آراء وتحليلات
تحديات تطبيق برنامج إصلاحي للخروج من الأزمة الاقتصادية السياسية المفتعلة في لبنـان
د. عدنان يعقوب – باحث في الشؤون الاقتصادية والإدارية والتربوية
انطلقت في لبنان في التسعينيات سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الرامية إلى تحديث الاقتصاد، وذلك بالانفتاح على باقي دول العالم وبزيادة الاعتماد على قوى السوق وتوسيع دور القطاع الخاص حيث شكّل القطاع المصرفي ركيزة للاقتصاد اللبناني، وتمكّن من جذب الودائع ورؤوس الأموال، سواء من المستثمرين العرب أو المغتربين الذي رأوا في مصارف بلدهم ملاذاً آمناً لجنى عمرهم، (بلغت قيمة الودائع الإجمالية أكثر من 175 مليار دولار قبل بدء الأزمة عام 2019) وبلغت رؤوس أموال المصارف 21.626 مليار دولار (في نهاية عام 2019) حسب إحصاءات جمعية المصارف.
ولكن ما نتج عن هذه السياسات كان العكس! حيث تم تحوّيل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد ريعي منخفض الإنتاجية وبمعدلات نمو متدنية، وذلك عبر توجيه التسليفات إلى الاستثمار في الأوراق المالية (سندات الخزينة ذات فوائد مرتفعة وصلت أكثر من 40% في التسعينيات)، بدل القطاعات الاقتصادية المنتجة (الصناعة والزراعة) في ظل انخفاض التسليفات للقطاع الخاص من 59 مليار دولار نهاية 2018 إلى 29,2 مليار دولار في بداية كانون الثاني 2022 (أي تراجع بنسبة 50%)، وتخطت نسبة البطالة 35 % في العام 2019.
وانخفضت قيمة إجمالي الناتـج المحلي للبنـان مــن حوالي 55 مليــار دولار عـام 2018 إلـى مـا يقـدر بنحـو 22 مليـار دولار عام 2021، وانخفض نصيـب الفـرد مـن إجمالي الناتج المحلي بنحو 60% مـن حيـث القيمـة الدولارية. علمًـا بــأن هــذا الانكماش الشديد يصاحبه في العادة صراعات أو حـروب.
حدثت كل هذه المتغيرات في ظل توقع تراجع معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 3.5 % في عام 2023 الى 2.7 %في عام 2024. ويعزى التباطؤ الذي تشهده المنطقة بصفة أساسية إلى تراجع الطفرة التي حققتها البلدان المصدّرة للنفط، حيث من المتوقع أن يتراجع النمو الى 6.1% عام 2022 إلى 3.3 % عام 2023، وإلى 3.2 % عام 2024.
أما التنبؤات بشأن لبنان فأظهرت نموًا سلبيًا ( - 21.4%) في عام 2020 يليه ( -7%) عام 2021 ثم وصل إلى (-5.4%) عام 2022، أما بعد عام 2022 فالتوقعات مستبعدة بسبب ارتفاع درجة عدم الیقین في ظل المخاطر المحدقة وتشديد الأوضاع المالية، وتفاقم التوتر الاجتماعي، وعدم الاستقرار السياسي، والتي تسلط جمیعها الضوء على احتمال حدوث المزيد من حالات الانكماش الاقتصادي والتفاوت الاجتماعي وزيادة معدلات الفقر.
كل ذلك حدث في ظل تواطؤ ممثلي القطاعين العام والخاص على المستويين الكلي والجزئي لضمان استحواذهم على الموارد وما واكبه من ضغط ومخطط سياسي دفع بالوضع الاقتصادي نحو الهاوية والمصير المجهول، وربط مصير الشباب اللبناني، وتحديدًا أصحاب الكفاءة والاختصاص بالهجرة الدائمة، التي ازدادت أرقامها بشكل مخيف، مخلفة وراءها المزيد من الضعف في الأداء الاقتصادي، وحرمان المجتمع اللبناني من الرأسمال البشري القادر على تغيير النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية البالية.
كذلك حدث كل ذلك في ظل الاقتصــاد السياسـي وما صاحبه من تدفقات ضخمة مـن الودائـع مولـدًا امتيـازات عامة وخاصــة للقلّة (بما فـي ذلك القطاع المصرفـي) ومحسوبية سياسيـة مارست هيمنة علــى الادارة العامــة. إلى أن وصلنا إلى النهاية التي تمثلت فـي التوقف المفاجئ والتفكك الذي أصاب الاقتصـاد السياسـي خلال شــهر تشــرين الاول/ أكتوبر 2019 وظهر من خلال انهيـار الخدمـات العامـة الأساسية، واستمرار الشقاق السياسي الداخلي الذي قطع أوصال الدولة، واستقالة أو هجرة بعــض النخب الاجتماعيــة والاقتصاديـة التــي كانــت اســتفادت مـن هذا النموذج.
دون أن ننسى أن العبء الأكبر للأزمة كان قد وقــع علــى الفقراء والطبقــة المتوسطة والمحدودة الدخل، وهــي الفئـات التــي لـم يكـن النموذج القائم يلبي حاجاتها أصـلًا.
أمام كل هذا الواقـع، يمر لبنان بمرحلة تحــول اجتماعي وسياسي واقتصادي فــي عمليــة إعــادة تشكيل أبعادها غيـر معروفــة بعــد. ولتوضيح ذلك كان لا بد من الإضاءة على أربعة تحديات رئيسية في الجمهورية اللبنانية وهي:
1 - وضع المالية العامة.
2 - إعادة هيكلة الماليـة بشكل كلّي.
3 - تراجع الخدمـات العامـة.
4 - الوضع الجيوسياسي (الذي أنتج البعد السياسي للأزمة).
وتشكل هــذه التحديات مجتمعة عوامـل بالغة الأهمية فــي تحديــد نتائج أي عملية لمحاولة إعادة تشكيل الأوضـاع الاجتماعيــة والسياسية والاقتصادية فــي المســتقبل. فمـا قـام بـه المصـرف المركـزي مـن عمليـات شــبه ماليــة، نتيجــة ضغـوط ميزان المدفوعات، نشــأت عنهـا تكلفـة هائلة لـم تكـن ظاهـرة ولا معترف بهـا وغيـر واردة في أي تقارير.
* بالنسبة للتحدي الأول المتعلق بوضع المالية العامة، فقد لاحظنا وجود خاصيتين طبعتا هذا التحدي وهما:
ـ تراكـم الديـون لتعزيز قنوات الثقــة فــي النظــام المالــي الكلــي. وكان ذلــك ضروريا للحفاظ علــى تدفقات وافــدة قوية للودائع بسعـر صــرف ثابــت، ورفـع مبالغ فيـه لقيمـة الليـرة اللبنانيـة ممـا سـمح بالإفراط في الاستهلاك وخلق ثــروات وهميـة.
ـ تحقيـق منافع سياسـيـة وماليــة مــن التكاليــف الزائــدة المفروضــة علــى المواطنيـن والامتيازات الممنوحة للقلّة. حــدث ذلك مـن خلال قنـوات التوزيــع التي تتضمن دعــم وتحقيــق أربـاح كانــت متمركزة حول الخدمـات العامـة، ممـا زاد من ترسيخ نظــام الحصص في تقاسم السلطة.
وبناءً على ذلك تم ملاحظة خمسة حسـابات ماليـة للجمهورية اللبنانية:
1- الحسـابات الداخليـة والخارجية الرسـمية العامــة (الماليــة العامــة، ميزان المدفوعات، الديــن العام).
2- عرض الخسائر المتراكمة (غيــر المعلنة) فــي حســابات مصــرف لبنــان بشــكل رمــزي تحــت "أصــول أخــرى".
3- قيــام الحكومــة اللبنانيــة بتأجيــل أو رفــض المدفوعات المستحقة أي المتأخرات.
4- إفراط المصرف المركزي في طباعة النقود.
5- غيــاب الخدمــات العامــة الأساسية أو اتســامها بأوجه قصــور شـــديدة (وهــي الخدمــات التــي تمول من الضرائب التي يتحمل تكلفتها اللبنانيين) ومـن خـلال خدمـات بديلة عالية الكلفة تقدمها شـركات خاصــة الكهرباء، والمياه.
* أما التحدي الثاني المتعلق بإعادة هيكلة الماليـة بشكل كلي، فيحـدد هـذا القسـم القـرارات الرئيسـية السياسـات إعـادة هيكلة النظــام المالــي الكلي ــ تحديــدًا الديــن العــام وقطــاع الماليــة العامــة بشقيها النقــدي والمالــي.
ويمكننــا قيــاس بعــض الخسائر فــي النظــام، كمــا لوحــظ جزئيـًا مــن خلال ميزانيات أصحـاب المصلحـة الرئيســية الثلاثــة (الحكومــة ــ مصــرف لبنــان والقطاع المصرفـي). من هنا يمكن ملاحظة ما يلي:
- النظــام المالــي فــي لبنــان يتصف بروابـط قوية بيــن القطاعــات الماليــة والنقديــة الماليـة العامـة، ممـا جعـل أحدهـا يعتمـد عـلى الآخــر، حيـث شـكل التزامات (ديون) أحـد القطاعات أصـول القطـاع الآخـر، ممــا ربــط ميزانيتها.
- لــن تــؤدي تدابير إعـادة هيكلة الديــوان (ســواء الديـن المحلـي أو الأجنبـي) إلـى خفض نسـبة الديـن إلـى إجمالي الناتج المحلـي وإلـى أقـل مـن 100 %.
- تحمل مصــرف لبنــان والبنــوك التجاريــة خسائر ضخمة نتيجة إجــراءات إعـادة هيكلة الديــن.
- توحيـد سعـر الصـرف سيعمل علـى خفـض ميزانيات المصــرف المركــزي والبنــوك انخفاضـًـا شــديدًا.
- تمثــل إحــدى النتائــج الأساسيـة للإصلاحات فــي القطــاع المالــي فــي أحســن ملحوظ، التواجد في مركــز صافــي الاحتياطي لــدى مصــرف لبنــان والذي يقــدر حاليـا علــى نحــو سلبي نســبة عاليــة.
فــي الواقــع، لــم يكــن حجــم الميزانيات السيادية الخاصــة بمصــرف لبنــان والنظــام المصرفــي ليبلــغ أبــدًا المستويات المرتفعة التــي وصــل إليهــا عشــية الأزمــة فــي عــام 2019، لــو كانــت الجهــات الاقتصاديــة الفاعلــة تمكنـت مـن رؤيـة أن صافـي الاحتياطـي الدولـي قـد تحـول قبــل نشوب الأزمة زمــن طويــل.
* التحدي الثالـث المتعلق بتقديـم الخدمـات الأساسيـة الرئيســية للبنانيين، أوضـح أوجه الفشــل فـي المكونات الأساسية للعقـد الاجتماعـي كمـا بيّن عن ضعـف وتراجـع جـودة الخدمـات العامـة الأساسيـة فــي القطاعات التالية: المياه والكهرباء والنقــل والصحة والتعليـم والحمايـة الاجتماعيـة. حيث أدى انخفاض مســتوى الانفــاق الرأسمالي وعوامـل أخــرى، إلــى نقــص الاستثمارات فـي زيـادة قـدرات توليـد الكهربــاء وصيانة الشــبكات وإلـى إعاقـة مؤسســة كهربـاء لبنـان عـن تلبيـة الطلـب علـى الكهربـاء، ممـا عـزز اللجـوء إلـى بدائــل باهظــة التكلفــة وعاليــة التلـوث ومربحــة للغايــة يقدمها القطــاع الخــاص.
كما أدى انهيــار العملــة اللبنانية ومــا أعقبــه مــن تراجع فــي النقــد الأجنبــي علــى مسـتوى الاقتصـاد كلـه إلـى زيـادة حـادة فـي التكلفـة فــي هــذه القطاعــات. وعانت تلـك القطاعات أيضًـا مــن نقـص السلع والخدمــات داخـل الاقتصــاد، ممـا أدى إلـى تدهور نوعية الخدمات المقدمـة. وأدى ارتفـاع معـدلات التضخـم إلـى انخفـاض حـاد فـي القدرة الشرائية رواتـب موظفـي القطـاع العـام. كما فقــدت القطاعــات الحيويـة نتيجــة لذلـك آلاف الموظفيــن المؤهلين عبـر نزيـف وهجرة المـوارد البشـرية الذي تشهده البــلاد.
وأدى انتهـاء دعـم النقـد الأجنبي إلــى تفاقم الضغوطات التضخمية علــى الأسـر، مما دفع الأسـرة إلى البحـث عــن بدائـل ميســورة التكلفة مثــل نقــل أطفالهــا مــن المــدارس الخاصـة إلــى المــدارس الرسمية عنــد توفرهــا، أو ببســاطة الحــد مــن استخدامها للخدمــات كخفــض ســاعات توليــد الكهربــاء بالمولدات أو خفض استهلاك الميـاه أو تأخيـر اللجـوء للرعايــة الصحيــة.
عـلاوة علــى ذلـك، فــإن تفريغ مؤسسات الدولـة هـو نتيجـة متعمــدة تهــدف إلــى ترسيخ الامتيازات العامــة والخاصــة للمستفيدين الرئيســيين مــن اقتصـاد لبنــان بعــد الحــرب الأهلية. وتطلب استحواذ النخبـة علــى مــوارد الدولــة التحقيـق مكاسب خاصـة عبر إضعاف الخدمـات العامـة لكـي:
1- تحــل محلها عقــود القطـاع الخـاص المربحـة والمتضخمــة بالدولار الأميركي علـى سـبيل المثال: أنشطة استيراد النفـط، والمولـدات الكهربائيـة، وجمـع النفايـات، والمـدارس الخاصــة والمستشفيات.
2- تحكــم مافيات القطاع الخاص فــي تقديـم هــذه الخدمــات واستبدالها بالدولة.
من هنا ضرورة إصـلاح هــذه الســنّة الأساسيـة لنظـام مـا قبـل الأزمـة لكـي تبـدأ الماليـة العامـة والسياســة العامــة القطــاع العــام فــي لبنــان بتقديــم الخدمــات للمواطنين.
* التحدي الرابع متعلق بالوضع الجيوسياسي الذي أعطى البعد السياسي للأزمة. الأزمة الاقتصادية السياسية التـي تواجه لبنـان تعتبر من بيـن أشـد الأزمـات التي حدثت على مستوى العالم منذ أواسط القــرن التاسـع عشــر في ظل الوصفات المؤلمة، بما فيها تحرير الأسواق والاندماج الضريبي، والتي فرضت بمثابة ثمن للدعم المالي من صندوق النقد الدولي.
والمفارقة أن البنــك الدولــي كان قد أعلن عن إفـلاس نمــوذج الاقتصــاد السياسي الذي دعم طيلة 30 سنة الجمهوريــة اجتماعيًا واقتصاديًا، والذي تـم بموجبه تصدير رأس المـال البشــري مقابل التدفقات الوافــدة التــي تحــول الأنشــطة الريفيــة التــي تــؤدي إلــى تفاقم الاختلالات والتي طالت الكثير من المؤشرات. كل ذلك ظهر في ارتباط المصارف بالفساد السياسي من خلال ما حصل في العقود الماضية عبر صورة نمطية مؤلفة من (سياسيين، متعهدين، تجار عملة) حيث ظهر الفساد أنه عملية لا نهائية، نظام عمل يغذي نفسه ويطرد ويلفظ كل ما لا ينتمي اليه، وكان موجودًا في الحكومات الى الموظفين الفاسدين على المستويات الكبيرة والصغيرة..
لقد تبين أنه نظام يغذي نفسه بنفسه من شركات الى موظفين يعبثون بمعاملات الناس لكي يحصلوا على رشاوى. انهم الفاسدون يمسكون الدفة، وأي فاسد عليه أن يحافظ على دوران العجلة.. هذا ما يؤدي الى انتخاب أو تعيين أي رئيس أو مسؤول.
أمام كل هذا جاء إصرار المصارف على لعب دور الضحية ومطالبتها بإصلاح فساد السياسيين وإبعادها عنهم، هو تمايز لطالما رغبت المصارف أن تظهره للعلن على اعتبار أنها لم تقم بتمويل هذا الفساد طوال العقود الماضية، ولم تكن منغمسة فيه إلى أقصى حدود! دون أن ننسى أن أكثر من 60% من موجودات المصارف كانت موظّفة في الدين العام سواء كان على شكل سندات خزينة أم شهادات إيداع صادرة عن مصرف لبنان أم هندسات مالية مع مصرف لبنان، ما يعني أن الجزء الأكبر من إيرادات المصارف هو من المال العام الذي أنفقته وزارة المال أو خلقه مصرف لبنان.
من هنا جاء دور مصرف لبنان وجمعية المصارف بالتعاون مع آخرين عام 2019 في إحباط خطة الحكومة للتعافي المالي. لم يكن الأمر مجرّد صراع سياسي انتهى بتغلّب طرف على آخر، بل كان الأمر أشبه بجريمة مالية تهدف إلى التخلص من أي مشروع لتوزيع الخسائر بطريقة عادلة واستبداله ببرنامج يقوم على بند وحيد هو تحميل الخسائر كلها إلى المودعين والمواطنين على حدّ سواء. وهناك محاولات مستمرة لنهب الأموال بالتوازي مع إلغاء خسائر مصرف لبنان والمصارف للهروب من أي عملية مساءلة أو تحمل للمسؤولية.
في النتيجة:
وفقًا لما تقدم كان لا بد من وضع اطار عام على مستوى القوانين والمساءلة والسعي إلـى تدعيم الادارة الاقتصادية العامــة في لبنـان بطريقــة أكثـر شــمولًا عبر برنامج اصلاحي والسعى إلـى إعـادة بنـاء الثقـة وفقا لما يلي:
1- وضع برنامــج لتحقيق الاســتقرار الاقتصادي عبر لجم ارتفاع معـدلات التضخم، بسـرعة انخفاض قيمــة العملة الوطنية، وانتشــار أســعار الصــرف المتعـددة. وينبغـي وضع مسـار لاسـتمرار القـدرة علــى تحمّـل أعباء الديـن العام على أسـاس إعـادة هيكلة الديـن ووضـع إطـار مالـي مستدام، واعتماد مجموعة قويّة مــن إجراءات الحماية الاجتماعية عبر تصحيح أوضاع الماليـة العامة وإعــادة هيكلة القطــاع المصرفــي الضرورية للتعرف الكامـل على الخسائر الناتجة وفقًـا للمعاييــر المحاســبية الدوليــة، وتوزيعهــا وفقًـا للتسلســل الهرمــي للحقوق وعلــى نحـو عادل ومنصف.
2- تطبيق قوانين المساءلة والمحاسبة عبر معالجــة المصـادر الرئيســية للفســاد وعــدم الكفــاءة فــي القطـاع العــام مــن أجــل تحقيــق وفـورات فــي الموازنــة، تحســين الأثــر الانمائــي، وإعــادة بنــاء الثقــة بيــن الحكومــة والمواطنيـن مــن خـلال مــا يلــي:
❖ تعزيز إدارة الامــوال العامــة مــن خــلال إصلاحات الماليــة العامــة والاستثمار وإدارة الديون.
❖ تطبيق قانون الشراء العام الذي تم إقراره لتحقيق الشفافية والشمول.
❖ اجراء الاصلاحات في القضاء وتعزيز المساءلة مـن خـلال مكافحـة الفسـاد ويمكــن النظــر إلــى كونها الركائــز الأساســية لاصلاح القطــاع العــام.
3- إصلاح وتطويـر البنيـة التحتية المتهالكة والتي تشكل عقبة أمام التنميـة الاقتصادية والاجتماعية والصحية ومــن بيــن الخدمــات الأساسيـة الحيويـة المطلوبـة، يســجل لبنــان تأخــرًا فــي القطاعات التاليــة: (الكهربــاء - الاتصــالات - شــبكة الموانئ - النقــل- الميـاه - والصـرف الصحـي) حيث يحتاج لبنان إلـى ضخ اسـتثمارات عاجلة فـي هـذه القطاعات التـي لا تسـتطيع الدولة تحمل تكاليفها، عبر الشراكة مع القطــاع الخاص.
دون أن ننسى إعطــاء الأولويــة للاصلاحــات الراميــة إلــى الحــد مــن عجــز الماليــة العامــة فــي المؤسسـات المملوكة للدولـة، وتدعيم الادارة والتنظيم والرقابة، وتشجيع الشراكة مع القطاع الخاص.
4- اعادة احياء الفـرص الاقتصاديــة: ستوفر الأزمـة الاقتصاديــة فرصًا جديــدة تنبــع فــي المقــام الاول مــن تعديــل الاســعار المحليــة والعمليــة التــي انخفضت قيمتها. يجــب علــى الشــركات ومؤسســات التمويــل تحديــد هــذه الفرص واستغلالها لخلــق فــرص عمــل جديـدة.
وسـيحتاج لبنـان إلـى تخفيـف العـبء الـذي يلقيـه علــى كاهــل مؤسســاته مــن خــلال تبســيط العمليــات الإجــراءات، وخفــض تكاليـف التشـغيل، وإجــراء إصلاحــات أساســية لتحقيــق تكافؤ الفرص. وســيحتاج أيضًـا إلـى ضمـان قـدرة القطـاع المصرفـي علـى أداء وظيفتـه فـي اعادة لعب دور الوسيط.
5- تنمية الموارد البشرية (رأس المال البشري) يتمثل أحد الجوانب الرئيســية لاستدامة نمــو الاقتصــاد اللبنانـي فــي استعادة إمكانات رأس المــال البشــري.
وبالنســبة للبنــان، يتمثــل جــزء مــن التحــدي فــي القيــود الماليــة التــي تعوق مساندة الخدمــات العامــة الضرورية. أمــا الجــزء الاخــر مــن التحــدي فهــو كفـاءة القطــاع وإدارته.
يجــب أن تتضمــن أي إستراتيجية لتحقيــق الاســتقرار والكفـاءة الاقتصاديـة واستعادة الثقـة، الاصلاحـات التـي تدعــم تنميــة رأس المــال البشــري عبر تخصيص نفقات مالية لدعــم هــذه الاصلاحــات فــي إطــار الموازنــة العامة.
في النهاية وفي ظل تحول القوة الاقتصادية العالمية نحو الشرق شيئا مألوفا في الخطاب السياسي، الجميع يتحدثون برعب عن سرعة النمو في الصين وعن بروز الهند كلاعب جيوسياسي، وعن الأدوار المتزايدة للبرازيل وجنوب أفريقيا في العلاقات الدولية.
من هنا نرى أن الأزمة الاقتصادية السياسية المفتعلة التي يواجهها لبنـان تعتبر من أشـد الأزمـات والتي أعطت درسًا كبيرًا هو أنه لا يمكن للغرب أن يواصل الاعتقاد بأن النظام الاقتصادي سيعاد تشكيله بالشكل الذي يريده الامريكي لأنه طيلة أكثر من قرنين مارست الولايات المتحدة وأوروبا هيمنة اقتصادية وسياسية وثقافية سيئة، إن ذلك العهد في طريقه للأفول!
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024