معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

الاستخبارات الامريكية والارهاب وتجارة المخدرات
19/04/2019

الاستخبارات الامريكية والارهاب وتجارة المخدرات

محمد محمود مرتضى
رغم الصعود والهبوط اللذين يشهدهما نشاط الحركات الارهابية في مناطق عدة في العالم، الا أن أفريقيا باتت مركزا أساسيا للعديد من هذه التنظيمات التي، بطبيعة الحال، تبحث بشكل حثيث عن البيئة المناسبة لتمركزها ونشاطاتها. وقد شكلت الظروف المحيطة بالقارة السمراء دافعا رئيسيا لها، وساعد غياب الأمن وضعف القيادة السياسية في أفريقيا، على جعل هذه البلاد مقصدا لتلك التنظيمات التي تسعى لبسط النفوذ.

صحيح أن هذه التنظيمات شهدت نجاحات واخفاقات في افريقيا، ورغم الثروات المختلفة التي تتمتع بها القارة، لكن هذه الجماعات ارتأت جعل الإتجار بالمخدرات وتجارة البشر من أهم استراتيجياتها في تمويل نفسها، معتمدة على التدفقات المالية الناتجة عن الإتجار غير المشروع بالمخدرات، ما جعل القارة السمراء سوقا كبيرا لمختلف الممنوعات.

وتعتبر منطقة غرب أفريقيا من أهم مناطق عبور الكوكايين والهيروين والمخدرات الاصطناعية، وكذلك منطقة لإنتاج الحشيش مما يعرضها لكثير من المخاطر الاجتماعية، فضلا عن أنه يضغط على العملية السياسية ويقوض ثقة الشعب بالقانون.

وفي إطار سعي هذه الجماعات إلى النطاق الجغرافي الذي يحقق الفوائد، حصلت أفريقيا على الجزء الأكبر من وجود هذه الجماعات؛ حيث نشأ فيها اربع وستون منظمة وجماعة إرهابية، ينتشر أغلبها من أقصى الساحل الأفريقي غربا إلى أقصى الساحل الأفريقي شرقا.

وقد ساهم في تنامي هذه الظاهرة عدد من  العوامل أهمها الفقر، وسوء استغلال الموارد.

فعلى سبيل المثال، يحتوي غرب أفريقيا على 32% من إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي في القارة، إضافة إلى تعاظم ظاهرة الانقلابات العسكرية وعمليات التطهير العرقي، ما أدى الى انعدام الأمن، وزيادة في معدلات الجريمة المنظمة، يضاف اليها انتشار الأفكار المتطرفة كـ "جماعة بوكو حرام" و "جيش الرب للمقاومة في شمال غرب أوغندا".

ان المتتبع للإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي يجده انطلق أولًا من الجزائر في العام 1991، لينتقل بعدها إلى السودان ثم ليعود مجدداً إلى جنوب الجزائر ومنطقة الساحل والتي أصبحت اليوم من أكبر البؤر التي تؤوي "الجهاديين" في أفريقيا. كما شهدت بعض بلدان غرب أفريقيا، كالنيجر ونيجيريا ومالي وموريتانيا، تصعيدا قادته الجماعات الإرهابية كـ"بوكو حرام" وجماعة التوحيد والجهاد؛ فضلا عن أنشطة حركة الدعوة والجهاد في غرب أفريقيا (MUJAO)، وأنصار الدين في شمال مالي.

وبالعودة الى الاتجار بالمخدرات، تعتبر منطقة غرب أفريقيا معبرا رئيسياً لتهريب الكوكايين من أمريكا الجنوبية وصولا إلى أوروبا. وتعتبر غينيا نقطة رئيسة في عمليات إعادة الشحن؛ حيث تستخدمها عصابات المخدرات في أمريكا الجنوبية لتمرير كميات كبيرة من الكوكايين إلى أوروبا. دون أن ننسى ان الكثير من هذه التجارة تشرف عليها برامج سرية تابعة للاستخبارات المركزية لتمويل عملياتها.

كما ان ثمة عمليات مكثفة تديرها الاستخبارات الاميركية عن طريق ما يسمى "الطريق الجنوبي" من أفغانستان وباكستان لإدخال المخدرات ونشرها في ايران التي اشتبكت أكثر من مرة مع هذه العصابات.

وتستفيد الجماعات الإرهابية من هذا الطرق سواء عبر الاستفادة المباشرة من عمليات الترويج، او الاستفادة غير المباشرة والتي تأتيها من الاستخبارات الاميركية كدعم مالي غير مصرح عنه تكتسبه من هذه التجارة.

وفيما تتهم واشنطن العديد من حركات المقاومة بالإتجار بالممنوعات لشيطنتها، تعمد هي الى ادارة اكبر عمليات تجارة للمخدرات في العالم، تخوضها من افغانستان واميركا اللاتينية.

لا شك أن التحديات التي تنتظر بعض الدول الافريقية كثيرة وكبيرة، الا أنه من الضروري الالتفات الى عدم الركون الى الوعود الامريكية على وجه الخصوص، لان مكافحة الاتجار بالمخدرات في المنطقة هي من الضروريات التي ينبغي النظر اليها ضمن سياق مكافحة الارهاب، لان المطلوب، لنجاح هذه الحرب على الارهاب، ان تحارب هذه الدول على جميع الجبهات، ومنها مكافحة المخدرات.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل