معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

هايلي تنافس ترامب.. المعركة تحتدم
26/04/2023

هايلي تنافس ترامب.. المعركة تحتدم

ترجمة - وإعداد: عبير بسّام

أطلق كل من جو بايدن وكامالا هاريس البارحة، الثلاثاء، حملتهما الانتخابية 2024. وفي وقت أُعلِن فيه المرشح الديمقراطي بشكل نهائي ما زال الجمهوريون منقسمين ما بين دونالد ترامب ورون دو سانتيس ونيكي هايلي وآخرين. وقد أعلنت هايلي في الرابع عشر من شباط/ فبراير الماضي، وهي حاكمة سابقة لولاية كارولينا الجنوبية وسفيرة للولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة في عهد دونالد ترامب، ترشحها للرئاسة الأميركية كنائبة عن الحزب الجمهوري، للانتخابات الرئاسية الأميركية 2024، كتبت "ناشونال ريفيو" مقالاً تعريفياً عنها، وتمت ترجمة المقال بتصرف:
 
أعلنت هايلي ترشحها عبر فيديو على "تويتر" مدته أربع دقائق، وخلال وجودها في بامبرغ/ كارولينا الجنوبية، البلدة التي عاشت فيها طفولتها، قالت إن ترشحها يرتكز على المبادئ التأسيسية للولايات المتحدة، ودعت إلى التغيير في سياسة البلاد، وقدمت نفسها كنوع جديد من القادة الذين لن يتحملوا المتنمرين، مؤكدة أن الوقت حان "لترشيح جيل جديد". اذا نجحت هايلي ستكون أول رئيسة سيدة شابة. مضى شهران على الفيديو الذي نشرته، ولكن العودة إليه مهمة مع التغييرات التي تطرأ على العقلية الأميركية والتي ابتدأت مع اقتراح نائبة للرئيس الأميركي عندما ترشح الجمهوري جون ماكين في مواجهة باراك أوباما. صحيح أن اقتراح سارة بالين، حاكمة ألاسكا كان كارثيًا، فهي لم تتصف بالحنكة والذكاء كما هايلي، وقد تسببت بجهلها السياسي خسارة ماكين، ولكنها مثلت خطوة متقدمة بالنسبة للجمهوريين.

نامراتا راندهاوا أو نيكي هايلي من أصول هندية. هي من مواليد كانون الثاني/ يناير، العام 1971، وتنتمي للحزب الجمهوري. مثلت مقاطعة ليكسينغتون في كارولينا الجنوبية في مجلس النواب في العام 2010 قبل أن تصبح محافظة للولاية في العام 2011. متزوجة من مايكل هايلي ومنه أخذت كنيتها، وهذا الأمر تسبب بانتقادات كبيرة لها، وقيل انها تتنكر لأصلها الهندي حين اعتمدت اسم نيكي، الذي كان يناديها به أهلها وأصدقاؤها كتصغير لاسمها الهندي، واسم زوجها، هايلي عند ترشيح نفسها. واليوم عندما تتقدم هايلي للترشح للرئاسة فإنها بذلك تعد منافسة لرئيسها السابق دونالد ترامب الذي خدمت خلال فترة رئاسته في الأمم المتحدة. وحين أخبرت هايلي ترامب عن نيتها الترشح، قال لها: "عليكِ أن تفعلي ما يمليه عليك قلبك".

ومع ذلك، تؤمن هايلي أنه بإمكان الجيل الجديد اليوم التقدم للانتخابات الرئاسية دون الحاجة للانتظار ليصبحوا طاعنين في السن. وقد وجهت انتقادات لرئيسها السابق الذي يبلغ 76 من العمر، وللرئيس الحالي الثمانيني جو بايدن، وطالبت بإجراء اختبارات عقلية لكل منهما للتأكد من كفاءتهما.

في اليوم التالي لأعمال الشغب في 6 كانون الثاني/يناير، والتي باتت نقطة بارزة يستند إليها السياسيون الأميركيون عند الحديث عن سلطة الدولة أو لتوجيه الانتقادات والاتهامات لترامب، قالت في خطاب لها: "إن أفعاله [ترامب] منذ يوم الانتخابات سيحكم عليها التاريخ بقسوة". هجوم سجلت عبره اعتراضات كبرى على مسيرة الرئيس الذي خدمت تحت قيادته لأربع سنوات. ولكن يبدو أن هايلي وغيرها لم يستطيعوا حتى اليوم تغيير مزاج الناخبين الجمهوريين، فقد أظهرت استطلاعات الرأي المبكرة في كارولينا الجنوبية تقدم ترامب بفارق جيد عن الانتخابات التمهيدية في العام 2016، ويبدو أن تأييد ترامب يسير بنفس الزخم في انتخابات 2024 وهو مؤشر على أن معركة هايلي شاقة في عقر دارها، اذ أظهر استطلاع رأي جديد في ساوث كارولينا، وبحسب بي بي سي، أن ترامب يأتي في المركز الأول بنسبة 43%، فيما تأتي هايلي في المركز الرابع بنسبة 12%.

وفي الفيديو الذي نشرته على "تويتر"، أشارت هايلي إلى بداية نشأتها، وتحدثت عن العنصرية التي عاشتها بلدتها وتمايزت عائلتها فيها. اذ توزع قسما البلدة على طرفي سكة الحديد، قسم للسود وقسم للبيض. ولكنهم في العائلة كانوا مختلفين، فهم لم ينتموا لأي من المجموعتين العرقيتين.

تقول هايلي: "ينظر البعض إلى ماضينا على أنه دليل على المبادئ التأسيسية السيئة، التي قامت عليها أمريكا. ويقولون إن الوعد بالحرية قد اختلق للتو. ويعتقد البعض أن أفكارنا ليست خاطئة فحسب، بل عنصرية وشريرة، وهو أمر لا يمكن إنكاره". ولكن تبرر هايلي هذا الشر الذي ظهر في السادس من كانون الثاني وما قبله في مقتل جورج فلويد بمقارنته بما قالت انها رأته من الشر الحقيقي في مجازر أو في جرائم قتل في دول أخرى، وتعقب على ذلك: "حتى في أسوأ أيامنا، نحن محظوظون بالعيش في أمريكا".
ومن خلال الكلام يتضح أن أي مرشح أمريكي لن يُقدّر له مواجهة الواقع العنصري في أمريكا، وخاصة إذا لم يكن ينتمي للعرق الأبيض، فهو غير مخوّل بالحديث بصدق عن ذلك. اذ تتابع، أنه عندما جاء الشر إلى المدينة، (مشيرة إلى إطلاق النار الجماعي في العام 2015 من قبل شخص متعصب للبيض، هو ديلان روف، في كنيسة تاريخية للسود في تشارلستون) "ابتعدنا عن الخوف ولجأنا إلى الله، وإلى القيم التي لا تزال تجعل بلدنا أكثر حرية والأعظم في العالم. ويجب أن نتجه إلى هناك مرة أخرى". وتتابع "لقد حان الوقت لجيل جديد من القيادة لإعادة اكتشاف المسؤولية المالية، وتأمين حدودنا، وتعزيز بلدنا". أي أن هايلي حددت فعليًا أهداف حملتها الانتخابية، وهي بشكل أو بآخر تتناسب وما طرحه ويطرحه ترامب بصيغة مختصرة وعلى الطريقة الأميركية: "لنجعل امريكا عظيمة مرة أخرى".

بالعودة إلى الفيديو الذي ركز على اعتزاز هايلي بانتمائها لولاية ساوث كارولينا، حيث ولدت وترعرعت وصعدت سلم السياسية بقوة، تقول فيه: "لقد رأيت أفضل ما في بلادنا"، مضيفة أنه خلال فترة ولايتها أصبحت ساوث كارولينا وجهة للأمريكيين الذين يسعون إلى بداية جديدة. لأنه وبصفتها حاكمة، دافعت عن علم الكونفدرالية بعد هجوم الكنيسة الذي قتل تسعة من أبناء الأبرشية وحثت هايلي المدّعين العامين على متابعة عقوبة الإعدام ضد مطلق النار. وكأن هايلي تقف ضد جميع القوانين الجديدة التي يحاول الديمقراطيون فرضها كإنهاء قوانين حكم الإعدام، وعارضت تشريعًاً تم تقديمه في مجلس الشيوخ يقضي بأن يستخدم المتحولون جنسيًا المراحيض التي تتوافق مع "جنسهم"، واعتبرته غير ضروري.

هناك قائمة طويلة من المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية الأميركية بين أعضاء الحزب الجمهوري، بحسب "رويترز"، ومنهم إضافة إلى من ذكرنا مايك بنس نائب ترامب، والسناتور تيم سكوت من كارولينا الجنوبية، وحاكم نيو هامبشاير كريس سونونو، وحاكم أركنساس السابق آسا هاتشينسون، إضافة إلى آخرين، مما يعني ذلك أن الجمهوريين يبحثون عن بديل ترامب ولكن المشكلة أن استفتاء نشرت نتائجه "رويترز" يظهر ترامب الأفضل حظاً بين المرشحين الجمهوريين بل ويتفوق عليهم مجتمعين.

يبدو أن أننا سنشهد سيركًا انتخابيًا جمهوريًا عجائبيًا في العام 2024 في الولايات المتحدة لم يسبق إليه أحد.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات