آراء وتحليلات
السلة الكاملة بالحوار الداخلي.. الحل الأوحد للأزمة اللبنانية
د. زكريا حمودان
يعيش الشعب اللبناني أزمة اقتصادية ومالية تضربه كل يوم دون حسيبٍ أو رقيب، أما سياسيًا فهناك هوة كبيرة بين الفاعل السياسي والمواطن اللبناني الذي يبحث عن ضوءٍ ما في الأفق المسدود.
تتزامن أزمة انتخاب رئيس للجمهورية هذه المرة مع انفجار الازمة المالية والاقتصادية، مما يعني أنَّ الحلول يجب ان تكون أشمل من تلك التسويات السابقة، بالتالي فإنَّ التعقيدات الاضافية يجب ان تكون جزءًا من الحل لكي يكون الحل هذه المرة أكثر نجاعة.
بالعودة قليلًا الى الوراء، لم يحمل عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان أي حلول حقيقية للأزمة اللبنانية سوى أنه كان عبارة عن إبرة مورفين أتت من خارج الحدود ولم تكن ناجعة خاصة أنّ عهد ميشال سليمان لم يحمل أي نقلة نوعية على المستوى المالي والاقتصادي، بالاضافة الى الهفوات السياسية التي أدت إلى انهاء عهده تاركًا صبغة غير مشجعة للتجارب الممثالة.
أما عهد الرئيس السابق ميشال عون فقد بدأ بتوافق لبناني محلي أدى إلى انتخاب رئيس صناعة لبنانية، ما لبث أن انقلب عليه بعض الأطراف اللبنانية بناء على مطالب خارجية حيث كان الهدف الرئيسي من ذلك الانقلاب هو القيام بكل ما هو متاح من أجل ضرب حزب الله بشكل مباشر أو غير مباشر. أما اليوم فيعيش لبنان فراغا جديدا أكثر خطورة على المستوى السياسي والمالي والاستراتيجي على الشكل التالي:
على المستوى السياسي
تتنوع الازمة السياسية بين نكد سياسي محلي يتمثل بمصالح سياسية هنا وهناك دون التركيز على الهدف الأساسي من حقيقة العمل السياسي والذي يفضي الى تقديم رؤية متكاملة بين الحكم وحاجات المواطن. لكن المؤسف في الأمر أن بعض القوى السياسية التي تعمل خدمة لحسابات خارجية ترفض لغة الحوار الوطنية وتروج دائمًا للحوار خارج لبنان، في وقت نجد الدول الخارجية المشغولة في ملفات تتقدم على الملف اللبناني لديها بالتالي تبقى هذه القوى تنفذ الأجندات الخارجية راهنة بالتالي المواطن اللبناني للقرارات الخارجية.
على المستوى المالي
يتزامن برنامج انتخاب رئيس للجمهورية هذه المرة مع أزمة مالية عميقة جدًا وليست بريئة، كما أنها ليست أزمة داخلية فقط بل ترتبط بعوامل مالية تهدف كذلك بدورها إلى زيادة الضغط على لبنان. بالتالي فإنَّ المرحلة المقبلة يجب أن تحمل معها رئيسا للجمهورية يمتلك الرؤية المالية الجريئة لمواجهة المرحلة المقبلة وهنا لا بد من التركيز على الضغوطات المالية الأمريكية تحديدًا على مستوى التحكم بالنظام المالي الخاضع لنظام السويفت بالاضافة الى تكبيل لبنان بما يسمى عقوبات أمريكية على أصدقاء لبنان.
على المستوى الاستراتيجي وتحديدًا تعيين الحدود البحرية
قد تشكل الأزمة السياسية والمالية سدًا أمام الحلول التي يمكن أن يستفيد منها لبنان بعد انتخاب رئيس للجمهورية وبداية المرحلة المقبلة. لكن أفق الحل ليس مستحيلًا خاصة بعد اتفاق تعيين الحدود الجنوبية وخرق الحصار المفروض على لبنان على مستوى التنقيب واستخراج الثروة الغازية والنفطية. بالتالي، فإنَّ الأفق الذي فرضته معادلة قوة المقاومة على العدو الاسرائيلي يشكل فجوة كبيرة في السد الذي تفرضه السياسات الخارجية على لبنان.
انطلاقًا مما تقدم، وبالرغم من انسداد الأفق السياسي والمالي لسنوات بسبب السياسات الضغطة والهادفة إلى استهداف المقاومة، استطاعت المقاومة تقديم الحل للبنان واللبنانيين بالرغم من الأزمة وذلك بعد فرض معادلة التنقيب والاستخراج حتى على الحصار الأميركي. لكن متى ينهض من يدعون الحرص على أصوات ناخبيهم، وعلى الموقع المسيحي الأول في الشرق، ويذهبون نحو الحلول الوطنية ويجلسون على طاولة حوار داخلية ويرسمون معًا خارطة طريق تتضمن سلة كاملة، يستندون الى ما تحقق على مستوى تعيين الحدود من أجل بناء مستقبل أفضل للبنانيين؟
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024