آراء وتحليلات
عين "الموساد" لم تر زعيم "داعش" قرب الجولان!
خليل نصر الله
عند تخوم الجولان السوري المحتل، في مدينة جاسم، تمكن الجيش العربي السوري بتعاون مع مجموعات محلية من قتل زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي الوهابي المدعو أبو الحسن الهاشمي القرشي، وهو عراقي الجنسية ويدعى عبد الرحمن العراقي ومعروف باسم "سيف بغداد".
وبحسب مصدر أمني سوري فإن "القرشي" قتل مع أفراد مجموعته في الخامس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر من العالم الحالي، خلال عملية أمنية نفذت ضد تنظيم "داعش" الإرهابي الوهابي في مدينة جاسم جنوب غرب البلاد واستمرت لأيام عدة.
وفي التفاصيل، التي أوردها المصدر الأمني، فإن عبد الرحمن فجر نفسه بعد الوصول إليه ومجموعته وخوض اشتباكات عنيفة معهم، وأنه مسؤول عن عمليات الاغتيال الممنهجة التي وقعت في مناطق شمال درعا.
عملية مقتل الزعيم الثالث لتنظيم "داعش" الإرهابي الوهابي، من حيث المكان (مدينة جاسم)، تطرح جملة من التساؤلات، فهو قتل في منطقة متاخمة للجولان السوري المحتل، أي على مقربة من عين "الاستخبارت" الاسرائيلية المعادية. وهذا ما يطرح تساؤلات عن دور للعدو في تغطيته أو غض النظر عنه كنوع من استثمار أعماله التخريبة لضرب الأمن السوري جنوب البلاد.
يزعم الكيان الإسرائيلي أن تنظيم "داعش" هو "إرهابي" ويشكل خطرًا عليه. وفي كثير من المقاربات الإسرائيلية التي تتمحور حول التهديد للكيان من قبل تنظيمات "إرهابية"، لطالما تم الجمع بين المقاومة في لبنان وفلسطين وبين تنظيم "داعش" كمصدر للخطر الوجودي - حسب مقارباتهم وتوصيفهم - لذا لا بد من طرح بعض الأسئلة:
• تزعم "إسرائيل" أنها تحارب أي خطر عند حدودها، وأنها تمنع حزب الله وقوى أخرى من إقامة أرضية لعمل مقاوم عند حدود الجولان السوري المحتل بل أبعد من ذلك، فكيف تمكن زعيم تنظيم "داعش" من الإقامة على مقربة من "حدودها" المزعومة دون أن تكتشفه "استخباراتها" وتعمل على تصفيته؟
• تؤكد معطيات ميدانية وأمنية أن يد الاستخبارات الإسرائيلية ضالعة في تنفيذ أعمال إرهابية وتخريبية ودعم مجموعات ارهابية ذات طابع أمني وعمليات اغتيال منظمة في جنوب سوريا، وفي ذات الوقت ثبت أن زعيم "داعش" الذي قتله الجيش العربي السوري في مدينة جاسم متورط بعمليات اغتيال وتخريب منظمة. السؤال الذي يطرح نفسه: هل من تنسيق حصل بين "القرشي" والاستخبارات الإسرائيلية في هذه العمليات التخريبية؟ أم أن الإسرائيليين كانوا على علم بوجوده وما يقوم به وغضوا النظر عنه واستثمروا بها؟
• لطالما جاهر جنرالات العدو بانجازات أمنية خارج الحدود، ووصلوا إلى حد القول إن ذراعهم الاستخبارية تضرب لمسافة 700 كيلومتر بعيدا عن "حدودهم" المزعومة. إضافة إلى أنه في بداية العام الحالي كشف رئيس أركان جيش العدو "أفيف كوخافي" عن عملية نفذها جيشه في عمق دولة "مجاورة" ــ لم يسمها ــ تشير تقديرات أنها سوريا. فهل يعقل أن من يمتلك ذراعا استخبارية ضاربة تصل إلى هذا الحد، لم يعلم بوجود زعيم "داعش" على بعد كيلومترات عدة من "حدوده" المزعومة؟!
إضافة إلى ما تقدم من تساؤلات يجب طرح بعض الملاحظات التي تلت عملية الجيش السوري النوعية، منها:
- تأكيد الجيش الأميركي في بيان له مقتل "القرشي" لكن الملفت أنه نسب العملية لما سمي سابقا بـ"الجيش السوري الحر"، وهو انتهى ولا وجود له جنوب البلاد، والمجموعات المتواجدة هناك والتي شاركت الجيش السوري بعمليته هي ممن انخرط بالتسويات والمصالحات التي حصلت عام 2018، بالتالي إن الأميركيين حاولوا التقليل من الانجاز السوري على عكس ما فعله ترامب وبايدن مع قتل الزعيمين الأولين.
- لم تلق عملية قتل القرشي قرب حدود الجولان المحتل اهتمامًا في إعلام العدو الإسرائيلي أو حتى معلقيه العسكريين، وهو أمر مدروس ومقصود. يبدو أن الرقابة العسكرية فرضت عدم تناول المسألة، أولًا لأن القرشي قتله الجيش السوري، وثانيًا لأن الأمر سيؤدي إلى طرح تساؤلات لدى المستوطنين، قد يعتبر البعض أنه إخفاق للجيش أو أن هناك تورطًا في دعم تنظيم تزعم "إسرائيل" أنها تحاربه وتفكك خلايا تابعة له كما حصل في شباط/ فبراير من العام الجاري عندما أعلن "الشاباك" عن تفكيك احدى الخلايا التابعة للتنظيم الارهابي في الناصرة.
في حال ثبت أن هناك علاقة كانت قائمة بين زعيم داعش ومجوعاته واستخبارات العدو، أو أن العدو كان يعلم بوجوده وغض النظر عنه، ففي كلا الحالتين إن الأرهاب تعرض لضربة، وهذه الضربة تؤذي "إسرائيل".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024