معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

الانتخابات النصفية الأميركية: تقارب بين الحزبين والجمهوريون أقرب للفوز
08/11/2022

الانتخابات النصفية الأميركية: تقارب بين الحزبين والجمهوريون أقرب للفوز

د. علي دربج - باحث ومحاضر جامعي

أحد أكثر الاتجاهات تأكيدًا في السياسة الأمريكية هو أن الحزب الذي يتولى البيت الأبيض يخسر مقاعد في انتخابات التجديد النصفي. على مدى عقود، كان الحزب الحاكم يتوقع أن يكون هذا الاستحاق كجرس إنذار له، فالأمريكيون يميلون عادة في هذه الانتخابات ــ في ظل حكومة منقسمة ــ إلى التصويت لتوجيه صفعة للرئيس الجالس في البيت الأبيض.
 
ما هي توقعات استطلاعات الرأي لنتائج الانتخابات النصفية؟
 
لطالما توقع الخبراء والنقّاد السياسيون أن يكون بايدن عبئًا على المرشحين الديمقراطيين في جميع أنحاء البلاد، نظرًا لأن الانتخابات النصفية عادةً ما تكون استفتاء على حزب الرئيس وسياساته وانجازاته مع المشرّعين من حزبه.

 وبناء على ذلك، تظهر متوسط استطلاعات FiveThirtyEight (موقع إلكتروني أمريكي يركز على تحليل استطلاعات الرأي والسياسة والاقتصاد والمدونات الرياضية) أن بايدن لا يحظى بشعبية كبيرة، حيث لا يوافق حوالي 54 بالمائة من الأمريكيين على العمل الذي يقوم به. كما أن الجمهوريون، يُصنفون بأنهم أكثر اقبالًا على التصويت، فيما يعاني الديمقراطيون ضعفًا ملحوظًا في الدفاع عن مقاعدهم.

علاوة على ذلك، يتمتع الجمهوريون بمزايا كبيرة من حيث إجادتهم استغلال قضايا مهمة جدا، ترتبط بالاقتصاد والتضخم، كالخبز والزبدة، والتي بدورها تشكل مخاوف اساسية للناخبين. لذا من المتوقع أن يحصدوا الاغلبية في مجلس النواب بحسب استطلاع أجرته صحيفة Washington Post وشبكة  ABC News  اواخر الاسبوع الماضي( لكن لا بد من الاخد بعين الاعتبار، ان هامش الخطأ في هذه الاستطلاعات يصل الى حوالي 4.5 نقاط.   
 
يكشف الاستطلاع أن نوايا الناخبين تجاه مجلس النواب تنقسم بالتساوي تقريبًا، حيث قال 49 بالمائة من الناخبين المسجلين إنهم سيصوتون للمرشح الجمهوري في دائرتهم، بينما قال 48 بالمائة إنهم سيصوتون للديمقراطي.
 
كم مقعدًا يحتاج الجمهوريون للفوز بمجلس النواب؟
 
يحتاج الجمهوريون 5 مقاعد فقط لاستعادة أغلبية مجلس النواب التي خسروها عام 2018. تاريخيًا، تُرجمت عدم شعبية الرئيس إلى خسارة عشرات المقاعد في مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي.

المثير في الأمر، انه ربما يكون الجمهوريون في مجلس النواب قد حصلوا بالفعل على أغلبيتهم من خلال إعادة تقسيم الدوائر. فكل 10 سنوات، يجب على الولايات إعادة رسم الدوائر التشريعية في الكونغرس والولاية، بناءً على بيانات التعداد الجديدة. ومع أنه، من المفترض أن تعكس التغييرات السكانية عملية الرسم هذه، لكن العديد من السياسيين في الولاية يستغلون الفرصة، لتأكيد قبضة حزبهم على السلطة في الدوائر التشريعية والكونغرس بالولاية (وهي عملية تُعرف باسم التلاعب في توزيع الدوائر الانتخابية).

ما هو دور ترامب في التقدم غير المحسوم للمرشحين الجمهوريين؟

لعب الرئيس ترامب السابق دورًا رئيسيًا في تشكيل الانتخابات العامة، وتدخل في المنافسات التمهيدية في كل ولاية تعد ساحة معركة، لرفع المرشحين بحزم بما يتماشى مع حركته، بما في ذلك أولئك الذين أنكروا نتائج انتخابات 2020. ولذلك انتهى الأمر بمرشحيه المفضلين بالفوز في معظم سباقات مجلس الشيوخ والحكام التمهيدية خصوصًا في أريزونا وبنسلفانيا ونيفادا.

ما يبعث على الصدمة، أن المرشحين الجمهوريين هذا العام، يمتلكون مزيجًا من قلة الخبرة السياسية والفضائح الشخصية والأيديولوجية اليمينية، فضلًا عن قيامهم بعزل الناخبين المستقلين.
 
ما هو موقع الديمقراطيين؟

في الحقيقة، إن أغلبية الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أكثر هشاشة مما هي عليه في مجلس النواب، على الورق على الأقل. إذ يحتاج الجمهوريون للفوز بمقعد ديمقراطي واحد فقط لاستعادة السيطرة على مجلس الشيوخ لمدة عامين على الأقل.
 
ما هي أهم القضايا بالنسبة للناخبين؟

 تأتي قضايا الاقتصاد والإجهاض والتضخم، في مقدمة اهتمامات الناخبين، بحسب استطلاع ABC. فالديموقراطيين لم يمتلكوا أوراق قوة لتحفيز الناخبين. بالمقابل عمل الجمهوريون، على توجيه الانتخابات النصفية نحو مكامن ضعف الديمقراطيين، من خلال تحميلهم مسؤولية ارتفاع تكاليف الوقود، وأسعار البقالة، إضافة الى اتباعهم (اي الجمهوريين) أسلوب تخويف الناخبين من الجريمة والمعابر الحدودية ورميها على كاهل الديمقراطيين.

ماذا عن  التنافس على منصب الحكام والمجالس التشريعية للولايات؟

ما لا يعرفه كثر، أنه على هامش الانتخابات النصفية، تجري انتخابات لحكام الكثير من الولايات (36 ولاية)، إضافة لسكرتيري الولايات، والعديد من المناصب السياسية المحلية في الولايات والمقاطعات.

في الحقيقة لا تقل هذه المناصب أهمية عن الكونغرس، لأن الكثير من القضايا الخلافية مثل - الإجهاض، الديمقراطية، تقسيم الدوائر الانتخابية - يتم تحديدها وحسمها حقًا في الولايات.

وتعد انتخابات سكرتيري الولايات (يمثل أعلى سلطة في الانتخابات، وهو الذي يصادق على النتائج)، مهمة جدًا، لدورهم المهم في تنظيم وإدارة الانتخابات، وتوثيق نتائجها. ففي أريزونا ونيفادا وولايات أخرى، رشح الجمهوريون لهذا المنصب الذين يمكن أن يشككوا في النتائج المشروعة للانتخابات.
 
إضافة الى ذلك، تحدث بعض أكبر السباقات الانتخابية لمنصب الحاكم في ولايات التي كانت شهدت معركة رئاسية حامية، خصوصا في ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا. ومن هنا، إذا فاز الجمهوريون بمنصب الحاكم في هذه الولايات، عندها يصبح لديهم فرصة للسيطرة على المؤسسات الانتخابية فيها، وبالتالي القيام بالتزوير عندما يقتضي الامر.

 ليس هذا فحسب، يأمل الجمهوريون في قلب الدوائر التي يسيطر عليها الديمقراطيون في كولورادو ونيفادا ومين. ولهذا قالت الخبيرة الاستراتيجية الديمقراطية كارولين فيدلر، التي تركز على سباقات الهيئات التشريعية في الولاية: "يقوم الديمقراطيون بالمزيد من الدفاع هذا العام".

ماذا يحدث إذا فاز ناكرو الانتخابات بمناصب رئيسية؟
 
في العديد من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الربيع والصيف، كان إنكار النتائج المشروعة لانتخابات 2020، هو ثمن قبولهم من قبل ترامب كمرشحين في هذه الانتخابات. وبالتالي هذا يعني أن منكري الانتخابات من المرجح أن يفوزوا في السباقات ليصبحوا أعضاء في الكونغرس، وربما أعضاء في مجلس الشيوخ، وحتى حكام أو سكريتري للولايات. وهذا يعني أنه بحلول العام المقبل، قد يكون المشككون الانتخابات مسؤولين عن انتخابات ولاياتهم، بما في ذلك الولايات المتأرجحة الرئيسية، للسباق الرئاسي لعام 2024.
 
في الختام، بالرغم من أرقام استطلاعات الرأي أعلاه، إلا أن التقارب في النقاط، يجعل توقع الفوز الحاسم لهذا الفريق أو ذاك، يعتبر أمرًا مستحيلًا، وبالتالي فإن كل ما قيل يبقى مجرد ترجيحات (قد تحتمل الصواب أو الخطأ) إلى أن تعلن النتائج في اليوم التالي للاقتراع أو بعد عدة أيام، هذا إن مرت الأمور على خير، ولم تحصل أية عملية تزوير كما هو متوقع.

الانتخابات النصفية في أميركا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل