، لا سيما وان تركيا لا تفي بالتزاماتها في الاتفاقات التي تعقد. وما لم يشعر التركي ان الملف قد يذهب الى الحل العسكري، فان الاستعداد للذهاب الى حل سياسي يبدو بعيدا.
ومهما يكن من أمر، فقد قال أبو صبحي النحاس، رئيس المكتب السياسي لما يعرف بـ"الجبهة الوطنية للتحرير"، إن مفاوضات تدور بين الروس والأتراك؛ للتوصل إلى وقف إطلاق نار في إدلب.
وبحسب النحاس، فإن الفصائل المسلحة في المحافظة تقف مع الجانب التركي، بشأن وقف إطلاق النار مع خروج قوات الجيش السوري من جميع المناطق التي نجح في السيطرة عليها.
وعلى فرض التوصل الى وقف لإطلاق النار فمن المقطوع به ان الجيش السوري ليس في وارد الانسحاب من المناطق التي اعاد السيطرة عليها، فان خطوة كهذه لم تشهدها الساحة السورية طوال فترة الحرب على سوريا، فضلا عن انها ستشجع الفصائل على الاستمرار في خرق الاتفاقات طالما ان عملية عسكرية ردعية ستنتهي بالعودة الى النقاط السابقة التي كان عليها الطرفان.
وبحسب المعلومات فان التركي يتعنت في المفاوضات ويصر على انسحاب الجيش السوري من المناطق التي استعاد السيطرة عليها، بل تشير بعض المعلومات ايضا انها يطالب بتراجع عن الخطوط التي كانت سابقا لتوسعة المناطق المنزوعة السلاح، الا أن الجيش السوري يرفض ذلك رفضاً قاطعا متمسكا بالمعطيات التي حصلت سابقا من قيام الجماعات المسلحة بشن هجمات على نقاط للجيش السوري على مرأى من نقاط المراقبة التركية التي ليس فقط لا تمنع تلك الهجمات بل تغطيها سياسيا ايضاً.
من الواضح ان الجبهة الشمالية السورية لن تشهد الاستقرار، طالما ان تركيا تلعب لعبة مزدوجة، مراهنة على التطورات الاقليمية التي تجعلها حاجة لكل من روسيا وايران. ففي الوقت الذي تصنف روسيا جبهة النصرة على انها ارهابية، فان تركيا لا تمتنع عن تصفية الجبهة وحسب، بل تسمح لها بتصفية مجموعات اخرى لتؤمن لها فاعلية ميدانية تراهن على قبولها مستقبلا في العملية السياسية.
الى اليوم تبدو جبهة النصرة خيارا تركيا بامتياز، ولا يبدو انها في وارد الاستغناء عنها، الا اذا كان ضغط الميدان سيجعلها تخسر ورقة تفاوضية، وعندها، فان المصلحة التركية فوق كل "جبهة" أو "هيئة".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024