آراء وتحليلات
التضخم سيفاقم أزمة لبنان.. والدولار الى مزيد من الارتفاع
د. زكريا حمودان
لا توجد أزمة مالية واحدة في لبنان، بل أزمات متعددة على المستوى المالي. كما أنه لا توجد أزمة اقتصادية واحدة، بل يحتاج البلد إلى اقتصاد جديد ومتكامل.
لا تصح مقاربة الملفات المالية والاقتصادية إلا عبر المقاربة الشاملة وليس المقاربة المحدودة لملف مالي أو اقتصادي، وهذا ما لم يقم به العديد من الوزراء في الحكومات اللبنانية في السنوات الأخيرة وتحديدًا عند بداية تفاقم الأزمة المالية.
ما لم يكن متوقعًا من الحكومة الحالية في مرحلتيها الطبيعية وتصريف الأعمال هو مقاربتها للأزمات بالقطعة وليس بالجملة. وهنا السؤال الأساسي المطروح: هل السبب وراء ذلك هو غياب القدرة أم غياب القرار؟
من جهة، من المؤكد أنه يوجد خلل في القدرة على تقديم الحلول مما يثبت عقم التخطيط أيضًا. أما من الجهة الأخرى، فيتضح أن لدى البعض قرارًا توجيهيًّا سابقًا للسير بمخططات محددة على المستوى المالي كصندوق النقد غير المجدي أبدًا.
سيدخل لبنان مرحلة جديدة من التضخم قد تكون أخطر من كل المراحل السابقة التي ترافقت مع انهيار سعر صرف الليرة، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الانهيارات على المستوى المالي وتحديدًا سعر صرف الليرة.
عمليًا، بدأت الدولة اللبنانية تعمل في اطار الموازنة الجديدة، مما يعني أن هناك حركة مالية جديدة رهن هذه الموازنة وهي على الشكل التالي:
١- ارتفاع رواتب الموظفين في القطاع العام بالليرة اللبنانية ٣ أضاف، مما سيؤدي إلى توزّع آلاف مليارات الليرات بين أيادي اللبنانيين شهريًا، وهذا سيعزز التضخم المالي بسبب عدم وجود خطة مالية لهذه الكميات الكبيرة التي ستدفع من الليرات.
٢- الارتفاع المفرط في أسعار السلع بسبب التذرع بغلاء الضريبة الجمركية من جهة، وغياب الرقابة الاقتصادية من جهة أخرى.
٣- غياب الثقة بالليرة اللبنانية بالتزامن مع انتشار كميات كبيرة من الليرات في السوق سيؤدي الى طلب كبير على العملات الصعبة وتحديدًا الدولار لأنها تشكل ملاذًا آمنًا للعديد من المتداولين.
٤- استمرار عمل حاكم مصرف لبنان على سد الفجوة المالية من خلال سحبه للدولارات الآتية من الخارج عبر مجموعات غير مباشرة تعمل لحسابات لديها علاقات مباشرة مع الحاكم بأمر المال، مما سيؤدي إلى المزيد من الارتفاع على مستوى سعر صرف الدولار مقابل الليرة المستمرة في الانهيار.
ما تم ذكره أعلاه لا يعني أن الموازنة سيئة للغاية، لكن مقاربة الواقع المالي في لبنان تتم بطريقة عشوائية وغير متكاملة، لذلك تسيطر الأزمات اليوم على الحلول التي من المفترض أن تسارع اليها السلطة لانقاذ ما تبقى من لبنان.
أما هذه الحلول فهي قسمين، قسم سياسي وقسم مالي.
سياسيًا، تشهد الساحة اللبنانية تصفية حسابات عقيمة بين بعض القوى السياسية التي تتعاطى في أخطر أزمة وجودية للكيان اللبناني بنكد سياسي متبادل لا أحد بريء منه. لذلك وفي ظل الفراغ الرئاسي، ستساهم هذه الأزمة ربما بتسريع عملية التفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية مع رزمة كاملة من الحلول للمرحلة المقبلة.
ماليًا، لا بد من عرض أرقام الدولة اللبنانية بشكل كامل وشامل، من دون مواربة أو حسابات خاصة وهذا ما يصعب الوصول إليه. لذلك، يجب الاسراع في تطبيق التدقيق الجنائي المالي في أرقام مختلف ادارات الدولة لمعرفة تفاصيل الخلل من جهة، واستعادة ما يمكن استعادته من المال العام من جهة أخرى.
انطلاقًا مما تقدم، لا بد من التوقف عند مشروع الكابيتال كونترول؛ فعملية استعادة ما سرق من المال العام مرتبطة بالكثير من المبالغ المالية التي تم تهريبها إلى خارج لبنان. لذلك، فإنَّ قانون الكابيتال كونترول يجب أن يكون دقيقًا في مختلف بنوده لأنه جزء مهم ورئيسي من الحل على المستوى المالي.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024