معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

من يُطمئن الجنوبيين من غدر "إسرائيل"؟
11/02/2024

من يُطمئن الجنوبيين من غدر "إسرائيل"؟

خليل نصر الله

منذ ما قبل النكبة عام 1948 والجنوب اللبناني عرضة للهجمات البربرية الإسرائيلية. لم تمنع هدنة عام 1949 العدوان، كونها أتت من موقع ضعف وتسليم بأفضلية الأمن لمصلحة المستوطنين في فلسطين المحتلّة، تحديدًا شماله.

تاريخ من الحروب العدوانية، ومن مطامع الإسرائيليين في أرض لبنان ومياهه وثرواته، وهم الذين نفذوا اجتياحين عام 1978 وعام 1982، مستغلين ظروفًا محلية وإقليمية ودولية، كانت تميل لمصلحة توسعهم، تحت حجج ضرب المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

حتّى بعد التحرير عام 2000، وما سبقه من مسار قاوم فيه اللبنانيون لتحرير أرضهم، بقي لبنان عرضة للعدوان، وهو ما تجلى عام 2006، مع استغلال الكيان عملية أسر جنود لتحرير أسرى لبنانيين وشن حرب واسعة بهدف القضاء على المقاومة وبالتالي العودة إلى احتلال أجزاء واسعة من الجنوب تحت عنوان "أمن الشمال"، وهو ما فشل بفضل صمود اللبنانيين رغم الدمار الذي حل في بلدهم.

مع عملية طوفان الأقصى، أكتوبر عام 2023، وفتح جبهة الجنوب إسنادًا للمقاومة الفلسطينية، عمل الأميركيون على محاولة وأدها ترغيبًا وتهديدًا دون النجاح في ذلك. ومع دخول الحرب شهرها الخامس، ثمة هدف واحد في الكيان هو تحقيق أمن المستوطنين في الشمال، ويتحدثون عن مسارين، إما عبر الدبلوماسية أو الحرب.

تتكفل واشنطن بلعب دور الوساطة، في حين تؤكد المقاومة أن لا حديث قبل وقف الحرب في غزّة.

ما ينقله الأميركيون والأوروبيون لا يتطرّق إلى أمن أهالي جنوب لبنان. لم يتحدث أحد من الموفدين عن هذا الأمر، في موقف يجسد حجم التحيز للكيان الإسرائيلي ومستوطنيه.

يتخطّى هؤلاء كامل المخاطر الإسرائيلية التي تحدق بلبنان وشعبه، ويضعونها في إطار ما يسمونه حق الدفاع عن النفس بالنسبة للإسرائيليين، دون الاعتراف بحق اللبنانيين عامة والجنوبيين خاصة بحق رد العدوان عن قراهم وناسهم.

في الجنوب، لسنا بحاحة إلى سؤال الناس، فهم يعبرون صراحة عن تمسكها بسلاحها ومقاومتها، كعنصر أمن وأمان مجرب طيلة عقود من الزمن، وتعزز ذلك ما بعد عدوان عام 2006 مع فرض المقاومة معادلة تحمي الجنوب ولبنان من العدوان. وعليه فإن موقف المقاومة نابع من شرعية شعبية تحدث عن نفسها عند كلّ استحقاق.

وبالتالي، إن ما يجب أن يوضع في وجه الموفدين هو إثارة أمن الجنوبيين من غدر إسرائيلي في أي وقت وزمان، وهو ما يجب أن يشكّل مادة مواجهة لما يحاول الغربيون تمريره في لبنان لمصلحة الكيان الإسرائيلي.
إن أمن الجنوبيين فوق كلّ اعتبار، ولا أمن دون الاحتفاظ بالسلاح والتموضع عند آخر نقطة حدودية.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات